مسيرة للعاطلين في جنوب الجزائر تطالب الحكومة بتبني مطالبهم

منسق لجنة الدفاع عنهم: لا نثق في قرارات المسؤولين ونضالنا السلمي سيستمر

TT

تحولت المسيرة التي دعت إليها اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق العاطلين في الجنوب الجزائري، إلى تجمع احتجاجي بـ«ساحة الحرية» بمحافظة ورقلة الصحراوية، حيث طالب من خلالها الشباب المحتج الحكومة الجزائرية بضرورة تبني مطالبه، وتحويل الإجراءات والقرارات المعلن عنها من طرف الوزارة الأولى إلى واقع ملموس. وقال الطاهر بلعباس، المنسق الوطني للجنة، إن «الاحتجاج رسالة واضحة للسلطة المركزية في الجزائر العاصمة مفادها أن اللجنة ستستمر في نضالها السلمي حتى تحقيق مطالبها».

وكانت اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق العاطلين التي تضم مجموعة من التنظيمات والجمعيات والحقوقيين دعت إلى مسيرة «مليونية» احتجاجا على تصريحات نسبت لرئيس الوزراء، عبد المالك سلال، وصف فيها الشباب المحتج على البطالة بالجنوب الجزائري يوم 24 فبراير (شباط) الماضي بأنهم «شرذمة».

وحركت الدعوة إلى المسيرة الحكومة الجزائرية لاحتواء الوضع، من خلال إصدار سلال لتوجيهات تهدف إلى «إملاء عدة تدابير كفيلة بضمان تسيير شفاف وصارم لسوق العمل في محافظات الجنوب الجزائري»، وهي التوجيهات التي نجحت إلى حد ما في امتصاص غضب المحتجين، وتحولت المسيرة إلى تجمع احتجاجي، بعد دعوة عدة أطراف لضرورة التعقل وعدم جر المنطقة إلى صراع قد تكون له تداعيات خطيرة على الجزائر مستقبلا.

وقال بلعباس لـ«الشرق الأوسط» أمس من محافظة ورقلة إن «المسيرة شارك فيها آلاف الشباب بساحة البلدية»، التي أطلق عليها اسم «ساحة التحرير». وأشار بلعباس إلى أن «اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق العاطلين تمكنت من تجاوز التهديدات الممارسة ضدها من أجل عدم تنظيم هذه المسيرة»، وقال في هذا الإطار «نجحنا في تنظيم المسيرة وفي تجاوز التهديدات الممارسة ضدنا، كما نجحنا في عدم جرنا إلى العنف مع عناصر الأمن الموجودة بكثرة». وذكر بلعباس أن «تجمع الشباب العاطل أمس كان رسالة للإدارة مفادها أننا مصرون على مواصلة نضالنا السلمي إلى غاية استرجاع كامل حقوقنا». وأضاف «إذا لم يكن هناك رد فعل إيجابي من السلطة المركزية في الجزائر العاصمة فإن الأمور ستتطور مستقبلا بشكل خطير»، محملا السلطة المركزية مسؤولية «أي تطور خطير في هذا الملف».

وبخصوص موقفه من الإجراءات التي أعلن عنها مؤخرا رئيس الوزراء في مجال التشغيل بمناطق الجنوب الجزائري قال بلعباس «لا نثق لا في مسؤولينا ولا في قراراتهم، ولا في إجراءاتهم، لأننا نملك تجربة طويلة في هذا المجال». ويعتبر بلعباس أن «كل القرارات السابقة في هذا الموضوع كانت حبرا على ورق»، ويوضح «نحن نطالب بأشياء ملموسة لأن كل القرارات والمراسيم والزيارات البروتوكولية لا تعني شيئا بالنسبة لنا».

وأشار بلعباس إلى أن المسيرة شارك فيها الآلاف من الشباب. وقال إن «السلطة كانت تتوقع أن يكون عدد المشاركين بالعشرات فقط»، وأضاف «لجأت الإدارة إلى لصق مختلف التهم بمنتسبي اللجنة الوطنية للدفاع عن العاطلين من أجل إجهاض المسيرة». ورغم ذلك قال بلعباس «لم ننجح بالصورة التي كنا نريدها، لكننا نجحنا إلى حد ما في تنظيم هذه المسيرة».

ورفض بلعباس بالمناسبة اتهامات موجهة للجنة متمثلة في استنساخ ظاهرة الربيع العربي في الجزائر من خلال قوله «نحن لسنا معنيين بالربيع العربي»، مشيرا إلى أن «من خرجوا في المسيرة لا يمثلون كل المجتمع بل فئة العاطلين فقط، أما اتهامنا من طرف السلطة بالعمالة لأطراف أجنبية فهذه التهم مردود عليها ولا أساس لها. لا يوجد بيننا من يتعامل مع الأجانب ويتآمر على أبناء شعبه ووطنه، لكن النظام هو من يقوم بذلك والأدلة موجودة، وأكبرها الصفقات المشبوهة مع كبرى الشركات المتعددة الجنسيات في الجنوب الجزائري».

وبخصوص موقفه من تعامل وتفاعل الطبقة السياسية مع مطالب الشباب العاطل في الجنوب الجزائري، قال بلعباس «نحن لا نثق في الأحزاب السياسية لأن هذه الأحزاب لا تملك أي برامج للتكفل بفئة الشباب وحل مشاكلهم الاجتماعية، هذه الأحزاب تستعمل هذه الفئة كشعارات سياسية فقط خلال مختلف المواعيد الانتخابية». وقال في هذا السياق «رفعنا أمس عدة مطالب أهمها رحيل سلال الذي وصفنا بـ(الشرذمة)، ونحن نعتبر اعتذاره عن تصريحه غير كاف».

وبخصوص الخطوات المستقبلية، قال بلعباس «هذا الأمر يعود إلى أعضاء اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق العاطلين، فبعد يومين أو ثلاثة أيام سيكون هناك اجتماع تقييمي، حينها ستتم مناقشة الخطوات التي سنقوم بها في حالة استجابة أو عدم استجابة السلطة لمطالبنا المشروعة».