أميركا تهدف إلى التوصل إلى اتفاق لنقل السيطرة على مركز اعتقال رئيسي إلى السلطة الأفغانية

«علماء أفغانستان» يطالب واشنطن بنقل مسؤولية سجن باغرام إلى الحكومة

TT

قال مسؤول بارز في كابل إن مسؤولين أفغانا وأميركيين يعكفون على إيجاد حل وسط يسمح لقوات أميركية خاصة بالبقاء في إقليم قريب من العاصمة يتمتع بأهمية استراتيجية مقابل سيطرة أفغانية كاملة على مركز اعتقال رئيسي مثار خلاف بين الجانبين. وأثار قرار الرئيس الأفغاني حميد كرزاي طرد قوات خاصة من إقليم وردك غضب مسؤولي الدفاع الأميركيين، إذ يخشون أن يتيح خروج هذه القوات عودة المتشددين لتعزيز وجودهم في المنطقة واستغلالها كقاعدة تنطلق منها الهجمات على كابل التي تبعد 25 كيلومترا فقط. وكان من المقرر أن تغادر القوات الأميركية الخاصة التي تقاتل طالبان في الإقليم المنطقة قبل أسبوع، غير أن مسؤولين أميركيين وأفغانا أبلغوا «رويترز» أنها لا تزال تعمل هناك.

وقال مسؤول حكومي بارز لـ«رويترز» في مطلع الأسبوع طالبا عدم نشر اسمه لأنه غير مخول بالحديث في الأمر: «قد يكون هناك تنازل بشأن وردك إذا منح الجانب الأفغاني السيطرة الكاملة على سجن باغرام، ما يساعد الرئيس كرزاي الذي يعتبر الأمر قضية سيادية. وسلمت الولايات المتحدة السجن الذي يخضع لإجراءات أمنية مشددة ونحو ثلاثة آلاف من مقاتلي طالبان المشتبه بهم للسلطات الأفغانية، في حين امتنعت عن تسليم مئات آخرين من مقاتلي طالبان خشية الإفراج عنهم. وذكرت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» أن وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل والرئيس الأفغاني حميد كرزاي اتفقا خلال اتصال هاتفي أول من أمس على استغلال الأسبوع الحالي للقيام بعمل مكثف بهدف التوصل إلى اتفاق. ويعد نقل السيطرة على مركز الاعتقال في قاعدة باغرام الجوية مصدرا دائما للتوتر بين كابل وواشنطن مع تحذير مكتب كرزاي في بيان يوم الأربعاء من أن «أي تأخير آخر قد يضر بالعلاقات بين البلدين».

ويريد القادة الأميركيون ضمان عدم إطلاق سراح السجناء الخطيرين ليعودوا إلى ساحة القتال، ولكن كرزاي دق أجراس الخطر بتحذيره من أن أي سجين بريء محتجز في السجن سيطلق سراحه. وأمر كرزاي برحيل القوات الخاصة من وردك بعد أن شكا سكان الإقليم من تعذيب القوات الخاصة ومن يعمل معهم من الأفغان لمدنيين وقتلهم، وقد نفت الولايات المتحدة هذا الاتهام بشدة. وقال مسؤول بحلف شمال الأطلسي لـ«رويترز» إن العمليات مستمرة في وردك، وأكد على أنها «مفيدة للائتلاف والأفغان». ويقول ساسة معارضون إن أمر الطرد الذي أصدره كرزاي خطوة سياسية تهدف إلى تعزيز قاعدة التأييد لحزبه قبل انتخابات الرئاسة العام المقبل. ولا يحق لكرزاي خوض الانتخابات مرة أخرى.

واستشاط البعض في وردك غضبا لاستمرار أنشطة القوات الخاصة الأميركية في الإقليم وتوافد نحو ألف من سكانه على العاصمة أمس للمطالبة برحيلها. ويتوقع أن تلعب القوات الخاصة دورا رئيسيا في أفغانستان عقب سحب حلف شمال الأطلسي قواته بحلول نهاية العام المقبل، وينظر إلى قرار كرزاي طرد هذه القوات على أنه يعقد المحادثات بين الولايات المتحدة وأفغانستان بشأن نطاق العمليات الأميركية بعد الانسحاب.

إلى ذلك، حذر المجلس الوطني لعلماء أفغانستان، أعلى هيئة دينية بالبلاد، من أن القوات الأميركية ستعد قوة «احتلال» إذا لم تعمد واشنطن إلى نقل المسؤولية الأمنية عن سجن باغرام إلى الحكومة الأفغانية. وقال المجلس في بيان إنه «إذا لم يفِ الأميركيون بوعدهم بتسليم المسؤولية الأمنية للسجن فهذا يعني احتلالا ويجب أن يكونوا مستعدين للنتائج التي ستترتب على هذا الرفض». وأضاف المجلس الذي تموله الحكومة الأفغانية أن التصريحات الأخيرة المناهضة للأميركيين التي أدلى بها الرئيس كرزاي تشكل «الصوت الحقيقي للشعب المسلم في أفغانستان». ويعد مصير السجناء المعتقلين في باغرام أحد أسباب تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة والحكومة الأفغانية، مع تشديد كرزاي على أن تنتقل إلى القوات الأفغانية مسؤولية السجن الواقع في شمال كابل. وأرجئ نقل المسؤولية عن باغرام مرارا على خلفية نزاع بين المسؤولين الأميركيين والأفغان حول إمكان الإفراج عن معتقلين فيه يشتبه بأنهم يريدون الانضمام إلى المسلحين.

في المقابل اعتبر قائد قوات الحلف الأطلسي (ناتو) في أفغانستان الجنرال الأميركي جوزف دانفورد أن بعض المعتقلين في باغرام سيشكلون «خطرا فعليا» إذا عادوا إلى ميادين القتال. وكان كرزاي قد طالب مؤخرا بانسحاب القوات الخاصة الأميركية من ولاية ورداك واتهمها بارتكاب تجاوزات. وسار مئات المتظاهرين الأفغان إلى مبنى البرلمان في كابل السبت، مطالبين بانسحاب القوات الخاصة الأميركية من هذه الولاية.