بروتوكول جلسة حكومية سبقت التوصل إلى اتفاق كامب ديفيد

إسرائيل تستبق زيارة أوباما وتنشر ما كان «سريا للغاية»

TT

قبل ثلاثة أيام بالضبط من زيارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، نشرت إسرائيل بروتوكولا سريا للغاية لجلسة للحكومة الإسرائيلية عقدت في 12 مارس (آذار) سنة 1979، وفيها تجلى خلاف حاد في المواقف بينها وبين الولايات المتحدة، على خلفية المفاوضات المصرية - الإسرائيلية.

وكانت هذه الجلسة قد عقدت في وقت كان فيه الرئيس كارتر يزور إسرائيل، من أجل إنقاذ مفاوضات السلام مع مصر، بعد أن كان الرئيس المصري، أنور السادات، قد هدد بالانسحاب منها. ففي حينه كان قد مضى على مؤتمر كامب ديفيد عدة شهور، لكن المفاوضات من أجل تطبيقه تعثرت. وقد حضر كارتر لكي ينقذ المفاوضات، وأمضى ثلاثة أيام في مصر، ثم جاء إلى إسرائيل ينقل طلبات السادات، وهي أن تعرض إسرائيل جدولا زمنيا لانسحابها من سيناء، المقرر بعد تسعة شهور من تلك الجلسة.. وأن توافق على قدوم بعثة مصرية إلى قطاع غزة لتدير محادثات مع الفلسطينيين المحليين، من أجل تطبيق اتفاقية الحكم الذاتي الموقعة في كامب ديفيد. كما كان السادات قد رفض الربط بين اتفاقية السلام وبيع النفط المصري لإسرائيل بأسعار مخفضة.

وقد عقدت الحكومة الإسرائيلية جلسة استمرت لساعات طويلة وانتهت في الرابعة فجرا. وذهب الوزراء للراحة بضع ساعات وعادوا للاجتماع مرة أخرى، بينما كارتر ينتظر نتائج البحث ويهدد بمغادرة إسرائيل غاضبا. وحسب بروتوكول جلسة الحكومة الإسرائيلية المذكورة، فإن الرئيس الأميركي، جيمي كارتر، اقترب من المواقف المصرية، وكان في كل مرة يتفق فيها مع الإسرائيليين على شيء، ويرفضه السادات، يعود ويطرحه كمطلب أميركي. ويتضح من قراءة البروتوكول، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الوقت، مناحم بيغن، شكا لوزرائه من أن الرئيس كارتر يمارس ضغوطا شديدة، ويحاول فرض إملاءات عليه، بأن يوقع على الاتفاق المقترح، والذي يتضمن تجاوبا مع مطالب السادات «وقع الآن أو لا توقع إلى الأبد»، قال له. وسمح بيغن لنفسه بأن يعتبر ضغوط كارتر «وقاحة». وأبلغهم بأنه قال للرئيس الأميركي «سيدي الرئيس، نحن نوقع فقط على الأمور التي نوافق عليها. بينما الأمور التي لا نوافق عليها لن نوقع عليها».

وتباهى بيغن بموقفه هذا مع كارتر، وراح وزراؤه يردون بغضب على كارتر. وكان أشدهم حدة الوزير آرييل شارون، الذي رفض بشدة أي وجود مصري في قطاع غزة، بدعوى أن هذا سيكون مقدمة لإقامة دولة فلسطينية. ونافسه في التطرف الوزير لانداو، الذي أعرب عن رغبته في أن يغادر كارتر إسرائيل في أسرع وقت. فيما قال وزير المالية سمحا ايرليخ إنه حتى لو كانت إسرائيل مستعدة للتجاوب مع مطالب السادات التي تبناها كارتر، فينبغي على إسرائيل ألا تبلغ عن موافقتها الآن، لكي لا يفهم كارتر أن إسرائيل رضخت لضغوطه. وأعربوا عن رفضهم إعطاء جدول للانسحاب من سيناء قبل أن يرسل السادات سفيرا مصريا إلى تل أبيب ويوافق على صفقة النفط.

وقد ارتدع بيغن عندما رأى وزراءه يتمادون على كارتر، واستعان بوزير دفاعه عزرا فايتسمان، ووزير خارجيته موشيه ديان، ووزير القضاء شموئيل تمير، وقادة الجيش، الذين حذروا من إغضاب الرئيس الأميركي. وأوضحوا أن إسرائيل وافقت على حكم ذاتي للفلسطينيين، ولا يجوز عرقلة الجهود الأميركية في هذا الاتجاه. وهكذا، تمكن بيغن من السيطرة على الموقف، واقترح أن يلتقي مع كارتر ويفوض بالتوصل معه إلى حلول وسط. ونتيجة لذلك توصلوا لاتفاق تطبيق كامب ديفيد، الذي تم توقيعه في السادس والعشرين من ذلك الشهر في واشنطن.

وقد لفت النظر أن الحكومة الإسرائيلية أقدمت على نشر هذا البروتوكول السري أمس بالذات، قبل ثلاثة أيام من قدوم الرئيس أوباما.