أهلا وسهلا بمن ينقذ العراقيين من حكم صدام الإرهابي

TT

أيا كان تحتل قضية تغيير النظام في العراق مكانة بارزة في وسائل الإعلام وتستقطب اهتمام السياسيين وقادة العالم وخبراء الشؤون العربية والإسلامية، والعراقيين أنفسهم، بطبيعة الحال.

أصبحت هذه القضية الشائكة حول ضرورة تغيير النظام بالقوة من عدمه محط الكثير من النقاش. فحتى بين الداعمين لتغيير النظام لا يزال هناك نقاش حاد حول أفضل السبيل لتحقيق ذلك، ومن الطبيعي، أن تبدو مشكلة العراق عندما يتأثر المشاركون في النقاش بالعوامل السياسية والاقتصادية، ناهيك عن الاعتبارات الشخصية والانتماءات الحزبية والولاءات الأخرى، معقدة إن لم تكن مستعصية على الحل.

لكن المشكلة من وجهة نظر العراقيين الذين يعيشون في العراق واضحة لا لبس فيها ولا تحتاج إلى نقاشات مطولة حول ما ينبغي أن يحدث، لأنها في جوهرها، حكم وهيمنة طاغية وحشي للعراق لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن سامهم سوء غضبه دون انقطاع، وأنزل بهم كل صنوف العذاب والمحن. وقاد البلاد إلى حروب مع دول جوار العراق وأشعل الصراعات المسلحة بين الطوائف الدينية والعرقية للمجتمع العراقي بسبب طمعه، وتعاليه وطغيانه وحاجته إلى إشباع نزواته الإجرامية، والتي راح ضحيتها ما يزيد على مليون عراقي. لقد نهبت موارد هذه الأرض وشعبها وأنفقت في سبيل الحصول على الأسلحة وتشييد القصور أو إنشاء حسابات سرية في البنوك الأجنبية، كل ذلك كان يجري في الوقت الذي كان شعبه يتلوى من الجوع تحت نير الاضطهاد.

وقد عانت النساء والأطفال والشيوخ ونجح في التضييق على كل المعارضة. تعرض الآلاف ممن عارضوا حكمه أو الذين زعم أنهم تآمروا ضده، إلى الإعدام الذي كان ينفذ عادة بناء على شكوك وافتراءات أو شائعات. وهناك آلاف آخرون زج بهم في السجون، ومئات الآلاف من العائلات التي طردت بسبب أصولها العرقية في الوقت الذي أجبر فيه أبناؤها ممن تجاوزوا سن السادسة عشرة على البقاء حتى يتمكن الطاغية من اختبار أحدث أسلحته الكيميائية والبيولوجية عليهم قبل استخدامها ضد مدن حلبجة والمذابح الأخرى التي ارتكبها. لقد تسبب طغيانه في فرار ملايين العراقيين من ديارهم وهم الآن موزعون في أنحاء العالم يبحثون عن مكان آمن، معتقدين أنهم محظوظون بما يكفي لنجاتهم من تحطم السفينة والكوارث الأخرى. هذا هو لب المشكلة التي تواجه الشعب العراقي.

المشكلة في رأيهم هي أيضا واضحة وتتلخص في أمر واحد فقط: الحاجة إلى التخلص من الطاغية ونظامه الوحشي في أول فرصة وبأي وسيلة. أنا أؤكد بأي وسيلة. ولا جدوى من النقاش حول الوسيلة والمنهج فالشعب العراقي لا يكترث بمن سينفذ هذه المهمة سواء أكان فردا أو أفرادا، أو قوة خارجية أو قوى متحالفة. إنهم يرون القضية بالأساس قضية عرقية وإنسانية. وعلاوة على ذلك يعتقدون أن مهمة تخليص الشعب من طغيانه التزام يوجبه كل رمز مقدس للقانون ويدعمه كل نظام أخلاقي علماني. ومن ثم فإن كل من يستطيع أن يقوم بهذه المهمة فسوف يلقى الثناء. وهم يرون من وجهة نظرهم أنه من غير المقبول كلية أن يقف الشخص القادر على إسقاط النظام أو المساعدة في حدوث ذلك مكتوف الأيدي. هذا، اختصارا، هو رأي الشعب العراقي الذي يعلم جيدا أن المستفيد الأكبر من تعقيد هذه الأزمة هو الطاغية نفسه الذي يسعى إلى كسب الوقت في محاولته تخليص نفسه من هذا الوضع الخطير وبالتالي يكون حرا في ارتكاب المزيد من الجرائم. من لا يتصور ذلك، أو يرغب في دليل لما فصلته بالأعلى، ليس عليه سوى الذهاب إلى العراق وليسأل خلسة بعيدا عن أعين الشرطة السرية والأجهزة الأمنية كل من يلقاه، لأن من المؤكد أن العنصر الحاسم في هذا النقاش هو الرأي الفعلي للعراقيين أنفسهم لا الصراخ والشعارات والكلمات الرنانة لأولئك الذين عادة ما يزعمون أنهم يتحدثون نيابة عنهم وخاصة أولئك العرب والمسلمين الذين كانوا يتحدثون على مدى سنوات عن «أشقائنا العراقيين»، لكنهم وقفوا مكتوفي الأيدي دون أن يفعلوا شيئا لتخفيف آلامهم.