مسلحون يقتحمون مبنى وزارة العدل وسط بغداد وانتحاري يفجر نفسه في طابق الإعدامات

اختطاف مرشح لانتخابات مجالس المحافظات مع أفراد عائلته في تكريت

عراقيون يتابعون الدخان المنبعث نتيجة تفجيرات وزارة العدل في جانب الكرخ ببغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

«يوم الخميس» الذي يطلق عليه العراقيون منذ بدايات تأسيس الدولة العراقية الحديثة أوائل عشرينات القرن الماضي بأنه «نصف دوام»، وهو ما يجعل الغالبية العظمى من الناس تحجم عن مراجعة الوزارات والدوائر الرسمية في هذا اليوم، تحول منذ أكثر من شهرين ونصف الشهر ومع بدء المظاهرات في المحافظات الغربية إلى يوم للقلق لدى أهالي العاصمة بغداد، بسبب الإجراءات المبالغ فيها التي تقوم بها الأجهزة الأمنية في انتظار أن يمر يوم الجمعة الذي بات يوما للصلوات الموحدة بسلام.

لكن المسلحين، خاصة مسلحي «القاعدة»، لهم فلسفتهم الخاصة التي اعتمدوها منذ أكثر من ثلاث سنوات، وذلك بجعل يوم الخميس اليوم المفضل لكل ما يحلو لهم القيام به من تفجيرات وعمليات تفخيخ واقتحامات للسجون ولمراكز الشرطة وغيرها. في مقابل ذلك فإن الإجراءات الأمنية التي تتمثل في كثرة نقاط التفتيش (السيطرات) وقطع الشوارع والجسور والتي تصيب المواطنين بكل أشكال التذمر تبدو بالنسبة للجماعات المسلحة إجراءات مثالية، مثلما حصل أمس عندما اقتحم مسلحون مجهولون يرتدون أحزمة ناسفة مبنى وزارة العدل. وبعد معركة مع الحراس الذين قتل معظمهم وبانتظار مجيء قوات مكافحة الإرهاب كان أحد الانتحاريين من حملة الأحزمة الناسفة يعرف طريقه جيدا إلى طوابق الوزارة، فصعد إلى الطابق الثاني ليفجر نفسه بهدف محو أثر أحكام الإعدام، حيث إن هذا الطابق وطبقا للمعلومات هو طابق الإعدامات. والحصيلة دائما بالمئات بين القتلى والجرحى، أما الجهة التي يجري اتهامها فكثيرا ما تعترف بما قامت به قبل أن يرتد للأجهزة الأمنية طرفها.

الوقائع تقول إن الهجوم بدأ بتفجير ثلاث سيارات مفخخة عند مدخل الوزارة والشارع المؤدي لها، وبعد نحو خمس دقائق من التفجير اقتحم المسلحون المبنى. وبينما تمكنت قوة من الجيش من دخول المبنى، في حين راحت طائرات الهليكوبتر تحوم فوق سماء المكان، فإن الجثث كانت تتناثر على الأرض. وطبقا للإحصائيات فإن عدد القتلى 23 شخصا من بينهم الانتحاريون الثلاثة وأكثر من 40 جريحا، والحصيلة قابلة للزيادة لأن العشرات من الجرحى تم نقلهم للمستشفيات.

وكيل وزارة العدل بوشو إبراهيم، أكد لـ«الشرق الأوسط» أمس، بينما كان يتم إخراجه من البناية لإنقاذه كأبرز مسؤول في الوزارة، لأن وزير العدل حسن الشمري غير موجود بل هو مسافر إلى ليبيا، أنه بخير ولم يصب بأذى، وأن احد أفراد حمايته قد جرح أثناء اقتحام المسلحين المبنى. وعن كيفية إخراجه وسط النيران قال إبراهيم «الجيش هو من تولى إخراجي من أحد الأبواب الخلفية، وأنا الآن أصبحت في مأمن تماما، ولكني أسمع أصوات الاشتباكات، ولا تزال الصورة (لحظة الاتصال الهاتفي به) غير واضحة وننتظر فترة أخرى لكي نعرف حقيقة ما جرى». وأضاف إبراهيم أن «هناك قتلى وجرحى حتى من بين الموظفين وليس فقط من بين القوات العسكرية التي اقتحمت المبنى، وأن المعلومات التي بحوزتي تشير إلى أن الجهات العسكرية قد فرضت سيطرتها على الوزارة وأن الأمور تحت السيطرة».

أما عضو البرلمان العراقي وعضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية مظهر الجنابي، فقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المسألة تتعدى كونها مجرد خرق أمني، بل باتت أقرب ما تكون ضحكا على الذقون، وأنني كعضو برلمان وعضو لجنة أمن ودفاع أشعر بالخجل مما يجري». وأضاف الجنابي أن «المعلومات تشير إلى أن المسلحين الذين اقتحموا الوزارة كانوا يرتدون ملابس الأجهزة العسكرية، وهذا يعني أن لديهم هويات تلك الأجهزة وأسلحة تلك الأجهزة، وهو ما يجعلهم يسرحون ويمرحون»، معتبرا أنه «من المعيب أن يجري اختراق الوزارات الأمنية بهذه الطريقة، خصوصا إذا ما علمنا أنه بين كل سيطرة وسيطرة عشرة أمتار»، متسائلا «أين المخبر السري في مثل هذه الحالات، أم أن دوره يقتصر على معاقبة الأبرياء؟». وحمل الجنابي رئيس الوزراء العراقي والقائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي مسؤولية ما حصل قائلا إن «المالكي هو من يتحمل المسؤولية، والمصيبة أنه لا توجد معلومة استخبارية صحيحة، وكل طرف يحاول أن يرمي الكرة في ملعب الطرف الآخر، والنتيجة كل يوم كارثة أسوأ من التي تسبقها».

من جانب آخر، أعلنت الشرطة العراقية أن مرشحا لانتخابات مجالس المحافظات ووالده وخمسة من أقاربه خطفوا قرب بيجي في محافظة صلاح الدين أثناء توجههم للترويج لصالح مرشحهم.

وقال مقدم في الشرطة لوكالة الصحافة الفرنسية إن «مسلحين مجهولين اختطفوا الشيخ قيس عبد الكريم الجنابي، كبير عشيرة الجنابات في محافظة صلاح الدين، وولده عبد الكريم المرشح لانتخابات مجلس محافظة صلاح الدين». وأوضح أن «خمسة من أقربائهما كانوا معهم اختطفوا عند وصولهم إلى ناحية الصينية 15 كم غرب بيجي» التي تقع على بعد 220 كم شمال بغداد.

وفي حادث منفصل آخر، نجا مرشح آخر للانتخابات في المحافظة ذاتها من انفجار عبوة لاصقة بسيارته الخاصة قرب مدينة سامراء. وأوضح مقدم في الشرطة أن «عبوة لاصقة انفجرت بسيارة خالد حسين الدراجي أسفرت عن مقتل سائقه وإصابة ثلاثة عمال كانوا في موقع الحادث». وشغل الدراجي سابقا منصب محافظ صلاح الدين.