الرئيس اليمني يصدر قرارين بأعضاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل.. وتصعيد في الجنوب

الأصنج لـ «الشرق الأوسط»: الممانعون خرجوا عن العملية السياسية الجارية بعد ارتباطهم بإيران

جندي يمني يفحص سيارة أجرة في صنعاء أمس ضمن خطة أمنية لتأمين مؤتمر الحوار الوطني الذي يبدأ أعماله غدا (أ.ف.ب)
TT

أصدر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أمس، قرارا جمهوريا بقوام أعضاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي ينطلق يوم غد الاثنين في صنعاء، بمشاركة عربية ودولية واسعة، وهو المؤتمر الذي نصت على انعقاده المبادرة الخليجية الخاصة بحل الأزمة في اليمن. وتضمنت القائمة 565 اسما يمثلون مختلف القوى السياسية اليمنية التي وافقت على المشاركة في الحوار. وخلت القائمة من أسماء أبرز قيادات الحراك الجنوبي ومعارضة الجنوب في الخارج، باستثناء وزير الخارجية اليمني الأسبق عبد الله الأصنج. وضمت القائمة أسماء سياسيين بارزين وقادة حزبيين وعسكريين وشباب ونساء، كما صدر قرار جمهوري آخر يتضمن النظام الداخلي لمؤتمر الحوار الوطني.

وعبر عدد من القيادات اليمنية المعارضة عن تأييدهم لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني، وقال السياسي اليمني المخضرم عبد الله الأصنج، رئيس الهيئة التأسيسية لتكتل الجنوبيين المستقلين وعضو مؤتمر الحوار، لـ«الشرق الأوسط»، أنه لن يشارك في الجلسات داخل اليمن وسيشارك في الجلسات التي تعقد في الخارج. وأضاف «أتمنى أن تسجل بدايات الحوار الوطني التي نشارك في دورتها الأولى غدا بوفد من نخبة من قيادات تكتل الجنوبيين المستقلين، وسوف أشارك شخصيا في لقاءات أتوقع أن تتم في عاصمة عربية خارج العاصمة صنعاء وعواصم محافظات يمنية أخرى». وأردف أن «الحوار المنشود هو السبيل الأفضل والوحيد الذي عادة ما يلوذ به العقلاء والحكماء وقادة الفكر وأهل السياسة إجمالا للخروج بحلول منطقية وممكنة لحلحلة المواقف الصعبة تفاديا لمواجهات وانقسامات وصراعات تجلب المتاعب والمخاطر لعموم المواطنين والجماهير في الشمال والجنوب والشرق الذين عانوا من قيادات سياسية سابقة غرقت في لج من الفشل والإخفاقات والفساد وغياب الأمن والأمان منذ تسلطت حفنة من الجهلاء المفسدين في الأرض على خيرات ومقدرات الوطن».

وأشار الأصنج، وهو وزير خارجية يمني أسبق، إلى أن اليمن اليوم «أمام ميراث ثقيل، ولتفادي صراع لا تحسب عواقبه فإن المسؤولية تتحملها القيادة السياسية والأطراف المشاركة في الحوار لبلورة أسس مقبولة للحلول السياسية والاقتصادية والأمنية التي نواجهها جميعا»، معتبرا أن «عناصر الرفض والممانعة هي خارج الترتيبات السياسية الجارية، وستبقى خارجها ما دامت اختارت طريق الارتباط بإيران وإشغال المواطنين بمواقف بهلوانية لا هدف لها سوى الفتنة وشق الصفوف والتحليق في سوالف أبو زيد الهلالي وعنتريات قصص زمان وطواحين هواء دون كيشوت».

من جانبها، اعتبرت فائقة السيد، مستشارة الرئيس اليمني وعضو مؤتمر الحوار الوطني، انعقاد المؤتمر يكتسب أهمية كبيرة، وبأنه «حالة أو حركة لإعادة ترميم البيت اليمني بعد فترة من الشقاق والاختلاف استمرت أكثر من عامين»، وأن اليمن في «أمس الحاجة لانعقاد مثل هذا المؤتمر حتى نتخلص من الكثير من الشوائب التي علقت بالجسم اليمني». وحول عدم مشاركة الكثير من الأطراف في «الحراك الجنوبي» والقيادات البارزة في معارضة الخارج، أكدت السيد في تصريحاتها لـ«الشرق الأوسط» أن «كل الشعب اليمني معني بالحوار الوطني بفئاته وتجمعاته المختلفة»، وأن المشاركين في الحوار «هم صوت من لا صوت له، ومن خارج التمثيل هم روافد مهمة للحوار الوطني ويمدونه برؤاهم واقتراحاتهم وبكل ما يثريه ويجعله ناجحا». واعتبرت السيد أن نسبة مشاركة المرأة في مؤتمر الحوار «مقبولة جدا».

إلى ذلك، وبالتزامن مع انعقاد المؤتمر وإعلان قوامه، دعت اللجنة التنظيمية للثورة اليمنية الشبابية إلى مسيرة اليوم (الأحد) للمطالبة بـ«محاكمة شهداء جمعة الكرامة» التي أقيمت في 18 مارس (آذار) 2011، وقتل فيها أكثر من 50 من المحتجين، وهي الاحتجاجات التي بدأ بعدها نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح في التداعي بسبب انشقاق عدد كبير من قيادات حزبه والدولة جراء مقتل المتظاهرين. ويعقد مؤتمر الحوار الوطني في اليوم نفسه، ربما تخليدا لذكرى تلك «المجزرة»، كما توصف.

في سياق متصل، تشهد الساحة الجنوبية اليمنية حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، وذلك في ظل سيطرة مجاميع مسلحة على شوارع عدة مدن وبلدات في ظل دعوات «الحراك الجنوبي» إلى العصيان المدني اعتبارا من أمس وحتى غدا (الاثنين)، وأكدت مصادر في الحراك لـ«الشرق الأوسط» أن قيادات بارزة في الحراك سوف تشارك في قيادة العصيان بينهم حسن أحمد باعوم، رئيس المجلس الأعلى للحراك السلمي الجنوبي الذي سيقود «مليونية القرار قرارنا»، في إشارة إلى قرار الجنوبيين بشأن تقرير مصيرهم.

وقالت مصادر محلية في حضرموت وعدن وغيرهما من المحافظات والمدن الجنوبية إن مسلحين يتبعون الفصيل الحراكي الذي يقوده نائب الرئيس اليمني الأسبق، علي سالم البيض، يحاولون فرض العصيان المدني بالقوة، في وقت تحدثت فيه مصادر إعلامية تتبع حزب التجمع اليمني للإصلاح عن قيام أنصار البيض بتوزيع أسلحة وذخائر في حضرموت من أجل فرض العصيان وإفشال الحوار الوطني. واتهمت تلك المصادر جماعة البيض باقتحام عدد من مدارس حضرموت وإرغام إداراتها على إغلاقها وإخراج الطلاب. وذكرت مصادر محلية أن هناك استجابة متفاوتة لدعوة العصيان المدني التي دعت إليها أبرز فصائل «الحراك الجنوبي».

وينعقد المؤتمر بدعم من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، حيث سيشارك فيه أمين عام الجامعة العربية الدكتور نبيل العربي، والدكتور عبد اللطيف الزياني أمين عام مجلس التعاون الخليجي، إلى جانب مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر، وشخصيات دولية أخرى. ويستمر المؤتمر لمدة ستة أشهر وأسبوعين، تقريبا، وينعقد في العاصمة صنعاء ومحافظات عدن، الحديدة، حضرموت، وتعز، وصعدة، حسب المعلومات الأولية. ويتوقع أن تبلغ تكاليف مؤتمر الحوار الوطني قرابة 40 مليون دولار أميركي، وقد خصصت الأمم المتحدة صندوقا خاصا بدعم وتمويل مؤتمر الحوار ويقوم الصندوق على دعم المنظمة الدولية وتبرعات الدول.

واستثنى من المشاركة في المؤتمر الشيخ عبد المجيد الزنداني، رئيس هيئة علماء المسلمين، رئيس جامعة الإيمان وعضو مجلس الرئاسة اليمني السابق، وذلك بعد أن قررت اللجنة الفنية التحضيرية للحوار الوطني الشامل عدم مشاركة أي شخص مطلوب للأمم المتحدة ومجلس الأمن في أي قضايا، في حين تطرح بعض الأوساط أن الولايات المتحدة الأميركية ضغطت باتجاه عدم مشاركة الزنداني المتهم بدعم وتمويل الإرهاب.