أمين عام «النهضة» الجزائرية لـ «الشرق الأوسط»: قطع الطريق والاحتجاج بعنف أصبحا السبيل الوحيد لتحقيق المطالب

رئيس الحكومة يحل اليوم ببشار لشرح إجراءات التهدئة المتخذة في إطار التشغيل بالجنوب

د. فاتح ربيعي
TT

قال الدكتور فاتح ربيعي، أمين عام حركة النهضة الإسلامية الجزائرية، إن الإجراءات العاجلة التي اتخذتها الحكومة في مجال التشغيل في جنوب البلاد لإزالة شعور حاد بالاحتقان لدى سكان الصحراء «لا تعدو كونها إجراءات ترقيعية، لأن سياسة التشغيل وتولي الوظائف في الجزائر مبنية على أساس الولاء وليس على الكفاءة والخبرة وتكافؤ الفرص بين جميع الجزائريين».

وذكر ربيعي، في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، أن الغليان الكبير في ولايات الجنوب سببه شعور سكان هذه الولايات بالتمييز في توزيع عائدات النفط بين مناطق الشمال والجنوب، وأن السلطة «لا تملك نظرة متكاملة للتشغيل والتكوين، وما دمنا نعتمد على ريع البترول ولا توجد خطوات جادة نحو الاقتصاد المنتج للثروة والمستقطب لليد العاملة، وما دام الفساد المالي والإداري والاحتقان السياسي والاجتماعي هو الغالب، فإن الأحداث ستتكرر والحلول الجزئية ستتكرر أيضا». ويقصد ربيعي بالأحداث مظاهرات صاخبة جرت أول من أمس (الخميس) بعاصمة النفط ورقلة (800 كم جنوب العاصمة)، احتجاجا على نقص مناصب الشغل وغياب التنمية.

وأفاد ربيعي بأن «المحطات التي مرت بها الجزائر في مختلف أزماتها - وتعاطي السلطة مع تلك الأحداث - كانت في الغالب تنتهي إلى تسويق شعارات غير قابلة للتنفيذ، وتلجأ لخطابات البكاء والمؤامرة الخارجية، وشراء السلم الاجتماعي بضخ أموال لا تعود بالفائدة على المجتمع، بقدر ما تزيد من الاحتقان».

وبشأن سبب لجوء السلطات إلى حل المشاكل في استعجال وتحت الضغط الشعبي دائما، قال قائد الحزب الإسلامي الذي تأسس عام 1990 «السبب في نظري بسيط جدا، فالسلطة لا تمتلك رؤية واضحة وبرنامجا من شأنه حل المشاكل قبل وقوعها، ولذلك تتعامل بردود الأفعال، وتجلى ذلك واضحا في أحداث 5 يناير (كانون الثاني) 2011 وأحداث الجنوب مؤخرا. ومع الأسف فإن السلطة اليوم كرست تقليدا مفاده أنك تحصل على حقوقك بقدر ما تمارس من ضغط، فحل محل الحوار قطع الطريق والاحتجاجات العنيفة أحيانا، لأنها صارت في نظر المواطن السبيل الوحيد لتحقيق المطالب. وتوصل الشعب إلى قناعة راسخة مفادها أن السلطة لم تعد تعبر عن انشغالاته وتطلعاته، وهي تحاول التغاضي عن ممارسات فضائح التسيير ونهب ثروات الشعب، التي وصلت حد التدويل في المحاكم الدولية».

ويحل عبد المالك سلال، رئيس الحكومة الجزائرية اليوم (السبت) ببشار (جنوب غرب)، للقاء أعيان المنطقة لشرح إجراءات التهدئة المتخذة في إطار التشغيل بالجنوب. ويعكس اتخاذ حلول ظرفية للمشاكل الاجتماعية، على حساب معالجة الأزمة من جذورها «أزمة شرعية النظام» في نظر ربيعي الذي يقول «هذا هو جوهر الإشكال في الجزائر. منطلق مشكلتنا وأساسها سياسي، ومن ثم ما بني على باطل فهو باطل، إذ لا يمكن أن نواجه التحديات والتجاوب مع انشغالات الشعب من خلال مؤسسات ضعيفة وفاقدة للمصداقية، أو فاقدة للشرعية، من خلال تزوير الانتخابات وديمقراطية الواجهة، والتمويه على الرأي العام الداخلي والخارجي بإصلاحات أثبتت فشلها».

ويضيف ربيعي «لذلك إذا أردنا الاستقرار وتحقيق السلم الاجتماعي لا بد من إعادة النظر في الإصلاحات السياسية من خلال نقاش جدي بعيد عن التمييع والتهجين». وقال إن ذلك يجب أن يبدأ بدستور توافقي يحدد طبيعته النظام السياسي ويستجيب للمعايير العالمية، ثم إعادة النظر في قانوني الأحزاب والانتخابات بما يبعد الإدارة عن الهيمنة على الأحزاب ورسم الخارطة السياسية، وبعدها تتم انتخابات تشريعية ومحلية مسبقة، ثم انتخابات رئاسية، مع ضرورة انتهاج سياسة اقتصادية واجتماعية وتعليمية، واقعية تعتمد على الخبرة الجزائرية.