من المنتظر أن يبدأ الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية غدا في إسطنبول اجتماعاته لتسمية رئيس الحكومة الانتقالية، وبينما تشير التسريبات الصحافية إلى أن الخبير الاقتصادي الدكتور أسامة قاضي ووزير الزراعة الأسبق أسعد مصطفى هما الأوفر حظا لتولي المنصب، أكدت مصادر داخل الائتلاف لـ«الشرق الأوسط» أن اسم غسان هيتو، وهو رئيس لجنة المساعدات الإنسانية والإغاثية في الائتلاف، مطروح بقوة أيضا للتنافس مع قاضي ومصطفى.
وإلى جانب الأسماء الثلاث المرشحة بقوة لتولي المنصب، نشر الائتلاف في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» 9 أسماء أخرى، ذكر منها 6 هي: بهيج ملا حويج وجمال قارصلي وسالم المسلط وعبد المجيد الحميدي وقيس الشيخ ووليد الزعبي، إضافة إلى مرشحين اثنين آخرين تم الاحتفاظ بسرية هويتهما حرصا على سلامتهما وأمنهما.
ويهدف تشكيل الحكومة، وفقا لتصريحات أدلى بها عضو الائتلاف والمجلس الوطني أحمد رمضان لـ«الشرق الأوسط»، إلى وضع «المجتمع الدولي، ولا سيما الدول الصديقة، أمام تحد الإيفاء بالوعود التي سبق له أن قطعها، ولا سيما تلك المتعلقة بتقديم المساعدات العسكرية والإنسانية، إضافة إلى انتزاع مقعد في الجامعة العربي واعتراف دولي أوسع».
وعن ترشيح اسمه لتشكيل الحكومة، قال رئيس المنبر الديمقراطي ميشيل كيلو في اتصال أجرته معه «الشرق الأوسط» من لندن، إن «المجلس المحلي لمدينة الحسكة بالإضافة إلى بعض الأصدقاء رشحوني وأبلغوني بذلك لاحقا». ونفى المعارض السوري أن يكون الائتلاف قد تواصل معه بشكل رسمي، متوقعا أن يتم ذلك اليوم أو غدا.
لكن كيلو أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه سيعتذر عن قبول التكليف في حال تم التواصل معه، وذلك لما سماه بـ«الغموض السائد في صلاحيات الحكومة وأهدافها من ناحية، والرغبة في عدم إغلاق باب التفاوض الذي يدفع باتجاهه المجتمع الدولي من ناحية أخرى»، مضيفا: «شخصيا لا أوهام لدي بأن التفاوض سيؤدي إلى حل الأزمة، لكنني أفضل أن يبقى باب الحوار مفتوحا لكي لا تقاتل الناس في النظام حتى النهاية، خصوصا مع تغيير ميزان القوى على الأرض لصالح الثورة».
من جانبه ميز رئيس حركة العدالة والبناء أنس العبدة بين مصطلحي «الحكومة المؤقتة» و«الحكومة الانتقالية»، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «المؤقتة تعني انفراد المعارضة السورية بتشكيل الحكومة التي تهدف إلى قطع الطريق ومحاولة إيجاد تسوية سياسية لحل الأزمة في سوريا، وأما الانتقالية فستكون حكومة توافق ما بين المعارضة والنظام، ومن المفترض أن تكون جزءا من عملية الحل السياسي الذي يحاول المبعوث العربي - الأممي الأخضر الإبراهيمي التوصل إليه».
واستغرب العبدة، وهو عضو في المجلس الوطني السوري، تسرع بعض أطياف الائتلاف الوطني «المدفوعة من جهات عربية»، على حد وصفه، في مسألة تشكيل حكومة «مؤقتة» في ظل غياب البيئة والشروط الموضوعية لنجاح هذه الخطوة، وأضاف: «تشكل الائتلاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ورغم مرور خمسة أشهر على تكوينه فإنه لم يقدم الشيء الكثير للثورة والثوار والمناطق المحررة، وتاليا فإن على الائتلاف أن تكون لديه حساسية خاصة تجاه فشل أي خطوة يقدم عليها».
وطالب العبدة القائمين على الائتلاف بأن يكون لديهم من الشجاعة والحكمة القدر الكافي ليمكنهم من أخذ المناخ الدولي والظروف الداخلية بعين الاعتبار، وتقديم حلول تمتلك بذور النجاح بدلا من الإصرار على صيغة «المؤقتة» التي قد يعتبرها البعض «قفزا فوق المعطيات وهروبا إلى الأمام».
ويشارك رئيس المنبر الديمقراطي العبدة برأيه لكن مع اختلاف التوصيف، حيث يفضل كيلو وجود ما سماه «مجلس مفوضين» على «حكومة ووزراء»، مضيفا أن «مجلس المفوضين هم أشخاص لهم صلاحيات وزراء، لكنه بمهام تنفيذية لناحية الإغاثة وإعادة الإعمار والسياسة الخارجية».
وخلت اللائحة التي نشرت الليلة قبل الماضية من اسمي برهان غليون الرئيس الأسبق للمجلس الوطني السوري، ورياض حجاب رئيس الوزراء المنشق، وذلك بعد أن اعتذرا عن ذلك.
ووفقا لهذا المعطى، يرشح رمضان قاضي والمصطفى لتولي الحكومة، مضيفا: «إذا كان الاختيار سيتم بناء على القدرات السياسية المهنية، فسيكون مصطفى الأوفر حظا، وإذا كانت بناء على المهنية التنفيذية، فسيكون الفوز لصالح القاضي».
وعن آلية الانتخابات والاجتماعات التي ستنعقد يومي الاثنين والثلاثاء القادمين في 18 و19 مارس (آذار) الجاري، لانتخاب رئيس وزراء، أوضح رمضان أنه من المرجح أن تتم عملية الانتخاب وإعلان النتائج بعد غد، على أن تنفذ الانتخابات على مرحلتين، يتم في الأولى التصويت لكل المرشحين، وفي الثانية للمرشحين الاثنين اللذين يحظيان بأعلى نسبة من الأصوات، على أن يحصل الفائز على ثلثي عدد أعضاء الهيئة العامة من الائتلاف الذين يبلغ عددهم 64.
وستستقر الحكومة في حال تشكيلها في مكان ما في الأراضي الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارض في شرق أو شمال سوريا، بحسب ما يقوله معارضون.
ولا ينفي رمضان أن هناك وجهتي نظر بين أعضاء الائتلاف.. الأمر الذي أدى إلى تأجيل الانتخابات، إذ إن بعض القوى كانت ولا تزال تشدد على ضرورة تشكيل الحكومة، رافضة رفضا قاطعا التفاوض مع النظام أو تشكيل حكومة مشتركة، بينما هناك وجهة نظر أخرى دعمها البعض انطلاقا من الطرح الأميركي، الذي يدفع نحو الحوار وتشكيل حكومة انتقالية تضم الطرفين.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر داخل الائتلاف فضلت عدم ذكر اسمها، أن الأخير يتجه لتعيين شخصية مسيحية أو كردية لشغل منصب رئيس الحكومة، وذلك كضمان للأقليات التي بدأ بعضها يتخوف من استئثار الإسلاميين بالسلطة عند سقوط نظام الأسد.
ورفض كيلو ترشيح اسمه على أساس طائفي أو إرضاء لأي طرف دولي يتوجس على حقوق الأقليات في سوريا ما بعد الأسد، مضيفا: «شيء محزن أن تفكر بعض الأطراف وفق المنهج الطائفي، وهذا سبب آخر يدفعني لرفض الترشيح. أنا أشارك في العمل الوطني لأنه يرضي ضميري والشعب السوري، ولا نعمل لنرضي المجتمع الدولي». وتساءل رئيس المنبر الديمقراطي: «هل أخذت السنة كامل حقوقها وكذلك العلويون ولم يبقى سوى الأكراد والمسحيين؟».
وعن الخطوات التنفيذية التي ستلي اختيار رئيس حكومة مؤقتة، أشار رمضان إلى أنه «سيتم تشكيل هيئة تنفيذية قيادية للائتلاف تنفيذا لطلب وزراء الخارجية العرب خلال اجتماعهم الأخير في القاهرة، وهي كذلك حاجة ضرورية للائتلاف الذي يعاني من خلل في آليات العمل واتخاذ القرار، على أن يتم تشكيل حكومة من وزراء معارضين يتمتعون بكفاءة عالية، ومن المرجح أن يتم الإعلان عنها رسميا من الأراضي السورية المحررة، وتحديدا منطقة حلب».