هدوء حذر على الحدود اللبنانية السورية.. بعد ليلة من القصف المدفعي

سليمان: معنيون بمنع تسلل السلاح والمسلحين.. وجعجع: استغرب تلكؤ الحكومة ودعاها للاستقالة

مقاتلون سوريون في مبنى خلال اشتباكات مع القوات النظامية في حي صلاح الدين في حلب بشمال سوريا أمس (أ.ف.ب)
TT

ساد هدوء حذر على الحدود اللبنانية - السورية شمال لبنان، أمس، بعد ليلة من التوتر، تعرضت خلالها قرى لبنانية لقصف سوري بقذائف المدفعية والرشاشات الثقيلة، مما أدى لنزوح عائلات إلى العمق اللبناني، غداة تهديد الخارجية السورية للبنان بضرب «المجموعات المسلحة» في أراضيه، فيما أكد رئيس الجمهورية ميشال سليمان «اننا معنيون ومسؤولون عن منع تسلل السلاح والمسلحين عبر الحدود بين لبنان وسوريا». وجدد سليمان التأكيد على أن «الجيش اللبناني تقع على عاتقه مسؤولية منع كل المظاهر التي تشكل خرقا لإعلان بعبدا». وقال من ساحل العاج التي يزورها ضمن رحلته الأفريقية «نحن معنيون ومسؤولون عن منع تسلل السلاح والمسلحين عبر الحدود بين لبنان وسوريا».

أما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي فقد كرر دعوة جميع الأفرقاء في لبنان إلى «التزام سياسة النأي بالنفس وتجنيب لبنان أي انعكاسات خارجية عليه». وشدد على أن الحكومة اللبنانية «تولي الوضع على الحدود اللبنانية - السورية العناية القصوى، وأن التوجيهات أعطيت للجيش لمعالجة الخروقات بالطرق المناسبة».

وكان ميقاتي قد تسلم من وزارة الخارجية نص الرسالة التي وجهتها السلطات السورية إلى الحكومة اللبنانية بشأن الوضع على الحدود، وهي رسالة تبدي الحرص على العلاقات بين البلدين ومعالجة الخروقات التي تحصل حرصا على مصلحتهما المشتركة، وسيصار إلى متابعة مضمون الرسالة ميدانيا وعبر القنوات. وأعلن مكتب ميقاتي أنه تابع مع قائد الجيش العماد جان قهوجي التدابير التي يتخذها الجيش في مختلف المناطق، خصوصا في طرابلس، إضافة إلى التدابير على الحدود مع سوريا لمنع تسلل المسلحين وعمليات تهريب الأسلحة. وتم الاتفاق على المزيد من الإجراءات لمعالجة الخروقات التي تحصل.

وأفادت مصادر ميدانية على الحدود، أمس، بتعرض قرى النورة وقشلق والدبابية وجرود الدبوسية على الضفة اللبنانية من النهر الكبير الليل قبل الماضية، لقصف مدفعي من مواقع الجيش السوري في تلكلخ، على ضوء إطلاق نار من الأراضي اللبنانية باتجاه الأراضي السورية. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الاشتباكات بين الطرفين استخدمت فيها الأسلحة الرشاشة الثقيلة وقذائف الهاون، مشيرة إلى سقوط عدة قذائف في مجرى النهر الكبير الذي يفصل حدود البلدين، وكان يستخدمه مسلحون للعبور إلى بلدة تلكلخ السورية قبل أن يعزز الجيش السوري إجراءاته على الحدود. ولفتت المصادر إلى أن الاشتباكات والقصف الذي تعرضت له الأراضي اللبنانية «دفعت بكثير من العائلات المقيمة في القرى الحدودية للنزوح باتجاه العمق اللبناني»، مؤكدا أن جوا من الخوف ساد بين أهل المنطقة، مطالبين الدولة اللبنانية بحمايتهم، وإجراء اتصالات مع الجانب السوري لوقف استهداف قراهم.

وفي حين أكدت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» أن «قيادة الجيش معنية بحماية الحدود، وينفذ الجيش انتشاره كاملا في المنطقة»، شهدت المناطق السورية الحدودية مع لبنان تعزيزات كبيرة دفع بها الجيش السوري النظامي إلى المنطقة المقابلة لوادي خالد اللبنانية. وإذ أشارت تقارير تلفزيونية إلى أن «الجيش السوري نصب مدفعين في الأراضي السورية قبالة مركز الأمن العام اللبناني القديم في العبودية»، قالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش السوري «دفع بتعزيزات كبيرة خلال اليومين الأخيرين إلى المنطقة»، مؤكدة أن العبور إلى الأراضي السورية «أمر مستحيل، بحكم إغلاق الجيش النظامي للمنطقة، ودفعه بتعزيزات عسكرية إليها».

وأشارت المصادر إلى اشتباكات عنيفة شهدتها الحدود قبل عشرة أيام «حين تعرضت المنطقة اللبنانية للقصف». ولفتت إلى أنه «على أثر القصف، اندلعت اشتباكات بين أهالي وادي خالد والجيش السوري، أسفرت عن سقوط قتيلين لبنانيين»، لافتة إلى أن «المعارك كانت طاحنة، واستخدمت فيها قذائف الهاون وصواريخ حرارية وقنابل مولوتوف، واستمرت نحو 5 ساعات».

وحذرت المصادر من أن استهداف المنطقة الحدودية من الجانب السوري بشكل مستمر، يزيد من مخاوف أبناء تلك القرى. وقالت المصادر «أبلغنا الجيش اللبناني والجهات الأمنية بمخاوفنا، وقد طمأننا الجيش اللبناني إلى أنه ينفذ انتشارا لحماية الحدود والأهالي».

سياسيا، تواصلت الردود على رسالة الخارجية السورية لنظيرتها اللبنانية. واستغرب رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع تلكؤ الحكومة عن الدعوة إلى اجتماع طارئ لمواجهة المخاطر الأمنية الكبيرة في طرابلس وعلى الحدود الشرقية الشمالية، داعيا إياها إلى الاستقالة. وقال جعجع «لا أستطيع أن أفهم هذه الحكومة وقلة الضمير المعششة في داخلها، حيث إن مدينة بحجم طرابلس على فوهة بركان وهي لا تتحرك. لا أفهم كيف أن تهديدا مباشرا واضحا وعلنيا أطلقه النظام في سوريا، ويهدّد مئات القرى اللبنانية على طول الحدود الشرقية الشمالية وهي لا تفعل شيئا». وأردف «لا أفهم كيف أن الوضع بأكمله في لبنان يهتز وهي لا تفعل شيئا».

بدوره، أكد وزير المال محمد الصفدي «اننا معنيون بالجانب الإنساني في المأساة السورية من ضمن حدود إمكاناتنا، لكننا مسؤولون تجاه الله والناس أن نمنع الفتنة في بلادنا وأن نتضامن لتفشيل المخططات التي يعمل لها أعداء لبنان».

في موازاة ذلك، أكد السفير الروسي لدى لبنان ألكسندر زاسبيكين أن موسكو تعمل على منع انتقال التوتر من سوريا إلى المنطقة. وخلال جولته برفقة وفد من قيادة الجيش اللبناني على السفن الروسية الراسية في مرفأ بيروت، التي وصلت إلى لبنان قبل يومين للتزود بالمؤن قبل أن تبحر في مهمة في البحر المتوسط، أكد زاسبيكين أن «روسيا الاتحادية كقوة عظمى تعمل على حفظ الاستقرار في المنطقة في ظل التوتر الذي يسود أنحاء واسعة منها»، وأضاف أن «البحرية الروسية موجودة بشكل دائم في المتوسط، وهي تنفذ تعليمات القائد الأعلى للقوات المسلحة الروسية الرئيس فلاديمير بوتين، وأن موسكو تعمل على منع انتقال التوتر من سوريا إلى المنطقة، وكذلك تؤكد الحل السياسي للأزمة السورية وتجدد رفضها التدخل العسكري في هذه الأزمة».