بارزاني يخير بغداد بين شراكة «حقيقية» أو أن «يسلك كل طرف طريقا يناسبه»

في الذكرى الـ25 لقصف حلبجة الكردية بالأسلحة الكيماوية

مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان خلال مؤتمر ضحايا حلبجة والأنفال في أربيل أمس (أ.ف.ب)
TT

خير رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني السلطات الاتحادية في بغداد، أمس، بين عقد شراكة «حقيقية» أو أن يسلك كل طرف «الطريق الذي يراه مناسبا» في حال لم يتحقق ذلك.

وقال بارزاني في افتتاح «المؤتمر الدولي حول جرائم الإبادة بحق الأكراد» في أربيل عاصمة الإقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي «هل نحن شركاء وحلفاء أم لا؟ لماذا لسنا شركاء حتى الآن؟ وإذا كان الأمر يتعلق بالتبعية فنحن لا نقبل التبعية». وأضاف «إذا كان الجواب نعم، فنريد شراكة حقيقية وليس مجرد أقوال. وإذا كان الجواب لا، فليسلك إذا كل طرف الطريق الذي يراه مناسبا»، من دون أي توضيحات إضافية.

وشهدت العلاقة بين أربيل وبغداد مؤخرا تدهوا إضافيا بسبب إقرار البرلمان العراقي للموازنة العامة في غياب النواب الأكراد الذين كانوا يطالبون بإضافة 4.5 مليار دولار قيمة مستحقات شركات النفط الأجنبية العاملة في الإقليم. ويمثل هذا الخلاف فصلا جديدا في سلسلة الخلافات بين الإقليم الكردي والحكومة في بغداد، وجزءا من الأزمة السياسية العامة التي تعيشها البلاد منذ عشية الانسحاب العسكري الأميركي نهاية 2011. ورأى بارزاني الذي ارتدى الزي التقليدي الكردي أن العراق وبعد عشر سنوات من إسقاط نظامه السابق، يعيش «أزمة حقيقية على كل الأصعدة سببها الرئيسي عدم الالتزام بالدستور».

ويتهم بارزاني ومعه أطراف سياسية أخرى رئيس الوزراء نوري المالكي، الذي يحكم البلاد منذ 2006، بالتسلط والتفرد بالحكم، علما بأن خصوم المالكي حاولوا في السابق سحب الثقة منه في البرلمان من دون أن ينجحوا في ذلك.

في موازاة حديث بارزاني، أكد مسؤولان كرديان، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن التحالف الكردستاني في حالة تشاور لاتخاذ موقف كردي موحد من الأزمة السياسية في العراق، مشيرين إلى أن «الخيارات مفتوحة». وقال نائب رئيس الوزراء روز نوري شاويس، على هامش المؤتمر ردا على سؤال حول إمكانية انسحاب التحالف الكردستاني من الحكومة المركزية في بغداد، إن «المفاوضات مستمرة، ونحن نتشاور لاتخاذ موقف كردي موحد».

من جهته، قال فاضل ميراني، سكرتير المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني «لم ينسحب الوزراء، لكن هناك تشاورا على اعتبار أن هناك أفكارا لا تنسجم مع العراق الجديد». وأضاف «نحن مع الأغلبية البرلمانية، إنما في مجتمع ذو قومية واحدة وطائفة واحدة»، في إشارة إلى تلويح رئيس الوزراء نوري المالكي بإمكانية تشكيل حكومة أغلبية تأخذ مكان حكومة الشراكة الوطنية الحالية.

وردا على سؤال حول احتمال انسحاب التحالف الكردستاني من الحكومة، قال ميراني «هناك احتمال محدد، والخيارات مفتوحة، ولكل فعل رد فعل».

ومؤتمر أربيل الذي يعقد تحت شعار «من الدموع إلى الأمل» ويستمر ثلاثة أيام، ينظم بمناسبة مرور 25 عاما على حملة الأنفال التي راح ضحيتها آلاف الأكراد إبان نظام صدام حسين. ويحضر المؤتمر مسؤولون عراقيون بينهم وزير الخارجية هوشيار زيباري وهو كردي، ونواب في البرلمان، إلى جانب دبلوماسيين أجانب سابقين وحاليين بينهم السفير الأميركي السابق لدى العراق زلماي خليل زاد.

وفي هذه المناسبة، أصدر رئيس الوزراء نوري المالكي بيانا اعتبر فيه حملة الأنفال «إحدى أبشع جرائم» النظام السابق، من دون الإشارة إلى التوتر السياسي الحاصل بين بغداد وأربيل. وقال المالكي إن «استهداف مدينة حلبجة وأهلها الأبرياء بالأسلحة الكيماوية أضاف صفحة سوداء أخرى إلى السجل الإجرامي للنظام السابق، وشكل علامة فارقة في مدى الظلم والجور الذي بلغه». وأضاف أن «النظام الديكتاتوري ارتكب أبشع الجرائم ضد الإنسانية، والعراقيون دفعوا نتيجة جرائم الإبادة وسياسات التمييز تضحيات جسيمة خلال تصديهم لحكم النظام المقبور».

وتابع المالكي، الذي يواجه انتقادات حادة من الساسة الأكراد حاليا، أن «حجم الجرائم التي استهدفت الشعب العراقي من أقصاه إلى أقصاه وحّده ضد الظلم والديكتاتورية، ويجب أن تبقى هذه الجرائم ماثلة في أذهان العراقيين جميعا لتدفعهم نحو الوحدة والتكاتف والمضي قدما إلى الأمام ومنع عودة الماضي بمآسيه وذكرياته الأليمة». وتقدم المالكي بالتعازي إلى عموم الشعب العراقي وإلى الشعب الكردي العزيز وبالأخص منهم عوائل شهداء مدينة حلبجة الشهيدة، بحسب البيان.