ليبيا: المؤتمر الوطني يدرس نقل مقره من طرابلس إلى البيضاء خوفا من اقتحامه

قبيلة عبد الفتاح يونس تستعد للتصعيد بعد قرار المحكمة

TT

هيمن الملف الأمني أمس على مجريات السياسة في ليبيا، حيث كشفت مصادر ليبية عن احتمال نقل مقر المؤتمر الوطني العام (البرلمان) إلى مدينة البيضاء بشرق البلاد لعقد جلساته المقبلة، بسبب استمرار المخاوف لدى أعضاء المؤتمر من تكرار محاولات اقتحام المقر، وتعرضهم للضرب والاعتداء من قبل الثوار المسلحين والمتظاهرين، في حالة الإصرار على عقد الجلسات بالعاصمة الليبية طرابلس. وقال أعضاء في المؤتمر لـ«الشرق الأوسط» إن فكرة نقل المقر الرئيسي للمؤتمر إلى البيضاء عادت إلى الصدارة مجددا عقب الزيارة التي قام بها وفد من المؤتمر للمدينة، حيث التقى مجلسها المحلي الذي أبدى استعدادا لاستضافة المؤتمر وحماية مقره وأعضائه.

ولفت أكثر من عضو إلى أن القرار النهائي لنقل مقر المؤتمر لم يحسم بعد في انتظار المداولات التي يجريها أعضاء المؤتمر فيما بينهم، بالإضافة للمشاورات المستمرة بين محمد المقريف رئيس المؤتمر، والدكتور علي زيدان رئيس الحكومة الانتقالية.

وكان المؤتمر المكون من 200 عضو (تم طرد 14 منهم بسب علاقاتهم بالنظام السابق) قد اختار أحد فنادق العاصمة طرابلس مقرا رئيسيا له، لكنه تعرض لعدة اقتحامات على مدى الشهور الماضية، كان آخرها احتلال بعض الجرحى والثوار له لمدة شهر كامل.

وقرر المؤتمر تأجيل جلسته لمدة أسبوع إلى حين إيجاد مقر جديد، فيما بدأ في تشكيل قوة مكونة من نحو ألف عنصر أمني تابعة لوزارة الداخلية الليبية بهدف تأمين المقر وحماية أعضائه.

في غضون ذلك، تظاهر مئات الليبيين في ميدان الشهداء وسط العاصمة طرابلس فيما سموه بـ«جمعة العزل السياسي» لمطالبة المؤتمر الوطني بإصدار القانون الذي سيمنع المحسوبين على نظام العقيد الراحل معمر القذافي من الوصول مجددا للسلطة. ورفع المتظاهرون لافتات «مطلبنا الأساسي قانون العزل السياسي.. نعم للعزل.. لا للاستثناءات.. ثوار طرابلس مع القانون».

إلى ذلك، اعتقلت السلطات الليبية متهما في الهجوم على مقر القنصلية الأميركية خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي في بنغازي، بينما تخطط قبيلة العبيدات التي ينتمي إليها الفريق الراحل عبد الفتاح يونس بالتصعيد ردا على رفض المحكمة التي تتولى قضيته مواصلة النظر فيها بحجة عدم الاختصاص.

واعتقلت السلطات أحد مواطنيها، ويدعى فرج الشلبي، بتهمة التورط في الهجوم على مقر القنصلية الأميركية في بنغازي، لدى عودته إلى البلاد قادما من رحلة إلى باكستان.

وقال مسؤول أمني لـ«الشرق الأوسط» إن الشلبي يخضع حاليا للاستجواب بمعرفة السلطات المختصة، لافتا إلى أن هذا الشخص معروف، على ما يبدو، لوكالة الاستخبارات الأميركية، حيث إنه كان مقيما في باكستان ومتزوجا باكستانية، مضيفا: «ما نعرفه وأبلغه لنا الأميركيون أن الشلبي سافر لباكستان بعد الحادث الذي أدى إلى مصرع أربعة أشخاص، من بينهم كريس ستيفنز السفير الأميركي».

ولم تعلن السلطات الليبية عن توجيه أي اتهامات مباشرة للشلبي، لكن المسؤول نفسه أكد احتمال مشاركة محققين أميركيين من جهاز المباحث الفيدرالية ووكالة المخابرات المركزية في التحقيقات إلى جانب السلطات الليبية.

من جهة أخرى، كشف معتصم، النجل الأصغر للفريق الراحل عبد الفتاح يونس الرئيس السابق لهيئة أركان الجيش الليبي، لـ«الشرق الأوسط» النقاب عن أن قبيلة العبيدات التي ينتمي إليها يونس تعتزم عقد اجتماع موسع لها خلال الأسبوع المقبل بمدينة بنغازي لبحث الموقف من القرار المفاجئ الذي اتخذته المحكمة العسكرية الدائمة أول من أمس بشأن عدم اختصاصها بنظر قضية اغتيال يونس ورفيقين له في شهر يوليو (تموز) من عام 2011 خلال الحرب ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي.

ورفض المعتصم الكشف عن طبيعة الخطوات التي تعتزم القبيلة اتخاذها للرد على قرار المحكمة، لكنه أكد في المقابل أن عائلة يونس وقبيلته سيواصلون مساعيهم لاعتقال قتلة والده والقصاص منهم.

وهددت قبيلة العبيدات في السابق باللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية وإغلاق ميناء الحريقة النفطي بمدينة طبرق. وكان القاضي الذي ترأس جلسة المحكمة العسكرية قد قرر عدم اختصاص المحكمة بمواصلة متابعة هذه القضية، حيث أحال الدعوى إلى المدعي العام للتصرف في القضية المتهم فيها 13 متهما غيابيا. ويعني هذا عودة القضية مجددا إلى المربع صفر بعد مرور نحو عامين على اغتياله في ظروف غامضة.

وقال المعتصم: «قضية لها أكثر من عام ولم يحركوا ساكنا.. النيابة العسكرية كانت منقسمة على نفسها بشأن المحاكمة، ولم يتم اعتقال المتهمين، جلسات المحاكمة كانت فقط للمماطلة».

وتابع: «ننتظر اجتماعا مهما ستعقده قبيلة العبيدات لتحديد الموقف والخطوات المقبلة»، معتبرا أنه منذ البداية فإن عائلة يونس وأولياء الدم «لم يكونوا موافقين على نقل القضية للنيابة العسكرية، لكن المستشار عبد الجليل رئيس المجلس، وهو أحد أكبر المتهمين في القضية، نقلها من النيابة المدنية إلى العسكرية»، على حد قوله.

وأضاف نجل يونس: «عبد الجليل طبعا متورط، وأكبر المتورطين وأكبر المساعدين والمساهمين في اغتياله، هذه ليست أقوالي، ولكنها ما تقوله أوراق التحقيقات التي تمت حتى الآن».