المظاهرات تلاحق مرسي في صعيد مصر وتجبره على إلغاء زيارته للجامعة

الأهالي اقتحموا مقر مؤتمره الجماهيري غضبا من دعوة قيادات بحزب مبارك

متظاهرون أمام مقر دار القضاء العالي بوسط العاصمة المصرية القاهرة أمس (تصوير: عبه الله السويسي)
TT

لاحقت الاحتجاجات الشعبية الرئيس محمد مرسي في زيارته إلى محافظة سوهاج بمصر العليا أمس، مما ضاعف من وطأة الضغوط التي تواجه مؤسسة الرئاسة التي كانت تأمل في أن تسهم زيارة مرسي إلى صعيد البلاد في استعادة الثقة المفقودة بين نظامه والمواطنين. وأجبر الرئيس مرسي على إلغاء لقاء بالطلاب في جامعة سوهاج بسبب احتجاج الطلبة، كما أثار وجود أعضاء بالحزب الوطني المنحل في الصفوف الأولى لمؤتمره الجماهيري غضب العشرات من أهالي المحافظة.

وخلال اليومين الماضيين فشل الرئيس مرسي في استثمار لقاءاته بأهالي مدينة بورسعيد الغاضبة ورجال الشرطة المتذمرين في تحسين صورته التي اهتزت على خلفية الاضطرابات السياسية والأمنية وتردي الخدمات وارتفاع الأسعار، بعد أن أثارت تلك اللقاءات مزيدا من الغضب في الشارع المصري.

وألغى الرئيس مرسي الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين اجتماعا كان مقررا عقده بجامعة سوهاج مع طلاب الجامعة وأعضاء هيئة التدريس بها، بسبب المظاهرات المناهضة له داخل الحرم الجامعي، والتي نظمها مئات من الطلاب والطالبات وعدد من أعضاء هيئة التدريس.

وخلال زيارة الرئيس إلى سوهاج، التي تعد من أفقر محافظات البلاد، نظمت قوى سياسية مسيرة إلى مقر اللقاء الجماهيري الذي عقده مرسي مع أهالي المدينة. وحمل مئات المتظاهرين النعوش ورددوا هتافات معادية له ولجماعة الإخوان، منها «بيع بيع.. الثورة يا بديع» (في إشارة لمرشد جماعة الإخوان الدكتور محمد بديع)، و«يسقط يسقط حكم المرشد». وأغلقت قوات الأمن مدخل الجسر المفضي لمقر اللقاء لمنع وصول المتظاهرين إليه.

ويشكو معارضو الرئيس مرسي مما يصفونه بـ«استئثاره وجماعة الإخوان بالسلطة وإقصاء القوى السياسية الأخرى». وخلال الفترة الماضية خسر الرئيس تحالفات مع قوى إسلامية أبرزها حزب النور الذي اتهم جماعة الإخوان بالسعي لـ«أخونة الدولة».

وقام عدد من أهالي سوهاج باقتحام استاد المدينة الذي أقيم فيه لقاء جماهيري للرئيس بعد منعهم من الدخول. وقال شهود عيان إن العشرات اقتحموا البوابة الجانبية للاستاد بعد علمهم بوجود أعضاء بالحزب الوطني المنحل (الذي ترأسه الرئيس السابق حسني مبارك) في الصفوف الأولى للمؤتمر الجماهيري وهو ما أثار غضبهم. وهتف العشرات خارج مقر اللقاء «يا مرسي فينك فينك الفلول بيننا وبينك» في إشارة إلى أعضاء الحزب الوطني كما باتوا يوصفون في البلاد.

من جانبه، قال السفير محمد رفاعة الطهطاوي، رئيس ديوان رئيس الجمهورية، للحضور في المؤتمر الجماهيري إن الرئيس كلفه بتلقي طلبات أبناء سوهاج والعمل على تلبيتها في أقرب فرصة، مضيفا: «كل طلباتكم مجابة، فالرئيس يشعر بدين خاص في رقبته تجاه أبناء الصعيد، بسبب مواقفهم الثابتة التي لا تتغير».

وتابع الطهطاوي في كلمته للحضور: «الرئيس مرسي أتى الصعيد ليطلب منه النصرة، فلا تردوه بخذلانكم». وتعد محافظات الصعيد من المعاقل التقليدية لجماعة الإخوان المسلمين، والقوى الإسلامية.

ومنذ تولي الرئيس مرسي السلطة في منتصف العام الماضي لم يطرأ تحسن على أحوال المواطنين، ويقول معارضو مرسي إن الأسعار واصلت الارتفاع، والخدمات باتت أكثر ترديا، لكن جماعة الإخوان ومؤسسة الرئاسة تلومان المعارضة، قائلة إنها تقف خلف حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي، مطالبة بمنح الرئيس فرصة للعمل في أوضاع هادئة.

وافتتح الرئيس مرسي خلال الزيارة مصنعا ووحدات سكنية، كما التقى بقيادات تنفيذية وشعبية بالمدينة، وهو ما اعتبره مراقبون جزءا من جولة علاقات عامة مع اقتراب الانتخابات البرلمانية التي لم يتقرر موعدها بعد.

وبدأ الرئيس مرسي جولات «استعادة الثقة» في نظامه بلقاء عدد من أهالي مدينة بورسعيد التي شهدت موجة غضب واسعة ضد الرئيس وجماعته على مدار الشهرين الماضيين. ووجه الرئيس كلمة تلفزيونية لأبناء المدينة التي يتولى الجيش تأمينها بعد انسحاب الشرطة منها الأسبوع الماضي، أثارت الغضب مجددا.

وكان أهالي بورسعيد يأملون في قرار من الرئيس مرسي يساوي بين قتلى المدينة الذين سقطوا في المواجهات مع الشرطة، وشهداء ثورة 25 يناير، وهو ما يترتب عليه حقوق مادية وأدبية، لكن الرئيس أرجأ الأمر في كلمته القصيرة التي بدت عاطفية وخالية من أي التزام لحين انتهاء التحقيقات.

وسعى الرئيس المصري إلى احتواء تذمر ضباط الشرطة، وظهر يوم الجمعة الماضي في معسكر للأمن المركزي بالقاهرة، ووجه كلمة اعتبر فيها أن الشرطة كانت سببا في نجاح الثورة التي أطاحت بنظام مبارك قبل عامين، وهو ما أثار غضبا واسعا في صفوف القوى الثورية وأحزاب المعارضة الذين قالوا إن الثورة قامت في «عيد الشرطة» لتعلن عن رفضها للممارسات القمعية التي انتهجتها وزارة الداخلية خلال السنوات الماضية.

وسيكون على الرئيس مرسي أن يعلق مؤقتا جولاته في المحافظات استعدادا لجولة خارجية يستهلها يوم غد (الاثنين) بزيارة لباكستان هي الأولى له، حيث يعقد خلالها اجتماعا مع نظيره الباكستاني آصف علي زرداري.

وقال أعزاز أحمد تشودري المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية أمس إنه من المتوقع أن تساعد زيارة مرسي لباكستان على دفع العلاقات الثنائية بين البلدين قدما في كافة المجالات وتوسيعها وتنويعها، مشيرا إلى أنه من المتوقع أيضا أن يوقع رئيسا البلدين عددا من الاتفاقيات خلال الزيارة، التي سبق وأن تم إرجاؤها لانشغاله في مفاوضات إنجاز الهدنة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ومن المقرر أن يتوجه مرسي إلى الهند، بعد زيارته لباكستان، حيث يجري مرسي مباحثات في نيودلهي التي تعد سابع أكبر شريك تجاري لمصر، مع المسؤولين الهنود بشأن إمكانية زيادة الاستثمارات الهندية في بلاده ورفع حجم التبادل التجاري معها.