المعارضة الإسرائيلية: نتنياهو أقام حكومة خاضعة للمستوطنين

نائب عربي في الكنيست: هذه وزارة تحمل في طياتها بذور الانهيار القريب

TT

قبل أن يطرح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تركيبة حكومته للمصادقة عليها في الكنيست (البرلمان)، بادر قادة المعارضة إلى إصدار بيانات يجمعون فيها على أنها ستكون حكومة خاضعة لسيطرة الاستيطان والمستوطنين وستعرقل مسيرة السلام وتضع إسرائيل في عزلة دولية أشد من عزلتها الحالية، وأنها ستكون حكومة مؤقتة تسقط في القريب، بسبب التناقضات الكبيرة بداخلها.

ووعدت زعيمة المعارضة، شيلي يحيموفتش رئيسة حزب العمل، بأن تقود نواب المعارضة الكبيرة (52 من مجموع 120 نائبا) «بشكل فاعل لتكون معارضة حقيقية تحرص على مصالح مواطني إسرائيل، بلا تمييز في الدين أو العرق أو الجنس أو الفقر والغنى». وتعهدت في الوقت نفسه بأن تدعم المعارضة كل خطوة إيجابية لإنجاح مسيرة السلام أو خدمة الطبقات الفقيرة والمتوسطة، بوصفها معارضة بناءة. وقال رفيق يحيموفتش في حزب العمل، النائب ايتان كابل، إن هذه الحكومة ستفجر عملية السلام بواسطة توسيعها مشاريع الاستيطان.

وقالت زعيمة حزب ميرتس اليساري الصهيوني، زهافا غلأون، إن المستوطنين سيطروا في هذه الحكومة على مراكز القوى الاقتصادية، التي ستوسع المشروع الاستيطاني. ففي أيديهم وزارة التجارة والصناعة ووزارة الإسكان ولجنة المالية البرلمانية. ولديهم وزير دفاع مريح، هو موشيه يعلون من الليكود، الذي يتمتع بكامل الصلاحيات على الأرض والبناء في الضفة الغربية بوصفها مناطق محتلة موجودة بأيدي إسرائيل منذ عام 1967. ومن خلال هذه الأطر يتم تمرير الأموال للمستوطنات بلا حسيب أو رقيب. وقال رفيق غلأون في الحزب، النائب هوروفيتس، إن البشرى التي تزفها هذه الحكومة هي الارتفاع الهائل في المصالح التجارية والإسكانية والميزانيات للمستوطنين على حساب عملية السلام.

وقال النائب دوف حنين من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، إن هذه الحكومة هي تعبير صارخ عن تحالف لافت للنظر ومؤسف ما بين المستوطنين وأصحاب الرساميل ورجال الأعمال. ورفض حنين أن يتمنى للحكومة القادمة النجاح قائلا: «إنها حكومة خطيرة ونجاحها لن يكون إلا على حساب المصالح الحيوية في إسرائيل، وخصوصا السلام والرفاه». ودعا إلى إقامة معسكر مضاد للائتلاف من أحزاب المعارضة.

وفي الشارع العربي في إسرائيل قال النائب الدكتور جمال زحالقة، رئيس التجمع الوطني الديمقراطي، إن الحكومة الجديدة تختلف عن سابقاتها، بكونها «غير مستقرة»، وتبدو من الآن قصيرة العمر، وتحمل داخلها بذور انهيارها. وعناصر عدم الاستقرار في الائتلاف الجديد كثيرة، ويكفي بعضها لانهياره بسرعة. أولها محاكمة وزير الخارجية السابق، أفيغدور ليبرمان، التي قد تمنعه من تولي أي منصب وزاري، وهذا يؤدي على الأقل إلى تخفيف دعمه للحكومة وعدم اكتراثه، وربما رغبته في سقوطها. ثانيها عدم الانسجام السياسي في عدد من القضايا، وثالثها بداية المنافسة حول ليكود ما بعد نتنياهو، حيث يسود اعتقاد بأن حكومته الثالثة هي الأخيرة، ومن هنا قيادة جديدة ومنافسة متجددة حول زعامة حزب الليكود. هذا عدا عن هزات قد تتعرض لها الحكومة الجديدة بسبب أمور محتملة مثل أزمة اقتصادية وضغط دولي وتصدعات داخل أحزاب الائتلاف.

وأضاف زحالقة: «بالذات لأن الحكومة غير مستقرة، فهي قد تكون خطيرة جدا. وقد تلجأ، كما لجأت قيادات إسرائيلية في الماضي، إلى سياسات أكثر عدوانية وإلى شن حملات عسكرية لضمان توحيد الصف السياسي وللحصول على مزيد من دعم الشارع للحكومة. ولكن حتى من دون هذا الدافع تبقى الحكومة الجديدة متطرفة ليس أقل من سابقاتها، فالليكود أكثر يمينية اليوم من الماضي، وحزب البيت اليهودي هو حزب المستوطنين وهو اليوم أقوى عدديا وأشد تطرفا، أما حزب لبيد فهو يترك السياسة للكبار، ويتعاون مع نتنياهو في العمل على تهميش القضية الفلسطينية داخليا وخارجيا».

من ناحية أخرى، ينظر إلى تعيين تسيبي ليفني مسؤولة عن المفاوضات مع الفلسطينيين على أنه «نكتة سياسية» ليس أكثر. ويكفي أن غالبية الوزراء وغالبية نواب الائتلاف الحكومي يعارضون نتنياهو حتى في طرحه «حل الدولتين»، المعروف للجميع بأنه بائس وغير جدي. فقد تباهى نتنياهو بأن الإنجاز الأكبر لحكومته السابقة هو تهميش القضية الفلسطينية دون التعرض لضغوط دولية حول ذلك أو حول تكثيف الاستيطان وتهويد القدس وحصار غزة. وهو ينوي الاستمرار في هذه السياسة، وهو يعتقد أن وضع القضية الفلسطينية جانبا، والتأكيد على الملف الإيراني، هو مصلحة استراتيجية عليا لإسرائيل، وليس له ولحزبه ولسلامة ائتلافه فقط.

واعتبر زحالقة أن السياسة الحكومية تجاه الفلسطينيين في الداخل استمرار للسياسات السابقة، وقال إنه لا يوجد أي دليل على أن الحكومة الجديدة ستكون أقل عنصرية وتطرفا من سابقتها، بل على العكس هي «متحفزة لتطبيق سياسات أكثر تطرفا وعدوانية، وهي تنوي تنفيذ مخططات ومشاريع لمحاصرة الوجود العربي الفلسطيني في الداخل، وهي بالتالي تفرض علينا المواجهة».