الجيش السوري الحر يتعهد الالتزام بأوامر الحكومة الانتقالية الجديدة

المعارضة المجتمعة في إسطنبول تتخطى الخلافات وتتفق على حكومة في الداخل

زعيم الائتلاف السوري المعارض معاذ الخطيب يتحدث في اجتماعات إسطنبول حول تشكيل الحكومة المؤقتة أمس (أ.ب)
TT

تخطت المعارضة السورية معارضة رئيسها الشيخ معاذ الخطيب لتأليف حكومة انتقالية تدير المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، بشروعها في مناقشة أسماء المرشحين المحتملين لتشكيل هذه الحكومة من قائمة تضم 12 شخصا تناقصت حظوظ بعض أفرادها لتنحصر المنافسة عمليا بين 3 أشخاص هم أسامة القاضي وغسان هيتو وأسعد مصطفى.

ومن المتوقع أن يصوت أعضاء الائتلاف الوطني التي تنعقد هيئته العامة في إسطنبول اليوم على اسم الرئيس الذي سيكلف تشكيل الحكومة وسيكون عليه الانتقال إلى الداخل السوري للإقامة والعمل من هناك، وهو الشرط الأول الذي رفعته قوى المعارضة في الداخل، والتي أبلغت المجتمعين أنها لن تقبل برئيس حكومة يتواصل معها عبر «سكايب»، فيما تعهد رئيس أركان الجيش السوري الحر اللواء سليم إدريس بحماية الحكومة وأعضائها «حتى في قلب دمشق» كما قال لـ«الشرق الأوسط» بعد مؤتمر صحافي عقده على هامش الاجتماع. وقال إدريس إنه قدم شرحا مطولا للمجتمعين عن أوضاع الكتائب المسلحة واحتياجاتها، مشيرا إلى أنه يتخوف من عدم تطبيق الوعود الدولية بتقديم السلاح النوعي، معتبرا أن هذا من شأنه أن يطيل عمر الأزمة سنوات إضافية.

وكانت الجلسة الأولى للهيئة العامة للمجلس استهلت بتقريرين، أحدهما لرئيس الائتلاف الشيخ معاذ الخطيب الذي تلا للحاضرين بيانا تفصيليا عن اجتماع أصدقاء سوريا الأخير في روما، كما قدم رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الحر سمير إدريس شرحا للوضع الميداني على الأرض.

ويناقش المجتمعون أيضا الكثير من الملفات على رأسها مهام وآلية عمل الحكومة المؤقتة التي من المفترض أن تمارس مهامها من داخل سوريا لإدارة المناطق التي يسيطر عليها الثوار. وقال المسؤول الإعلامي للائتلاف خالد الحاج صالح إن 73 عضوا سيختارون واحدا من 12 رشحتهم مختلف أطياف وتيارات المعارضة. وأوضح أن من يحصل من المرشحين على 51% من الأصوات سيكون رئيس الوزراء المقبل بشكل تلقائي، دون اللجوء إلى مرحلة ثانية من الانتخابات. وإذا لم يحصل أي مرشح على هذه النسبة فإن المرشحين اللذين يحصلان على أعلى نسبة من الأصوات سيخوضان الانتخابات في المرحلة الثانية، حيث يفوز المرشح الذي يحصل على النسبة الأكبر من الأصوات. وأعلن صالح أن جلسة الانتخاب ستكون علنية، كما يسمح لوسائل الإعلام بمتابعتها والاطلاع على إحصاء الأصوات، مشددا على أن رئيس الحكومة سيشكل أعضاءها في الداخل السوري وأن الحكومة الجديدة «لن تعمل على سكايب والإنترنت».

وعلى الرغم من أن رئيس الائتلاف أصر على موقفه المعارض، فإن النقاشات داخل الاجتماع تجاوزت هذا الاعتراض إلى بحث اسم رئيس الحكومة بعد أن سقط اقتراح إنشاء سلطات محلية، كما سقط أيضا اقتراح تأليف هيئة تنفيذية باعتبار أن الحكومة «تغني عنها» كما قال عضو اللجنة القانونية للائتلاف هشام مروة لـ«الشرق الأوسط». وقال: «جرت حوارات ونقاشات تتعلق بآليات عمل الائتلاف وسبل الانتقال نحو المأسسة كانت الأجواء مرنة جدا بعيدا عن التشنج والحدية» وأكد مروة أن «عملية الانتخاب ستجري وفقا للنظام الداخلي الخاص بالائتلاف في حال لم نتوصل إلى توافق حيث سيتم تسمية شخصيات والتصويت لها وبعد فرز الأصوات إذ كان من الشخصيات قد حصل على الأغلبية المطلقة تعادل أكثرية الأصوات ستنتهي العملية وفي حال لم يتم ذلك سننتقل إلى مرحلة ثانية نعتمد خلالها الشخصية الأكثر حصول على الأصوات الناخبة». ورجح مروة «أن تسير العملية نحو التوافق بعد حصر المنافسة بثلاثة أسماء هم سالم المسلط - أسامة القاضي - غسان هيتو» مؤكدا أن «المجلس الوطني اختار 3 أسماء كمرشحين له بهدف دعم خيار التوافق وعدم الذهاب إلى معركة انتخابية».

ونفى مروة وجود خلافات داخل أقطاب المعارضة السورية مشددا على أن «وسائل الإعلام تضخم الأمور كثيرة إضافة إلى أن بعض الشخصيات المعارضة تحول مخاوفها إلى وقائع»، وعن حصول ضغوط من قبل الدول الداعمة للثورة بهدف انتخاب هذا الاسم أو ذاك أكد مروة وطنية القرار المعارض نافيا قيام أي دول بالضغط على المعارضة لانتخاب شخص معين.

وفي حين نوه مروة بمرونة الإخوان المسلمين وعدم عرقلتهم لأي مسلك يحقق التوافق ومصلحة الثورة شدد على أن صلاحية رئيس الحكومة المنتخب لن تتضارب مع صلاحيات رئيس الائتلاف أو سواه مؤكدا أن مبدأ فصل السلطات قائم في ممارسات المعارضة وأدبياتها.

ورفع المجتمعون جلستهم إلى السابعة مساء بتوقيت إسطنبول (الخامسة بتوقت غرينتش) لإفساح المجال أمام المشاورات، خصوصا أن المجتمعين أبلغوا المجلس الوطني بضرورة الاتفاق على اسم واحد يرشحونه لرئاسة الحكومة بدلا من 4 أسماء مطروحة حاليا، كما أن اللجنة القانونية خيرت المرشحين لرئاسة الحكومة من أعضاء الائتلاف بين الاستقالة من الائتلاف أو الاستمرار في ترشيحهم.

وجدد الصالح تأكيده رفض الائتلاف القاطع للحوار مع النظام، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن مبادرة الخطيب رفضت من قبل النظام وبالتالي أصبحت خلفنا، نافيا ما تردد عن نية الخطيب بالاستقالة.

وقد أكد الخطيب، بدوره، أن هناك آراء مختلفة تطرح في الاجتماع، لافتا إلى أن البحث مستمر عن الأفضل، إضافة إلى مناقشة الحلول المقترحة. وقال الخطيب إن مسألة اختيار رئيس للوزراء، وتشكيل حكومة، مسألة تحتاج إلى وقت، مشيرا إلى أن أعرق برلمانات العالم، تستغرق وقتا طويلا حتى تصل إلى قرار. واعتبر أن هذا نوع من الممارسة الديمقراطية، مشددا على أن الشد والجذب، ليس عملية سلبية، لأن المسألة تحتاج إلى أن تأخذ حقها، على الرغم من أن الداخل ينتظر الحكومة بفارغ الصبر.

وفي مؤتمر صحافي عقده بعد مشاركته في الجلسة الافتتاحية أكد رئيس هيئة أركان الجيش الحر، اللواء سليم إدريس، أن الهيئة ستعمل تحت مظلة حكومة يجمع عليها الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، وتأمين وجودها ومقراتها ومواكبها الوزارية، داخل الأراضي السورية، ما خلا من القصف الجوي، وقصف الصواريخ بعيدة المدى، مرجعا سبب ذلك، إلى عدم امتلاك الكتائب لأسلحة دفاع جوي. وأعلن اللواء إدريس أن الهيئة ستعترف بالحكومة المؤقتة، التي يعمل الائتلاف الوطني على تشكيلها، مؤكدا أن هذه الحكومة هي الممثل الوحيد للشعب السوري، وأنها ستعتبر حكومة النظام السوري، «حكومة احتلال». وأشار إدريس، إلى أن 90% من القوى العسكرية الثورية في سوريا، تعترف بهيئة الأركان، مناشدا من تبقى من هذه القوى إلى الاعتراف بها.

وأبدى اللواء إدريس تخوفه من استخدام النظام للسلاح الكيماوي ضد الشعب السوري، مطالبا بتأهيل عناصر لتأمين السلاح، ومنعه من الوقوع بأيدٍ غير آمنة، بالإضافة إلى مطالبة دول أصدقاء سوريا، بالإيفاء بوعودها، وبدعم الجيش السوري الحر. ودعا الدول الغربية إلى تحويل وعودها من «أقوال إلى أفعال»، معتبرا أن عدم إيفاء دول أصدقاء سوريا بوعودها هذه، دفع روسيا إلى إرسال أطنان من الأسلحة والذخيرة إلى قوات النظام، متعهدا بتقديم ضمانات لضبط حركة السلاح وتوزيعه، وعدم وقوعه بأيادٍ متطرفة.

وأشار سليم إدريس إلى قيام حزب الله بقصف الأراضي السورية، من داخل الأرضي اللبنانية وبعض القرى الحدودية الموالية للنظام، مبديا استعداد الجيش الحر لسحب مقاتليه، من المناطق الحدودية، لتسوية الأزمة، ومعلنا قبول الجيش الحر لنشر قوات لبنانية أو عربية أو دولية، لضبط الحدود، كي يسحب الجيش الحر مقاتليه من هذه المناطق تزامنا مع انسحاب مقاتلي حزب الله. وانتقد إدريس تعاون حزب الله مع الحرس الثوري الإيراني، وتشكيل قوى مسلحة بحجة حماية الأماكن المقدسة، مؤكدا أن الجيش الحر سيواجه هذه القوات بالقوة، مطالبا المجتمع الدولي بعدم السماح لإيران بتنفيذ مخططاتها. وأكد إدريس قدرة الجيش الحر على ضمان استخدام السلاح، والحيلولة دون وقوعه في أيادٍ غير آمنة، مشددا على أن سوريا تخلو من الكتائب الإرهابية، ومطالبا الدول الغربية بتقديم أدلة تثبت تورط أي كتائب عاملة في الداخل بعمليات إرهابية.

وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» عقب انتهاء اليوم الأول من الاجتماع، قال إدريس إن الحكومة اللبنانية مسؤولة عن أمن حدودها، وعليها أن ترسل جيشها إلى الحدود لضمان الأمن هناك ونزع الذرائع من حزب الله الذي يعتدي على أراضينا. وإذ أكد أن الجيش الحر «لن يلعب دورا سياسيا وسيلتزم أوامر الحكومة التي ستؤلف»، قال إن الكتائب غير المنضوية في هيئة الأركان لم تقل إنها لا تعترف بالائتلاف ولن تعترف بالحكومة، مشيرا إلى أن هذه الكتائب أقلية. وأوضح أن من يرفض من المنضوين في هيئة الأركان أوامر الحكومة المؤقتة «سيتم التعامل معه بالطرق المناسبة».

وكرر إدريس مناشدة العالم تقديم السلاح إلى المعارضة، مبديا تخوفه من «تقصير العالم واستمرار المعارك سنوات إذا لم يتم تقديم السلاح» مبديا عتبه على «الأوروبيين والأميركيين في هذا الشأن».