الشيخ خالد الملا: العراق يتعرض لهجمة إرهابية دولية تستخدم الطائفية غطاء لها

رئيس جماعة علماء العراق: أتمنى أن يكون رئيس الوزراء ورئيس البرلمان لكل العراقيين

خالد الملا
TT

دعا الشيخ خالد الملا رئيس جماعة العلماء جنوب العراق إلى تغليب الهوية الوطنية على الطائفية، التي اعتبرها ضياعا للوطن، وقال في حوار لـ«الشرق الأوسط» إن «العراق يتعرض لهجمة إرهابية دولية تستخدم الطائفية غطاء لها»، وحمل المسؤولية «لرجال السياسة والدين» وطالب الجميع بـ«إنهاء المشكلات الراهنة»، كما توقع «تشكيل حكومة سياسية بعيدة عن طائفية تمنع أن يكون الوزير في الحكومة والمعارضة في وقت واحد». واعتبرها «من الأخطاء التي وقع فيها العراق»، وقال إن «رئيسي الوزراء والبرلمان يمثلان كل الشعب العراقي»، وأشار إلى أن «تنظيم القاعدة سيطر على منصات المتظاهرين»، وطالبهم «بتغليب مصالح الوطن والحوار».

وفي ما يلي نص الحوار:

* هل لديكم مخاوف من عودة الطائفية في العراق؟ وكيف يمكن التغلب عليها واحتواء مخاطرها؟

- تغليب الصوت الطائفي والادعاء بالدفاع عن المذهب والطائفة أعتبرها اليوم تجارة خاسرة، وكلما تعالت الأصوات التي تدافع عنها ضع مكانها شيئا آخر وهو ضياع الهوية الوطنية، واليوم من المفوض؟ ليس فقط على رجال الدين وإنما أيضا رجال السياسة أن لا يضروا بالهوية الوطنية لأن الوطن للجميع والدين لله، وهو مسألة شخصية بين الله وخلقه، وأنا أعبده بالمذهب الحنفي وذاك بالشافعي وهذا بالجعفري وهذا يعبد حسب الديانة المسيحية المسيح وذاك بالديانة اليهودية، وهكذا، حتى إن القرآن الكريم حينما تكلم قال: «لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ»، والآخر أطلق أيضا أنه صاحب دين وإن اختلفوا في الفكر والعقيدة والثقافة. إذن تغليب الطائفية في أي مكان وليس في العراق هو الخطر الحارق، لماذا؟ لأن الطائفية هي صنيعة الأيادي الأجنبية والتي يستغلها أعداء الإنسانية وليس أعداء الإسلام، وهي الأرض الرخوة التي يخترق من خلالها الوطن، وبالتالي إذا أردنا مجتمعات وطنية عربية متماسكة اجتماعيا فعلينا أن نغلب موضوع الهوية الوطنية لأن إضاعتها هي ضياع للوطن كله.

* كيف ترون مسألة اضطهاد السنة في العراق؟

- هذا ادعاء، نحن لا نقول كم نسبة التهميش أو الإقصاء لهذه الفئة أو تلك، لكن نقول إن كل مشكلة اليوم وخصوصا في العراق علاجها الحوار، وما عدا ذلك طرح الموضوع يعد طريقة للذريعة وللتصعيد السياسي داخل العراق، بمعنى أننا نتحدث عن تهميش، واليوم كل مكونات الشعب العراقي مشتركة في صياغة العراق الجديد، لكن لا يمكن لبلد أن يكون به رئيس وزراء سني، ورئيس وزراء شيعي، ورئيس وزراء مسيحي، ورئيس وزراء كردي، ولا بد لرأس الدولة أن يكون من طائفة وأن تكون المناصب الأخرى من كل مكونات الشعب العراقي، ومعروف أن رئيس البرلمان أسامة النجيفي هو من القيادات السنية المهمة.

* كيف ترى العلاقة بين النجيفي والمالكي والانتقادات الموجهة إلى رئيس الوزراء؟

- أتمنى وكل العراقيين معي أن يكون رئيس الوزراء ورئيس البرلمان رئيسين لكل العراقيين، وبالتالي لا يمكن لرئيس البرلمان أن يكون رئيسا لطائفة نحترمها وإنما يمثل كل العراقيين، لكن ما نلاحظه في بعض الوزارات أن الوزير يأتي بمن يتبعه من طائفته ويخرج الطوائف الأخرى، وأعرف بعض الوزراء الذين يأتون بعشيرتهم وقبيلتهم، وهذا شيء خطير، وبالتالي لا بد وأن تعلو المسألة الوطنية فوق أي مذهب.

* كيف ترون دعوة النجيفي للوزراء المعارضين بترك مواقعهم والذهاب إلى المعارضة فقط، وكذلك الاتهامات الموجهة إلى المالكي بأنه لا يلبي مطالب المحتجين في محافظات العراق. وما رؤيتك للمستقبل؟

- بالنسبة لمطالب المتظاهرين في بدايتها كانت مشروعة والجميع أعلن بأنها مشروعة، وهناك بعض المطالب من اختصاص الحكومة وبعضها من اختصاص البرلمان والأخرى من اختصاص القضاء، وأعتقد أن الحكومة تشكل لجانا لحل المشكلات وخصوصا إطلاق السجناء ورفع الحجز عن عشرة آلاف عقار كانت محجوزة لبعض قيادات حزب البعث، وكذلك إعطاء الرواتب التقاعدية لمن بلغ السن القانونية، أو الذي لم يصل إلى التقاعد عاد إلى عمله، أما قضية السجناء فليس من المعقول أن تطلق الحكومة سراح الجميع، وهذا ليس من اختصاصها، وأنا عضو في لجنة التقصي والتحري على السجينات، وحينما دخلنا إلى ساحة القضاء العراقي وجلسنا مع لجنة الإشراف القضائي وجدنا أنه لا بد من الدراسة الدقيقة لإبراز هل لأن هذا الموقوف أو الموقوفة تستحق السجن أو الإفراج.

* من يقوم بهذه العمليات الإرهابية في تقديركم؟

- «القاعدة» تعترف واعترفت مؤخرا بمقتل الجنود السوريين على الحدود العراقية ومعظم الجرائم الأخيرة، ومنها التي حدثت في كركوك أو في البصرة وديالى وبابل، فماذا تفعل الحكومة؟ بل ولا أي حكومة في العالم أمام هذه الهجمة الإرهابية إلا أن تلقي القبض على من تشتبه بهم ثم تطلق سراح الأبرياء وتبقي المجرمين، لأن هذه الجرائم تحدث إما بدوافع سياسية وإما مالية، وبعضها مرتبط بأجندة خارجية من هنا وهناك، مؤسسات دولية خارجية تدعم هذه التنظيمات.

* ماذا عن مطالب المتظاهرين؟

- هم يرفضون الاستماع لكلام الحكومة، وكل وسيط بينهم وبين الحكومة هم لا يقبلون به، وبالتالي فنحن نعول على وعي أبناء الشعب العراقي، وهنالك مئات من رجال الدين يرفضون هذا الخطاب الطائفي، وكذلك رجال العشائر، وفي كل يوم نشهد لقاءات مع المسؤولين، ولا بأس أن يأتي عشائر البصرة والأنبار وأن يطرحوا على رئيس الحكومة ما يريدون دون تهديد أو تحريض أو الدعوة لتأسيس جيش العزة والكرامة أو دعم «القاعدة» لهم كما سمعنا من بعض المنظمين للمظاهرات، مع العلم أن «القاعدة» هي التي تسيطر على كثير من هذه المنصات وبالتالي «القاعدة» تزعج جميع الإنسانية في أي دولة على مستوى العالم، وهل تعلمون أن مليون عراقي قتل على أيدي «القاعدة» ودولة العراق الإسلامية على مدار عشر سنوات وباعترافها منذ عام 2003؟

* هل تتوقع حوارا بين الحكومة والشخصيات المختلفة من السنة والبرلمان؟

- أتوقع انفراجا في الأزمة وحوارا بين الجميع بسبب الوعي الوطني عند الكثير من العراقيين من علماء دين وشيوخ عشائر ومثقفين وسياسيين، وسوف نتمكن من عبور المرحلة، ولا بأس، فهو خيار أضعف الإيمان كما يقال. إن تشكل حكومة من أغلبية سياسية يشترك فيها الجميع، لكن ليس على أساس المحاصصة، ويبقى الإخوة المعارضون في المعارضة لأنه لا يمكن أن يجمع الوزير بين الحكومة والمعارضة في وقت واحد، وهذا واحد من الأخطاء التي وقعنا فيها في العراق، قدم مع المعرضة وقدم مع الحكومة، وأنا أعتقد أن العراق سينهض من جديد، وهذه النهضة تحتاج إلى الجميع، وعليه أدعو كل العراقيين من خلال منبر «الشرق الأوسط» إلى أن يركزوا على الهوية الوطنية ويتركوا الهوية المذهبية لأنها شخصية بين الإنسان وربه.

* ما أهداف زيارتكم إلى القاهرة الأسبوع المقبل؟

- تهدف إلى تقديم الدعوة لبعض الشخصيات الدينية في مصر للمشاركة في المؤتمر الإسلامي الدولي للحوار والتقريب بين المذاهب الذي يعقد في بغداد يومي 27 و28 أبريل (نيسان) وتحت رعاية رئيس الجمهورية جلال طالباني وبإشراف وتنفيذ نائب الرئيس خضير الخزاعي، وسوف يشارك في المؤتمر شخصيات دينية من داخل وخارج العراق بهدف كسر الطوق الطائفي ولإرسال رسالة سلام واضحة من بغداد والتعايش بين بني الإنسان بغض النظر عن انتمائه المذهبي أو الطائفي أو القومي أو الحزبي، لأن الاحتراب الطائفي لا يستهدف العراق فقط وإنما يستهدف كثيرا من الدول العربية والإسلامية لأن التطرف هو العدو الأول للإنسان.