الحزبان الحاكمان في مصر والسودان يوقعان اتفاقية تعاون في الخرطوم

مسؤول جنوبي: قنديل أكد أن القاهرة مستعدة للمساهمة في تحسين العلاقات

TT

وقع الحزبان الإسلاميان الحاكمان في مصر والسودان، المؤتمر الوطني، والحرية والعدالة، بالخرطوم أمس «اتفاقية تعاون» تضمنت العلاقة بين الحزبين والبلدين، وقعها من الجانب السوداني نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني د. نافع علي نافع، ومن الجانب المصري رئيس حزب الحرية والعدالة د. سعد الكتاتني.

واتفق الحزبان على ضرورة توثيق عرى التعاون بين الحزبين والشعبين، انطلاقا من تطابق توجهاتهما الفكرية ومنطلقاتهما النظرية، واعتبرا توقيعهما باعتبارهما حزبين حاكمين دفعا للعلاقات بين الشعبين في مجالات التعاون الحزبي والتعاون الدولي والإقليمي.

وقال نائب رئيس المؤتمر الوطني نافع علي نافع في مؤتمر صحافي عقده الحزبان عقب مراسم توقيع الاتفاقية إنهما ناقشا القضايا المشتركة واتفقا على مواصلة الحوار عبر اللجان والأمانات المتخصصة في الحزبين، وخصوصا أمانات الشباب والمرأة والطلاب.

وقال رئيس الحرية والعدالة سعد الكتاتني للصحافيين إن الحزبين وصلا إلى تفاهمات حول العمل المشترك وأكدا عمق العلاقات بين الشعبين، وبحثا سبل التعاون الذي يعود بفوائد جمة على العلاقات الاقتصادية والسياسية والخارجية بين البلدين.

وأضاف الكتاتني أن المباحثات كشفت أن الحزبين يتطابقان في الرؤى والأفكار والتوجهات والمنطلقات والأهداف الكلية، وأن التعاون بين الحزبين لن يكون على المستوى القيادي وحده، بل سيتطور إلى الكيانات والأعضاء، وأنهما اتفقا على تحديد مواعيد لزيارات متبادلة وبأعداد أكبر من القيادات الوسيطة والفنية إلى كل من القاهرة والخرطوم لتوثيق عرى الصداقة والتعاون بين الحزبين والبلدين.

وأوضح الكتاتني أن المناقشات تناولت قضية التعاون الاقتصادي، وقال: «وجدنا ترحابا من الجانب السوداني، وأبوابا مفتوحة للتعاون الاقتصادي، وأن الحدود السودانية مفتوحة للاستثمارات المصرية».

وحول القضايا الخلافية بين مصر والسودان الممثلة في النزاع الحدودي على منطقتي حلايب وشلاتين، ووجود معارضة سياسية سودانية في مصر، قال د. نافع إن السودان يرى أن العلاقات السودانية المصرية مستهدفة من «قصيري النظر» من أبناء البلدين، الذين تعميهم المعارضة السياسية للحزبين، فيستهدفون العلاقات المصرية السودانية الأزلية من باب «مكايدة للحزبين».

وأوضح أن الحزبين ناقشا القضايا الخلافية وهما يعلمان أن المعارضة سعت لهذه المعاملة في مصر، وأن المعارضة المصرية تستغل وجود المعارضين السودانيين في مصر، بيد أنه قال إنهم سيقوضون هذا العمل وسيهزمون ما سماه بـ«الأهداف الصغيرة التي تهدف إلى التشويش على العلاقات السودانية المصرية» من خلال النظرة الاستراتيجية للعلاقة بين الدولتين.

وأقر نافع بوجود نزاع حدودي بين الدولتين على منطقتي حلايب وشلاتين، وأن مصر - لو كانت - تقوم عليها حكومات تقدر العلاقة بين الشعبين لما احتاج حل النزاع إلى هذا الوقت.

ووصف العلاقات بين البلدين بأنها «تتجاوز الحدود والنزاعات الصغيرة»، وأن السودان لن يجعل منها قضية تشغل مصر الآن، لأنه يرى أنها تتصدى لقضايا كبيرة جدا، وأنه سيدرس لاحقا هذه الخلافات في إطارها وحجمها ونسبتها إلى المصالح الكبرى بين الشعبين، وأن مصر لن تطمع في السودان، ولن يطمع السودان في مصر بغير مبرر، ولن يحتاج البلدان إلى تدخل أو وساطة خارجية.

من جهته قال الكتاتني إن الرئيس المصري محمد مرسي سيزور السودان الأسبوع الأول من شهر أبريل (نيسان) المقبل، مرجعا تأخر زيارته إلى أن جدوله كان مشغولا جدا، لكنه يضع الخرطوم على رأس أولوياته.

إلى ذلك أعلنت مصر عن إنشاء منطقة صناعية في جنوب السودان بمساحة مليوني متر مربع تخصص للتصنيع الزراعي، وأبدى رئيس الوزراء المصري استعداد مصر للمساهمة بكل ما تملك من نفوذ في تحسين العلاقات بين الخرطوم وجوبا، غير أن الاجتماعات بين المسؤولين الجنوبيين والمصريين لم تتطرق إلى مشكلة دول حوض النيل، في وقت وعد المسؤولون المصريون بتنظيم مؤتمر استثماري لصالح جوبا يهدف إلى جذب المستثمرين العرب.

ورحب رئيس جمهورية جنوب السودان سلفا كير برئيس الوزراء المصري هشام قنديل ووفده المرافق خلال مأدبة غداء أقامها في القصر الرئاسي بجوبا أمس، وقال كير إن مجالات الاستثمار في بلاده مفتوحة أمام رجال الأعمال المصريين، خصوصا أن جنوب السودان يتطلع إلى قيام مشروعات في مجال البنيات التحتية.

وقال وزير الإعلام والبث الإذاعي في جنوب السودان دكتور برنابا مريال بنجامين لـ«الشرق الأوسط» إن قنديل أكد استعداد بلاده المساهمة بفعالية في تحسين العلاقات بين الخرطوم وجوبا بعد أن وقعتا الثلاثاء الماضي في أديس أبابا مصفوفة تنفيذ اتفاقيات التعاون، وأضاف: «لكن الأولوية الآن بالنسبة لمصر استكمال المشاريع التي كانت بدأتها في جنوب السودان في مجالات الصحة والتعليم والزراعة والكهرباء»، مشيرا إلى أن هناك اتفاقية تعاون تم التوقيع عليها أمس وستقوم برعايتها لجنة عليا من البلدين، وقال إن المشاريع الجديدة تشمل البنيات التحتية والاستثمارات في مجالات مختلفة، معتبرا أن الزيارة لها بعدها في العلاقات بين القاهرة وجوبا، وقال إن مصر وعدت بعقد مؤتمر استثماري لصالح جنوب السودان، وأوضح أن القاهرة تعهدت بأن يخصص جانب من مؤتمر المستثمرين العرب الذي يتوقع أن يعقد في الكويت للاستثمار في جنوب السودان، وقال إن مؤتمرا كان قد تم عقده للاستثمار في جنوب السودان في عام 2009 خلال فترة تولي عمرو موسى الأمانة العامة للجامعة العربية.

من جانبه قال رئيس الوزراء المصري هشام قنديل الذي قام بزيارة رسمية أمس إلى جوبا هي الأولى بعد انتخاب الدكتور محمد مرسي والثانية لمسؤول مصري بعد ثورة 25 يناير إن بلاده تقف مع دولة جنوب السودان وستعاملها معاملة خاصة، وأضاف أن دولة الجنوب جديدة وتحتاج من كل العالم إلى أن يقفوا معها، وقال: «تناقشنا حول إنشاء منطقة صناعية في جوبا للتصنيع الزراعي تستفيد منها الدولة الجديدة ومصر وباقي دول المنطقة»، مشيرا إلى أن بلاده ستعمل على جذب الاستثمارات من دول وأطراف أخرى إلى الدولة الجديدة.

وحول التطورات في دول حوض النيل ووضع جنوب السودان فيها قال قنديل في تصريحات مقتضبة إن لجوبا دورا يمكن أن تلعبه لتقريب وجهات النظر بين دول الحوض، في إشارة إلى الخلافات بين دول الحوض بعد توقيع عدد من دولها اتفاقية جديدة لتقاسم مياه النيل رفضته الخرطوم والقاهرة وهما دولتا العبور والمصب لأنها تنقص من حصتهما المقررة منذ عام 1959، معتبرا أن بلاده تقف مع هذا الدور الذي يمكن أن يسهم في تحقيق الاستقرار لدول الحوض».