حكومة العريض تتسلم رسميا مقاليد السلطة في تونس.. وعبو يقدم استقالته من أمانة «المؤتمر»

جنازة البائع المتجول الذي أحرق نفسه تتحول إلى مظاهرة ضد «النهضة»

علي العريض رئيس الحكومة التونسية الجديد يتسلم مهامه رسميا من سلفه حمادي الجبالي أمس (رويترز)
TT

تسلم علي العريض، القيادي في حركة النهضة الإسلامية، ورئيس الحكومة الجديدة أمس بشكل رسمي مقاليد السلطة من رئيس الحكومة المستقيل حمادي الجبالي، الأمين العام لحركة النهضة.

وقال الجبالي خلال تسليم السلطة «بدأنا نرسي تجربة جديدة في التداول على السلطة وتسليمها لأهلها بطريقة متحضرة، ولهذا معنى كبير». وأضاف: «الأشخاص في انسحاب أو زوال، والدولة قائمة ودائمة».

وأعرب الجبالي مازحا عن «إشفاقه» على العريض، الذي سيرأس الحكومة لفترة قصيرة ومليئة بالتحديات لكنه أكد «ثقته» في قدرة العريض على النجاح.

وانتقد الجبالي «المنظرين لفشل» حكومة علي العريض قبل شروعها في العمل. وقال: «سوف يحكم التاريخ على هذه الحكومة وعلى نتائجها».

ولفت إلى أن من «ينظر لفشل هذه الحكومة يراهن على فشل التجربة» الديمقراطية الوليدة في تونس.

ومضى يقول: إن حكومته التي استقالت يوم 19 فبراير (شباط) الماضي «لم تفشل» مثلما تقول المعارضة، مذكرا بأنها حققت نموا اقتصاديا بنسبة 3.6% سنة 2012 مقابل انكماش اقتصادي بنحو 2% سنة 2011.

وتابع: «آمل أن تكون الانتخابات (العامة) سريعة. وأنا متأكد أن العريض سيسلم مقاليد الحكم إلى حكومة منتخبة».

وأضاف «سيحكم التاريخ على الحكومة الماضية ونتائجها». وأضاف: «لا تتعجلوا في إطلاق نعت الفشل على الحكومة». وذكر الجبالي أن حكومته عملت في ظروف صعبة وكذلك الأمر بالنسبة للحكومة الجديدة. وقال: إن البعض لم يفهم معنى الاعتذار للشعب واعترف في خطابه بالقول «لقد قصرنا وأكيد أننا قصرنا ولكننا لم نفشل».

من ناحيته، قال العريض «كنا وما زلنا وآمل أن نبقى نناضل لا لدنيا نصيبها ولا لمراكز نتقلدها. حلمنا أن يكون لنا دور في حمل هموم الأمة والشعب».

وأضاف: «التنمية الاقتصادية والرفاه (الاجتماعي) والتقدم العلمي والتكنولوجي (..) هذه طموحاتنا».

ومن ناحيته، أشار رئيس الحكومة الجديدة في أسلوب بين الجد والهزل إلى أنه «حان وقت الصمت مع العمل بعد أكثر من يومين من الكلام والخطب المتواصلة». وقال: إن الثورة حققت أهدافا كثيرة للتونسيين من بينها التمتع بالحرية وانتظار التنمية الاقتصادية والرفاه والتقدم العلمي والتكنولوجي» واعتبر أن الأمن جزء ثابت من عملية النمو والتقدم. وقال: إن تحمل المسؤوليات الحكومية في هذا الظرف الصعب يعتبر «مغامرة صعبة». ودعا الفريق الحكومي إلى «الدعم والسند والمساندة».

إلى ذلك، تحولت جنازة البائع المتجول عادل الخزري (27 عاما)، الذي أحرق نفسه قبل يومين في قلب العاصمة احتجاجا على تردي ظروفه المعيشية، إلى مظاهرة شارك فيها مئات الأشخاص في قرية سوق الجمعة من ولاية جندوبة (شمال غرب).

وقالت مراسلة وكالة الصحافة الفرنسية إن نحو 400 شخص من المشاركين في جنازة الشاب تجمعوا أمام منزل عائلته ورددوا هتافات معادية لحركة النهضة الإسلامية الحاكمة.

وبعد انتهاء الجنازة توجه عشرات الشبان على متن سيارات إلى مركز ولاية جندوبة للتظاهر ضد ارتفاع نسب الفقر والبطالة في منطقتهم.

على صعيد آخر، قدم محمد عبو، الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، أهم شريك لحركة النهضة في الحكم، استقالته من منصبه بصفة رسمية. وقال: إنه انتظر تشكيل الحكومة الجديدة حتى يقدم استقالته إلى المكتب السياسي للحزب. وأرجع أسباب الاستقالة إلى «خرق قيادات الحزب لقرارات المجلس الوطني للحزب».

وشغل عبو منصب وزير الإصلاح الإداري في حكومة الجبالي قبل أن يقدم استقالته نهاية يونيو (حزيران) 2012. ويتولى الأمانة العامة لحزب المؤتمر على أثر خلاف حاد نشأ بين عبد الرؤوف العيادي والطاهر هميلة، القياديين في الحزب، وتنافسهما على منصب الأمين العام.

يذكر أن عبو كان قد أعلن استقالته في الأسابيع الماضية، بيد أنه تراجع عنها. وأثارت هذه الاستقالة جدلا كبيرا في الساحة السياسية.

وحول هذه الاستقالة التي لم تفاجئ الساحة السياسية، قال عبو لـ«الشرق الأوسط» إن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية يعاني من مشاكل التواصل في داخله. وأضاف أن قيادات سياسية خرقت قرار المجلس الوطني للحزب. واعترف بوجود خلل واضح في معالجة ملف الحكامة ومحاسبة الفاسدين. وقال: إنه توجه في السابق بطلب إلى الرئيس المرزوقي للضغط باتجاه حسم تلك الملفات إلا أنه سجل «تباطؤا في معالجة الموضوع» وأبدى انزعاجا من ذلك.

وبشأن ما راج من أخبار حول استعداد عبو للترشح لرئاسة الجمهورية خلال الانتخابات القادمة، وتقديم استقالته من حزب المؤتمر للتفرغ لهذا الهدف، قال عبو إنه لا رغبة لديه في منافسة المرزوقي في الانتخابات الرئاسية القادمة. وأضاف أنه تم الاتفاق على ترشح المرزوقي لمنصب الرئاسة منذ المؤتمر الثاني للحزب الذي عقد نهاية أغسطس (آب) الماضي. وذكر عبو أنه يفكر في تأسيس حزب سياسي جديد بمرجعية فكرية مختلفة عن السائد وتهدف إلى القطع مع الماضي والقضاء على الاستبداد، ولاحظ أن مشاورات قد انطلقت، ومن المرجح أن يقع الإعلان قريبا عن الحزب الجديد الذي سيضم وجوها سياسية تؤمن بنفس التوجهات وتحترم الآراء المخالفة وتصر على تطبيق القوانين.

من ناحية أخرى، أعلنت سفارة الولايات المتحدة بتونس عودة موظفيها إلى العمل بعد نحو ستة أشهر من الانقطاع عنه على أثر الأحداث التي جرت يوم 14 سبتمبر (أيلول) 2012. وأشارت وزارة الخارجية الأميركية في بيان لها إلى أن «السفارة الأميركية في تونس لم تعد خاضعة لأمر المغادرة، ولكنها ستواصل العمل بعدد محدود من الموظفين سبب المخاوف الأمنية».