العالم الإسلامي يأمل في علاقات أفضل مع البابا فرنسيس الأول

ردود فعل ترحيبية واسعة باختيار برغوليو على رأس الفاتيكان

TT

عبر العالم الإسلامي عن أمله أمس في علاقات أفضل مع الفاتيكان بوجود البابا الجديد فرنسيس بعد سنوات من العلاقات المتردية مع البابا السابق بنديكتوس السادس عشر الذي تم انتقاده على مواقف اعتبرها المسلمون معادية للإسلام.

فقد دعا الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، أكمل الدين إحسان أوغلي، إلى «ضرورة استثمار هذه المناسبة الطيبة بانتخاب البابا الجديد لتطوير وتحسين العلاقات بين الإسلام والمسيحية واستعادة الصداقة الحميمية بين الديانتين السماويتين». وجدد أوغلي الدعوة إلى نشر فكرة «المصالحة التاريخية بين الإسلام والمسيحية»، وهي فكرة قال إن المنظمة عملت على نشرها طوال السنوات الثماني الماضية، أي خلال حبرية بنديكتوس السادس عشر، حسبما جاء في برقية تهنئة من المنظمة التي يوجد مقرها في جدة بالمملكة العربية السعودية.

من جانبه، قال محمود عزب، مستشار شيخ الأزهر أحمد الطيب لشؤون الحوار «نهنئ كنيسة القديس بطرس والكاثوليك في العالم بتنصيب البابا الجديد، ونتمنى أن تسود بيننا علاقات أفضل لخدمة الإنسانية كلها». وأضاف «نتمنى أن تنشأ جسور جيدة ومتينة لحوار متوازن وفعال بين العالم الإسلامي والفاتيكان، حوار للتوافق حول القيم العليا المشتركة التي تحفظ للإسلام كرامته وتحققها على أرض الواقع». وأكد عزب «بمجرد أن نرى توجها جديدا سنعود فورا إلى الحوار، الذي كنا علقناه لأن مواقف الفاتيكان لم تكن تدعو إلى التقارب».

وكانت الخلافات بين الفاتيكان والمسلمين قد بدأت بسبب تصريحات البابا بنديكتوس السادس عشر في جامعة ريجينسبرغ الألمانية في سبتمبر (أيلول) 2006، والتي ربط فيها بين الإسلام والعنف.

ولم يصدر عن البابا الجديد في اليوم الأول من حبريته تعليق بخصوص العلاقة مع المسلمين، إلا أنه أعرب في المقبل عن أمله في الإسهام في «تقدم العلاقات بين اليهود والكاثوليك». وقال في رسالة موجهة إلى رئيس الجالية العبرية في روما نشرت أمس «أملي كبير أن أتمكن من الإسهام في التقدم الذي شهدته العلاقات بين اليهود والكاثوليك اعتبارا من المجمع الفاتيكاني الثاني بروح من التعاون المتجدد وفي خدمة عالم يمكن أن يبقى على الدوام على تناغم مع إرادة الخالق». وهكذا يضع البابا الجديد نفسه على طريق سلفه بنديكتوس السادس عشر.

وبدوره، هنأ رونالد لودر، رئيس المؤتمر اليهودي العالمي، البابا الجديد على انتخابه، وكتب قائلا «البابا فرنسيس الأول ليس غريبا عنا. في السنوات القليلة الماضية حضر الكثير من المناسبات التي جمعت ممثلين للأديان ونظمها المؤتمر اليهودي العالمي وفرعنا الإقليمي المؤتمر اليهودي لأميركا اللاتينية»، مضيفا أنه اجتمع معه في بوينس آيرس عام 2008. وأشاد لودر بالبابا الجديد «كرجل يتمتع بخبرة ويعرف عنه عقله المتفتح.. رجل يؤمن بالحوار وقادر على بناء الجسور مع الديانات الأخرى». وقال «نتطلع لاستمرار العلاقة الوثيقة التي تعززت بين الكنيسة الكاثوليكية واليهود خلال العقدين المنصرمين».

وتوالت ردود الفعل الترحيبية بانتخاب البابا الجديد، خصوصا لجهة قدومه من أميركا اللاتينية. فقد عبرت الصين التي طالما كانت علاقاتها فاترة مع الفاتيكان بسبب خلاف حول السلطة على الكاثوليك في البلاد، عن أملها في أن يعتمد رئيس الكنيسة الكاثوليكية الجديد موقفا أكثر انفتاحا. وصرحت المتحدثة باسم الخارجية الصينية هوا شونيينغ «نهنئ الكاردينال برغوليو على انتخابه على رأس الكنيسة الكاثوليكية» و«نأمل أن يعتمد الفاتيكان في ظل الإدارة الجديدة موقفا مرنا وبراغماتيا من أجل تحسين العلاقات بين الصين والفاتيكان». وعبرت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية التي تقيم علاقات صعبة أيضا مع الكنيسة الكاثوليكية، عن تفاؤل أكبر.

وقال مكتب بطريرك موسكو وعموم روسيا كيريل، في بيان، إن الكنيسة الأرثوذكسية الروسية «تراهن على تطور العلاقات بين الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية بطريقة إيجابية». ووجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برقية تهنئة كتب فيها «أنا واثق من أن التعاون البناء بين روسيا والفاتيكان سيستمر بنجاح على أساس القيم المسيحية التي تجمعنا». وأضاف بوتين «أتمنى لقداستهم الصحة والسعادة، وأن تأتي جهودكم من أجل تعزيز السلام والحوار بين الحضارات والأديان ثمارها».

من جانب آخر، دعا المجلس الوطني السوري، أبرز مكونات الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة، البابا الجديد إلى الإقدام على «لفتة خاصة» تجاه الشعب السوري. كما هنأ الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس البابا الجديد ودعاه إلى زيارة إسرائيل في أسرع وقت ممكن لتشجيع السلام في «منطقة مضطربة». وفيما رحب قادة آخرون وكاثوليك في أنحاء العالم بانتخاب البابا الجديد، وجهت إليه دعوات للعمل من أجل المصالحة بين الأديان والسلام. وقال رئيس الفلبين بنينو أكينو، رئيس أكبر دولة كاثوليكية في آسيا، إن انتخاب البابا يبعث آمالا «بالتجديد» في الكنيسة الكاثوليكية.

وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيسة الأرجنتين كريستينا كيرشنر، الأربعاء، من أول المهنئين للبابا الجديد في أميركا. وصرح أوباما بأن انتخاب البابا «يشهد لقوة وحيوية منطقة تؤثر أكثر فأكثر في عالمنا». وأضاف «كما كنت أثمن عملنا مع بنديكتوس السادس عشر، أتطلع للعمل مع قداسته من أجل دفع السلام والأمن الكرامة قدما لكل البشر بغض النظر عن انتمائهم الديني». أما كيرشنر الكاثوليكية، التي لا تقيم علاقات جيدة مع الحبر الأعظم الجديد، فتمنت له «مهمة رعوية مثمرة». وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن أمله في أن يواصل البابا الجديد تعزيز الحوار بين الأديان على غرار سلفه بنديكتوس السادس عشر. وتمنى الاتحاد الأوروبي للبابا ولاية حبرية «طويلة ومباركة» لكي يتمكن من «الدفاع عن قيم السلام الأساسية وعن التضامن والكرامة البشرية». ووجه رئيس أساقفة كانتربري جاستن ويلبي «مباركته إلى البابا فرنسيس ليواجه المسؤوليات الكبيرة التي تنتظره على رأس الكنيسة الكاثوليكية».