المعارضة تدخل مرحلة المؤسساتية اليوم وتنتخب رئيس «حكومة مؤقتة» من 9 وزارات

غسان هيتو المرشح المتوقع لرئاستها.. والخطيب في منصبه حتى نهاية ولايته

تلميذتان بمدرسة في حلب أمس ترتدي إحدهما قلنسوة عليها شعار الجيش السوري الحر (رويترز)
TT

تبدأ المعارضة السورية اليوم «عملية انتقالية» في مسعاها إلى إطاحة نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بتشكيلها حكومة مؤقتة تدير المناطق التي استطاعت المعارضة المسلحة إخراجها من تحت سلطة النظام، بالإضافة إلى تشكيل «هيئة تنفيذية» تقوم بتسلم مقعد سوريا في الجامعة العربية وسفارات سوريا لدى الدول التي تعترف بالائتلاف الوطني السوري ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب السوري.

وأوضح بيان للائتلاف الوطني السوري، أن الائتلاف سينتخب رئيسا للحكومة الانتقالية السورية. وأضاف البيان أن الاجتماع سيشهد انتخاب رئيس للحكومة السورية، من بين عشرة مرشحين اختيروا من التكنوقراط ورجال الأعمال والاقتصاديين، وأن الاجتماع سيتضمن أداء اليمين الدستورية للرئيس المنتظر انتخابه. وكان مدير المكتب الإعلامي في «الائتلاف» خالد الصالح قد أعلن أن الائتلاف سيجتمع لاختيار رئيس لحكومة مؤقتة تتولى «إدارة المناطق المحررة»، موضحا أن «رئيس الحكومة المنتخب سيقوم بدوره باختيار أعضاء الحكومة الجديدة من الداخل والخارج بهدف إدارة أمور المناطق المحررة في المرحلة المقبلة»، وأكد أن «الائتلاف حصل في الأسابيع الأخيرة على دعم كبير من عدد كبير من الدول العربية وفي مقدمتها الكويت والسعودية وقطر بشأن المساهمة في تسريع عملية تشكيل حكومة مؤقتة في سوريا».

بدوره، قال العضو السابق في الائتلاف السوري حارث النبهان إن على المرشح لرئاسة الحكومة «تشكيل وزارته في مدة لا تتجاوز عشرة أيام لتعرض الأسماء على الائتلاف باعتباره الجهة الشرعية الوحيدة للحكومة الجديدة، وبعدد محدد من الوزارات الخدمية والسيادية لا يتعدى التسع وزارات».

ورغم أن أجواء إيجابية سادت أروقة فندق «ريتاج رويال» في إسطنبول حيث يجتمع 63 من المعارضة السورية اليوم وغدا، فإن شبح الخلافات لا يزال يسيطر على أجواء المعارضة بسبب الاختلاف في الرأي حول اسم الهيئة التي يريدها رئيس الائتلاف «سلطة تنفيذية لإدارة المناطق المحررة» مع «هيئة تنفيذية» للعمل في الخارج، فيما تريدها أكثرية أعضاء الائتلاف والمجلس الوطني «حكومة مؤقتة» في المنفى تمارس سلطاتها انطلاقا من هذه المناطق.

في غضون ذلك، قالت مصادر إن الاجتماعات التي شهدتها إسطنبول أمس خلصت إلى صرف النظر عن السعي لانتخاب رئيس جديد للائتلاف وانتظار انتهاء ولاية الخطيب التي يتبقى منها نحو شهرين فقط. وكشفت المصادر أن اتصالات رفيعة المستوى شارك فيها أكثر من طرف عززت الاتجاه إلى التهدئة الداخلية بعد الاستياء الذي أثارته مواقف الخطيب الأخيرة لجهة الحوار مع النظام «من دون التنسيق المسبق مع مكونات الائتلاف».

وأكدت المصادر في المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط» أمس أن جماعة الإخوان المسلمين والمجلس الوطني لن يبادرا إلى طرح الثقة برئيس الائتلاف الشيخ معاذ الخطيب، إلا إذا استقال من تلقاء نفسه. لكن بعض المعارضين يتخوفون من خروج الأمور عن السيطرة في حال طرح بعض أعضاء الائتلاف الثقة بالخطيب، وهو ما جاهر به بعض أطراف الائتلاف مثل كمال اللبواني وهيثم المالح. وأشارت إلى أن تفاعل الخطيب مع هذا الطرح من شأنه أن يحدد المسار الذي ستسلكه الأمور في اجتماعات المعارضة.

وتعززت اتجاهات التهدئة مع تغيير في موقف الخطيب يميل إلى الموافقة على تشكيل الحكومة الانتقالية، بعد أن كانت مصادر تحدثت عن اتجاه لدى الخطيب للاستقالة إذا ما أقرت لأنه يرى في ذلك «قطعا على الطريق أمام حكومة انتقالية حقيقية ومقدمة لتقسيم سوريا، وأن تشكيلها يسد الباب أمام أي فرصة للحل السياسي، كما أن الائتلاف لم يحصل على الدعم الدولي اللازم لنجاح هذه الحكومة في القيام بمهامها».

وأكدت مصادر واسعة الاطلاع في الائتلاف أن الخطيب يربط موافقته على تشكيل الحكومة بتغيير تسميتها إلى «سلطة تنفيذية» على الأقل، مشيرة إلى «ليونة» مقابلة في موقف المجلس الوطني وأكثرية مقبولة داخل الائتلاف لاعتماد تسمية «السلطة التنفيذية» أو «الحكومة المؤقتة». وبحسب المصدر نفسه، فإن الخطيب ربط استمراره في منصبه بالتراجع عن خطوة تشكيل الحكومة، مشيرا إلى أنه قد «يستقيل حال لم يستطع إقناع الأعضاء بإرجاء الخطوة».

وقال مروان حجو، عضو اللجنة القانونية بالائتلاف إن الخلافات بشأن تشكيل الحكومة «لا ترقى لأن تكون سببا في استقالة رئيس الائتلاف»، باعتبارها «خلافات على الأسماء فقط». وأوضح أن «رئيس الائتلاف يريد تسميتها (الهيئة التنفيذية)، حتى لا يسد باب الحل السياسي، بينما يصر أغلب الأعضاء على تسمية (الحكومة المؤقتة)».

بدوره، دعا الخطيب في كلمة وجهها للجالية العربية في الاغتراب، السوريين إلى العمل وعدم انتظار ما وصفه بـ«التوقعات وأحلام السياسيين»، مضيفا أن الائتلاف وسيلة ووجوده «كشخص (الخطيب) هو لخدمة البلد؛ فإن أدت هذه الوسيلة دورها فسنتابع، وإن لم تستطع، فسنكمل في جانب آخر»، داعيا السوريين إلى التمسك بـ«الغايات وليس الوسائل».

ومن المقرر أن تكون اللجنة القانونية التي اجتمعت في وقت متأخر من مساء أمس قد أقرت «قانونية» الترشيحات التي قدمت لترؤس الحكومة المؤقتة المزمع تسميتها، في ضوء وجود 12 مرشحا حتى الساعة. وأوضحت مصادر في المعارضة لـ«الشرق الأوسط» أن الساعات الماضية شهدت تراجعا كبيرا في حظوظ المرشح أسامة القاضي بعد أن كان من أبرزهم، مع ارتفاع في أسهم غسان هيتو وهو عضو في المجلس الوطني السوري أيضا كالقاضي، بالإضافة إلى زميلهما سالم المسلط وأسعد مصطفى من تيار رئيس الحكومة المنشق رياض حجاب.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة داخل الائتلاف الوطني السوري لقوى التغيير أن الأخير يتجه لتسمية غسان هيتو رئيسا للحكومة المؤقتة.

وتؤكد مصادر «الشرق الأوسط» أن الكفة تميل باتجاه هيتو، وهو دمشقي من أصول كردية، وذلك لأنه «الرجل الأكثر قدرة من الناحية الإدارية، وللنجاح الذي حققه في مجال العمل الإغاثي»، بحسب المصادر ذاتها.

وعلى الرغم من رفض المرشحين الإدلاء بأية تصريحات صحافية بخصوص الحكومة والمفاوضات حول تشكليها، فإن «الشرق الأوسط» استطاعت الحديث إلى جمال قارصلي، أحد المرشحين البارزين لتولي رئاسة الحكومة، عقب وصوله إلى مطار إسطنبول بتركيا. وتعليقا على ترشيح اسمه، قال قارصلي إن «الشيء المفرح وجود عدد واف من المرشحين، وهذا من شأنه، في ظل الجو الديمقراطي الذي يعيشه الائتلاف، (أن يؤدي) إلى اختيار الأفضل».

وحذر قارصلي من وجود «معارضة داخل المعارضة، وبالتالي، يجب على الائتلاف الوصول إلى صيغة توافقية والعمل معا»، مشيرا إلى أنه «على استعداد للعمل مع أي شخص كان».

إلى ذلك، وفي سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول شرعية قرار الائتلاف بتشكيل حكومة مؤقتة، أكد الدكتور رياض نعسان آغا، وزير الثقافة (2006 - 2010) في حكومة رئيس الوزراء الأسبق ناجي العطري، أن الائتلاف «حظي بمباركة الغالبية العظمى من الشعب السوري والجيش الحر والقوى المعارضة التي انضمت إليه، فضلا عن الشرعية الدولية»، مشيرا إلى أن قرارات الائتلاف تكون عادة بالتصويت أو بالتوافق، و«لذلك، فمن المفروض أن تقبل بها قوى المعارضة جميعا، وأن لا يغرد أحد خارج السرب، حتى وإن كان له رأي مختلف».

وأشار نعسان آغا إلى جوانب إيجابية وأخرى سلبية في تشكيل الحكومة المؤقتة، مضيفا: «من الإيجابيات أن ينجب الائتلاف بعد عامين من الثورة قيادة حكومية تعنى بشؤون الثورة والداخل، لا سيما في المناطق المحررة، وهي مناطق واسعة تحتاج إلى من يلم شمل شتاتها الإداري، فقد أصبحت فيها مجالس محلية وإدارات شعبية للخدمات، ومحاكم ودوائر صحية ومخابز ولجان إغاثة وسوى ذلك من المبادرات الشعبية التي تحتاج إلى إدارة وقيادة وإلى توفير مستلزمات يومية وبنى تحتية، ستكون نواة الدولة الجديدة مستقبلا، كما أن هناك حاجة لقيادة مرافق نوعية واستراتيجية مثل النفط والكهرباء ورقابة الحدود والجمارك، هذا فضلا عما يمكن أن تشكله الحكومة من حضور دولي وتمثيل خارجي، لملء مواقع سوريا الدولية في مثل الجامعة العربية ومجلس الأمن والسفارات وسوى ذلك كثير من الوظائف التي يمكن للحكومة المؤقتة أن تقوم بها».

إلى ذلك، من المقرر أن يلتقي الإبراهيمي والأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي بالعاصمة المصرية القاهرة اليوم، وذلك لتدارس تطورات الملف السوري في ظل غياب المعارضة الموجودة في إسطنبول.