«خرج ولم يعد».. رحلة البحث العراقية عن مفقودي الحرب الطائفية

عضو حقوق الإنسان البرلمانية: ميليشيات الأحزاب قتلت الكثير من العراقيين

بائع عراقي في سوق (الباب الشرقي) وسط بغداد يعرض ميداليات وتذكارات بينها عملات ورقية عراقية تحمل صور الرئيس العراقي الراحل صدام حسين (رويترز)
TT

ليس فيلما من إخراج محمد خان وبطولة يحيى الفخراني وفريد شوقي وليلى علوي أيام ازدهار السينما المصرية بل هو حقيقة مرعبة عاشها العراقيون سنوات الحرب الطائفية (2006 ـ 2008) من إخراج الأحزاب المشاركة في السلطة وبطولة ميليشياتها والإرهاب الذي فتح له الأميركيون الحدود العراقية على مصراعيها. الحرب بين الميليشيات والتنظيمات الإرهابية المسلحة كان ضحيتها المباشرة عشرات آلاف العراقيين ممن لا يزال البحث المستحيل جاريا عنهم من قبل أهاليهم وذويهم. التقرير الذي نشرته وكالة الصحافة الفرنسية وعبر شهادات حية لعراقيين ما زالوا في رحلة بحث يعكس إحدى أهم الحقائق المرة عن تلك الحرب التي كان يجري فيها القتل على الهوية. كوثر شهاب أحمد لا تزال تأمل بأن يكون شقيقها الذي اختطف في بغداد عام 2007 على أيدي رجال يرتدون زي الشرطة، محتجزا في سجن سري في مكان ما، رافضة فكرة أن يكون قتل. وأركان واحد من آلاف العراقيين الذين فقد أثرهم على مدار عشر سنوات منذ غزو البلاد عام 2003. بعضهم اختفى بطريقة غامضة، وآخرون اقتيدوا بالقوة أمام أعين أقربائهم.

وتقول كوثر «نأمل إن شاء الله، إنشاء الله، أن يكون في السجون السرية»، في إشارة إلى مراكز اعتقال حكومية تحدثت عنها منظمات حقوقية ونفت السلطات العراقية وجودها في البلاد. أما السجون السرية فإنه وطبقا للمعلومات التي كشفتها لـ«الشرق الأوسط» عضو البرلمان عن القائمة العراقية وعضو لجنة حقوق الإنسان وصال سليم علي «هي ليست سجونا تحت الأرض مثلما يفهم الناس». هذه المعلومة الجديدة التي كشفتها عضو لجنة حقوق الإنسان البرلمانية قد تكون علامة يأس جديدة أمام كوثر وآلاف غيرها ذلك أن «هذه السجون (والكلام لوصال) هي موجودة ونعرف بوجودها مثل سجن الشرف الذي كان تابعا للواء 56 في الجيش العراقي سميت سرية لأنها تدار من قبل جهات ليست معنية بإدارة السجون» مشيرة إلى أن «سجن الشرف وبعد أن اعترضنا عليه تمت إحالته قبل ستة شهور إلى وزارة العدل وهو يدار الآن من قبلها». وردا على سؤال بشأن ما إذا كانت اللجنة تتحرك حتى الآن من أجل هذا الملف الإنساني قالت وصال «إن اللجنة تردها طلبات كثيرة وتسأل بموجبها الجهات المسؤولة ومنها وزارة حقوق الإنسان أو الداخلية أو الدفاع لكن المشكلة التي نواجهها دائما هي إجابة هذه الجهات هي أنه لا توجد قاعدة بيانات». وصال تعزو ذلك إلى أن «غالبية الأحزاب المشاركة في السلطة آنذاك لديها ميليشيات تقتل الناس علنا وعلى الهوية». أما وزارة حقوق الإنسان وعلى لسان المتحدث باسمها كامل أمين فقد أبلغ «الشرق الأوسط» أن «الوزارة لا تزال تتعامل مع هذا الملف وأنها تلقت حتى الآن أكثر من 15 ألف طلب بذلك» مشيرا إلى أن «أي طلب تتم معالجته من قبل قاعدة المعلومات التي نملكها وفي حال لدينا معلومات نخبر أهله وبعكس ذلك نطالب الجهات المسؤولة عن ذلك من أجل معرفة مصيره» مشيرا إلى أن «معظم المفقودين إنما راحوا ضحية العمليات الإرهابية وأن هناك مقابر لضحايا الإرهاب يتم كشفها بين فترة وأخرى». العراقيون الباحثون عن ذويهم وطبقا للمعلومات البرلمانية والحكومية قد لا يصلون إلى نتيجة إيجابية في يوم من الأيام. واستنادا للتقرير فإن الخطف أصبح بعد غزو العراق أمرا شائعا بالنسبة إلى الجماعات المسلحة، وتزايدت معدلاته بعد الهجوم على مرقد الإمامين العسكريين، المرقد الشيعي في سامراء شمال بغداد، والذي كان شرارة الحرب الطائفية الدامية بين السنة والشيعة التي قتل فيها الآلاف من الجانبين. وفي الوقت الذي تراجعت فيه معدلات العنف في العراق، رغم أن حوادث التفجير والاغتيال تبقى شائعة وبوتيرة يومية، تبحث آلاف العائلات عن أقرباء فقد أثرهم، متمسكة بأمل أن يكونوا على قيد الحياة.