السوريون يحيون الذكرى الثانية للثورة.. وعودة قوية للحراك المدني

في جمعة «عامان من الكفاح ونصر ثورتنا قد لاح» خرج المواطنون في عشرات من نقاط التظاهر رغم أصوات القصف من حولهم

سوريون يؤدون رقصة الدبكة في قصر البستان في حلب احتفاء بمرور عامين على الثورة (رويترز)
TT

لبى عشرات الآلاف من السوريين دعوات التظاهر التي أطلقها الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، إحياء للذكرى الثانية لانطلاق الثورة المطالبة، بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، الذي صادف يوم أمس.

ففي جمعة «عامان من الكفاح ونصر ثورتنا قد لاح»، خرج السوريون في عشرات من نقاط التظاهر وأصوات القصف تتردد من حولهم.

وأظهر شريط فيديو بثه الناشطون على مواقع الثورة متظاهرين في بلدة سلقين بمحافظة إدلب يسيرون في الشوارع محيين الجيش الحر، ومطالبين بإسقاط نظام الأسد، ومن فوقهم تحلق طائرات «سوخوي» تابعة للطيران الحربي السوري، وغير بعيد عن موقع التظاهر سقط صاروخ أودى بحياة أكثر من 5 أشخاص.

وفي الحولة بمحافظة حمص، وسط البلاد، قصفت الحواجز المحاصرة للبلدة مظاهرة، مما أدى إلى تفرق المشاركين فيها وتوزعهم في الأزقة. أما في دوما، بريف دمشق، نقلت مواقع الثورة وقائع صلاة الجمعة على الهواء مباشرة. وقد اعتلى المنبر الشيخ أبو محمد دلوان، وألقى خطبة شديدة اللهجة انتقد فيها بشدة مفتي الجمهورية، أحمد حسون، الذي أفتى مؤخرا بالجهاد إلى جانب النظام.

وطالب الشيخ دلوان المفتي بقليل من الخجل والحياء أمام ما يجري في البلاد، مضيفا أن «الشعب الأعزل قاد المسيرات السلمية أشهرا طويلة، وكنا نُستفتى فلا نفتي بحمل السلاح، حتى غلبنا الشباب وخرجوا عن فتوانا فحملوا السلاح حين اشتدت وطأة الظلم على الناس، وحينما شرد الناس من بيوتهم وبلادهم، وحين ملئت السجون من أبنائنا رجالا ونساء».

وتحدث الشيخ دلوان عن الأوضاع الإنسانية الصعبة في دوما المحاصرة تحت القصف العنيف، وقال: «أنا أدهش؛ كيف ينادي حسون بصيحة للنفير العام، وأن ينفروا إلى جانب الطاغوت»، وقال: «إن كل الفساد الذي مارسه حسون بكفة وفتواه بالقتال إلى جانب النظام في كفة». وخلال أداء صلاة الجمعة، بدأ القصف على محيط الجامع، فطلب من المصلين النزول إلى القبو والتريث بالخروج من الجامع. وخرجت مظاهرات حاشدة في معظم مناطق ريف دمشق، في مشهد سريالي، أصر خلاله المتظاهرون على أن تكون مظاهراتهم احتفالات شعبية، رقصوا وغنوا فيها للثورة والحرية في مناطق الهامة والعسالي والحجر الأسود ومخيم اليرموك والتل ودوما وزملكا وسقبا وحرستا وغيرها.

وكانت المظاهرات الأكبر في محافظة الرقة شمال شرقي العاصمة، التي خرج فيها الشباب والشابات يرفعون رايات «الرقة حرة»، وذلك بعد أكثر من أسبوع عن إعلانها مدينة محررة من قوات النظام، ووجه المتظاهرون هناك رسالة إلى الائتلاف الوطني السوري لزيارتها بصيغة ساخرة: «فنادقنا خمس نجوم.. بانتظار زيارتكم».

وخلال اليومين الماضيين، كثف الحراك المدني من حضوره، لا سيما في العاصمة دمشق، وفي أجرأ نشاط، قام الناشطون في دمشق وداخل المربعات الأمنية بإطلاق ألعاب نارية احتفالا بالذكرى الثانية لانطلاق الثورة في أحياء ركن الدين والبرامكة، وخرجت مظاهرة طيارة لشباب وصبايا في شارع برنية في ركن الدين، على بعد أمتار من الحواجز المحيطة بمقر الأمن السياسي، وقاموا بكتابة شعارات الثورة على الجدران، وألقوا المنشورات الثورية وقصاصات الأوراق في الشوارع. أعقب ذلك حملة اعتقالات واسعة في ركن الدين والمجتهد والبرامكة، وجرى اعتقال العشرات من الشبان في استعادة لأحداث العام الأول من الثورة حين كانت المظاهرات السلمية والمنشورات تقض مضجع الأجهزة الأمنية.

ومن المشاهد اللافتة في احتفالات السوريين بالثورة، قيام أطفال حي العسالي جنوب العاصمة بإحياء المناسبة في أحد المساجد المدمرة، فأتوا برغيف الخبز ووضعوا عليه الشموع ليكون كعكة العيد، وقالوا: «اخترنا رغيف الخبز لنقول للعالم في بداية العام الثالث نموت من أجل الخبز»، واخترنا الجامع المدمر ليرى العالم ماذا فُعل بثورتنا السلمية.

وأظهرت فيديوهات الاحتفال عشرات الأطفال ومعهم شبان قلة من الناشطين ومقاتل واحد من الجيش الحر، وقال إنه شارك لمدة عام بالمظاهرات السلمية في حيي العسالي والقدم، التي واجهها النظام بالبطش والقتل المتوحش، وأضاف أن «تخاذل العالم أجمع دفعه إلى حمل السلاح للدفاع عن النفس»، وقال إن دم السوريين في أعناق حكام العرب والعالم، وتوجه بطلب للمفتي الجمهورية بأن «يطلب السماح لجيش النظام بالصلاة قبل أن يفتي بالجهاد إلى جانبه».

على صعيد المواجهات بين الجيش النظامي والحر، واصلت قوات النظام دك حي برزة شمال شرقي العاصمة، لليوم الرابع على التوالي، بالصورايخ ومدافع الهاون، ولا تزال جثث لمدنيين قتلوا برصاص قناصة النظام ملقاة في الشوارع منذ عدة أيام، ولا يستطيع أحد الوصول إليها.