أول حكومة باكستانية تنهي ولايتها كاملة

رئيس الوزراء يختتم أعمالها بالإشادة بانتصار الديمقراطية.. والانتخابات مايو المقبل

TT

وصف رئيس الوزراء الباكستاني راجا برويز أشرف في خطاب وداعي أمس، انتهاء ولاية البرلمان التي بدأت قبل خمس سنوات بأنه «انتصار للديمقراطية». ويفترض أن يشهد هذا البلد المسلم الذي يملك أسلحة نووية ويضم نحو 180 مليون نسمة، انتخابات تشريعية لاختيار قادة جدد في منتصف مايو (أيار) المقبل. وعقد البرلمان آخر جلسة له الخميس الماضي وأنهى أول من أمس ولايته الكاملة للمرة الأولى في تاريخ باكستان البلد المسلم الوحيد الذي يملك سلاحا ذريا ويشهد انقلابات باستمرار منذ تأسيسه في 1947. وأعلنت ياسمين رحمن رئيسة الجمعية الوطنية بالوكالة أن «الدورة البرلمانية انتهت». وأضافت متوجهة إلى النواب الذين سيترشحون لولاية نيابية جديدة: «أتمنى لكم النجاح»، وأكدت: «آمل أن تستمر الديمقراطية وأن ينجح البرلمان المقبل في البقاء حتى نهاية ولايته التشريعية».

وقال أشرف في خطاب بثه التلفزيون مساء أول من أمس: «أن يصبح شخص عادي مثلي رئيسا للوزراء في باكستان، فهذا يشكل مصدر سرور ويعطي الأمل في استمرار الديمقراطية»، وأضاف أنه «تاريخ صراع طويل بين القوى الديمقراطية والقوى المعادية للديمقراطية، لكن القوى الديمقراطية هي التي انتصرت في نهاية المطاف».

ومنذ استقلال باكستان عام 1947، سقطت كل الحكومات إما عبر الإطاحة بها في انقلابات، وإما سقطت بسبب الخلافات السياسية، أو عبر الاغتيالات والقتل، لكن التحول الديمقراطي يقابله استمرار للاضطرابات ونمو التشدد والطائفية.

وقال أشرف في كلمته التلفزيونية: «هناك تاريخ طويل من الصراع بين القوى الديمقراطية وغير الديمقراطية في باكستان، لكن القوى الديمقراطية تمكنت أخيرا من الانتصار»، وأضاف أن باكستان نجحت في تعزيز «أسس الديمقراطية». وأقر أشرف بأن حزب الشعب الباكستاني الذي يرأسه ربما «لم يتمكن من توفير أنهار الحليب والعسل»، لكنه فعل كل ما بوسعه «للتخفيف من حدة المشكلات في البلاد». ووعد أشرف بأن تكون الانتخابات المقبلة حرة ونزيهة، وعبر عن أمله في أن تتوصل الأحزاب إلى اتفاق «ودي» على من «من المرشحين المتنافسين سيرأس الحكومة المؤقتة».

مع ذلك، على المستوى المحلي والإقليمي، لن تكون الانتخابات المقبلة، المزمع إجراؤها في 9 مايو (أيار)، انتخابات قائمة على القضايا والبرامج الانتخابية. ومن المفارقة أن أكثر الشخصيات المحلية القيادية ومرشحي الأحزاب لا يولون اهتماما كبيرا للقضايا، أو بمعنى آخر لا يرون أن الحملة الانتخابية ستكون قائمة على برنامج انتخابي. وربما يعزى ذلك إلى أن تلك الانتخابات، مثلها مثل الانتخابات السابقة كافة التي شهدتها باكستان، تتمحور حول السياسة القائمة على الولاء العشائري والقبلي والحزبي الأعمى ومصالح الطبقات واستعراض القوة. على سبيل المثال، تستعد كل الأحزاب، بما فيها التي تتبنى آيديولوجية واضحة، لجذب أصوات الناخبين على أساس الولاء العشائري. ولم ير قادة حزب الشعب الباكستاني والأحزاب الحليفة له غضاضة في التصريح لصحيفة «الشرق الأوسط» بأن قوة أحزابهم في المشهد السياسي بإقليم البنجاب تكمن في دعم العشائر والعائلات. مع ذلك، لا يختلف الوضع لدى الأحزاب التي تسعى لأن تكون أحزابا ذات آيديولوجية. وسيكون هناك سباق في الحملة الانتخابية بين المرشحين لإثبات كل منهم أنه أكثر قدرة من الآخر على انتقاد الحكومات السابقة بسبب ارتفاع معدل البطالة والأسعار والأحمال الكهربائية والانفلات الأمني.

ويرى المحللون أن إنهاء الولاية التشريعية بالكامل تم بفضل مهارة زرداري في الإبقاء على التحالف الحاكم بلا تغيير، ورغبة قائد الجيش في البقاء خارج ساحة السياسة، وامتناع المعارضة عن المطالبة بانتخابات مبكرة. لكن على الرغم من تبني قوانين مهمة، فإن البرلمان الباكستاني شهد في السنوات الخمس الأخيرة تدهورا كبيرا في اقتصاد البلاد وأمن السكان.

وستحل محل الحكومة هذا الأسبوع إدارة انتقالية مكلفة شؤون البلاد إلى أن تقسم الحكومة الجديدة المنبثقة عن الاقتراع اليمين. وأكد أشرف أن من الإنجازات الأساسية لحزبه الحاكم نقل صلاحيات إلى الولايات. لكنه اعترف بأن الحكومة لم تتمكن من حل مشكلة الطاقة. ودعا الباكستانيين إلى المشاركة في انتخابات مايو المقبل، مؤكدا ثقته في أن الاقتراع سيكون عادلا، وقال: «بوجود أحزاب سياسية ولجنة انتخابات مستقلة ووسائل إعلام فعالة ومجتمع مدني وسلطة قضائية، ليست هناك إمكانية للتلاعب» في الاقتراع. وأكد رئيس الوزراء أنه «اتفق مع رؤساء حكومات الولايات الأربع على إجراء انتخابات وطنية ومحلية في اليوم نفسه». ولم يحدد موعد الانتخابات، لكن مسؤولين قالوا إن اللجنة الانتخابية أوصت بأن تجري في الثامن أو التاسع أو العاشر من مايو المقبل.

وقال خورشيد عالم، المسؤول في اللجنة الانتخابية، إن «اللجنة مستعدة، واقترحنا أن يجري الاقتراع في 8 أو 9 أو 10 مايو»، وأضاف أن «القرار يعود إلى الرئيس» زرداري، بموجب الدستور.

ويجري السياسيون مشاورات لتشكيل الإدارة التي ستحل محل الحكومة خلال حملة الانتخابات المقبلة. ويبدو أن حزب الشعب الباكستاني ما زال مختلفا مع المعارضة بشأن تشكيلة هذه الحكومة الانتقالية التي يجب أن تكون حيادية لضمان تنظيم انتخابات جيدة.