ماذا يريد الشارع اليمني من مؤتمر الحوار الوطني؟

غالبية متفائلة مع وجود متخوفين من نتائجه

TT

يتفاءل أغلب اليمنيين بمختلف توجهاتهم بمؤتمر الحوار الوطني للخروج بقرارات تاريخية لحل القضايا المزمنة التي لازمتهم على مدى أكثر من أربعة عقود. ووسط إجراءات أمنية مشددة، وظروف استثنائية تاريخية، يجتمع 565 مشاركا من مختلف الأطراف السياسية، والجماعات والتكتلات والحركات، في هذا المؤتمر، بينما تشهد شوارع العاصمة صنعاء، وأكثر من 6 مدن تم اختيارها لعقد جلسات فرق الحوار، انتشارا عسكريا وأمنيا، على الرغم من ذلك فهناك مخاوف وتشاؤم يسيطران على عدد من اليمنيين، ويأمل المجتمع اليمني من الضمانات والدعم الإقليمي والدولي بأن تكون أهم دعم وضمانة لنجاح هذا المؤتمر، باعتبار أن ذلك يأتي ضمن إطار استكمال عملية الانتقال السلمي التي نصت عليها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقرارات مجلس الأمن، بعد ثورة شعبية أطاحت بالنظام السابق في 2011، وتسببت في أزمات خانقة كادت تدمر البلد الأضعف اقتصاديا على مستوى المنطقة.

يقول الكاتب والمحلل السياسي مروان الغفوري إن «اليمن سئم الحروب، ونال منها ما يكفي، لهذا فالجميع ينشد الدولة القوية، والمجتمع المفتوح»، ويضيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «ما يدور من اختلاف بين الأطراف هو اختلاف حول حدود المجتمع المفتوح، وشكل الدولة القوية بمعنى خلاف حول التكوين والوظيفة للدولة، أي أنه خلاف فلسفي أكثر منه سياسي»، مؤكدا أن «عناصر الضمانة لنجاح مؤتمر الحوار متوفرة لحد كبير»، ويلفت الغفوري إلى أن الغرب الآن لديه «منطق تشكّل في السنوات الـ10 الأخيرة، ما بعد 11 سبتمبر، مفاده أن الدولة الفاشلة لا تقل خطرا عن الشيوعية، وهذه الفلسفة تشرح الحرص الأوروبي على الحوار الوطني، بصورة ما، وسيبدو من يعرقل الحوار كما لو أنه يحاول اللعب مع دالة الأمن بالنسبة للغرب، وهي دالة شديدة الحساسية لما لها من تداعيات اقتصادية مريعة، في واقعية اقتصادية غربية شديدة الارتباك».

أما سيف ماطر، فيرى أن «مؤتمر الحوار هو الوسيلة التي ستساعد في خروج اليمن مما هو فيه بشرط إخلاص النيات، وتغليب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية والحزبية والطائفية»، ويطالب ماطر بحسب حديثه لـ«الشرق الأوسط» بأن «يتناسى المشاركون التناقضات والصراعات التي من شأنها أن تعيق بناء الدولة المدنية الحديثة التي يحلم بها كل اليمنيين»، ويتابع: «يجب أن تسود لغة الحس الوطني الصادق، وليس لغة العنف والتهديد والدمار. عليهم أن يعيدوا المظالم لأهلها ويعملوا على حل القضايا المصيرية التي أرهقت الشعب، وذاق بسببها الويلات، ولم يعرف الاستقرار منذ عشرات السنين».

وعلى الرغم من التفاؤل الكبير في أوساط الشارع اليمن، فإن هناك من يشعر بالخوف من مؤتمر الحوار، حيث تعتبر سمر قائد، وهي مقدمة برامج في إذاعة خاصة الحوار الوطني «سيخلق مزيدا من الفوضى»، وتقول في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لا نحتاج إلى جلوس كل المتنازعين على طاولة واحدة، لأن المشكلات نعرفها، والخصوم معروفون، إضافة إلى أن مؤتمر الحوار سيكون فيه إهدار للمال والوقت، ويمكننا التعويض عن ذلك بالاستفادة من هذه الأموال في إصلاح كثير من القضايا الحقوقية، كالتعويض عن أراضي الجنوبيين، أو إعادة إعمار أبين».

وتفصح سمر عن مخاوفها بقولها: «بعد 6 أشهر، الله وحده أعلم كيف سيعيش اليمن، خاصة صنعاء، وربما استفاد كثير من الجماعات من ذلك في مزيد من الفوضى مثل (القاعدة والحوثيين والحراك)».

ويتفق معها الصحافي والكاتب فؤاد قائد علي من عدن، الذي يقول: «لا أتوقع نجاح المؤتمر، ولا أعول عليه، فهو ينعقد بوجود عوامل الفشل في ظل خلافات بعض القوى السياسية والحزبية والعسكرية، وفي ظل عدم استكمال هيكلة القوات المسلحة والأمن».

من جانبها، تنظر سهام الإسماعيلي (مذيعة في إذاعة عدن) للحوار كضرورة حتمية لإخراج اليمن من عنق الزجاجة، كما تقول. وتضيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «هو المخرج الوحيد لحلحلة الوضع القائم وحل المشكلات المتفاقمة جرّاء الممارسات الخاطئة وترحيل المشكلات، وخاصة في الجنوب وصعدة وتهامة».

فالحوار (بحسب سهام) يمكن من خلاله معالجة المشكلات، والبداية من «تشخيص المشكلة والبحث عن خيارات كثيرة لحلها».

ويعتقد كثير من شباب الثورة أن مؤتمر الحوار سيكون بوابتهم لتحقيق بقية أهداف ثورتهم، وبحسب د. فيصل علي (صحافي ومحلل سياسي) فإن «الحوار الوطني محطة انتصار جديدة لثورة التغيير السلمية 2011، ومشاركة كل القوى السياسية والاجتماعية المختلفة فيه دليل واضح أن جميع المشاركين قرروا أن يكون الحوار هو طريقهم للمستقبل، بما في ذلك قوى ناهضت الثورة منذ بدايتها أو من منتصفها».

ويضيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «الجميع يدرك أهمية الانطلاق نحو المستقبل، وأن فرصة التغيير مواتية لانتشال البلد من الهامش الذي عاشه منذ 60 عاما».

بينما يرى سليم خالد الشعيبي أن مؤتمر الحوار «حدث كبير يمثل مرحلة مهمّة من مراحل الثورة الشبابية السلمية، واليمنيون يعلقون عليه كثيرا من الآمال للخروج من أزماتهم السياسية والاقتصادية، ومن تبعات الصراعات المتراكمة بين الفرقاء منذ 5 عقود»، مشيرا إلى أنه «لا مجال لأي طرف لرفض الحوار أو إعاقته، لأن البديل هو الحرب واستمرار الصراع، ولا أعتقد أن أحدا من الفرقاء يمتلك الاستعداد الكامل لتحمل تبعات ذلك».

بينما تعتقد سمية الصلوي أن الحوار الوطني هو «قارب النجاة لليمن، بشرط أن تنجح الأطراف في تغليب المصلحة الوطنية على أي مصلحة أخرى»، مطالبة بإعطاء شباب الثورة مكانتهم المناسبة، و«يجب أن لا تضيق طاولة الحوار، وتكتفي بممثلي الأحزاب السياسية فقط».

ويتفق معها ثابت الأحمدي، الذي يعتبر أن «الحوار الوطني هو آخر الفرص السياسية لليمنيين جميعا للخروج من نفق الوضع المظلم الذي جثم على صدورهم سنوات كثيرة»، موضحا أنه «لأول مرة يجتمع اليمنيون بهذه الطريقة، وهو اجتماع بحجم المشكلات التي أمامهم، وبحجم التطلعات والتحديات التي عليهم التعاطي معها خلال المرحلة المقبلة تلبية لنداء الأجيال التي دفعت حتى الآن ثمن صراع الآباء».