واشنطن تؤكد أن الطيران السوري قصف مواقع في لبنان

«الجيش الحر» يسيطر على مساكن الضباط بريف حمص

TT

أكدت وزارة الخارجية الأميركية أن طائرات حربية سورية شنت للمرة الأولى الاثنين غارات داخل الأراضي اللبنانية، مشددة على أن هذا القصف يمثل «تصعيدا كبيرا» في النزاع.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند إن «طائرات ومروحيات للنظام السوري أطلقت صواريخ على شمال لبنان وأصابت وادي الخيل (أكرر وادي الخيل) قرب مدينة عرسال الحدودية. وهذا يمثل تصعيدا كبيرا في الانتهاكات لسيادة الأراضي اللبنانية تتحمل سوريا مسؤوليته». وأضافت أن «هذا النوع من انتهاك السيادة غير مقبول على الإطلاق».

وحرصت نولاند على تذكير نظام دمشق بأن قرارا للأمم المتحدة طلب احتراما صارما لسيادة ووحدة أراضي لبنان.

وكان مصدر عسكري لبناني أعلن أن «طائرات حربية سوريا قصفت الحدود بين لبنان وسوريا، لكن لا يمكنني أن أؤكد حتى الآن ما إذا كان القصف طاول أراضي لبنانية».

إلا أن مصدرا أمنيا لبنانيا قال لوكالة الصحافة الفرنسية إن الصواريخ سقطت في منطقة جرود عرسال داخل الأراضي اللبنانية. وتشكل عرسال طريقا مثاليا لتهريب الأسلحة أو لعبور مقاتلين عبر الحدود.

وفيما بدا تحولا خطيرا في مسار معالجة المجتمع الدولي للأزمة السورية، أعلنت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أنها لن تقف في طريق أي بلد يسعى إلى إعادة التوازن في القتال ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد الذي تدعمه روسيا وإيران وحزب الله اللبناني.

وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري للصحافيين في ختام مباحثاته مع وزير الخارجية الأسترالي بوب كار: «الولايات المتحدة لن تقف في طريق البلدان الأخرى التي اتخذت قرارا بتقديم الأسلحة للمعارضة سواء كانت فرنسا أو بريطانيا أو آخرين».

وأضاف: «كلما طال أمد الحرب في سوريا المستمرة منذ عامين زاد خطر انهيار المؤسسات وخطر حصول المتطرفين على الترسانة الواسعة من الأسلحة الكيمائية» ووصف كيري أزمة اللاجئين السوريين الذين فروا إلى الدول المجاورة وبلغ عددهم 450 ألف شخص أن الصراع أصبح «كارثة عالمية» وشدد كيري أن العالم يحتاج أن يقوم الأسد بتغيير حساباته.

وأشار كيري «إذا كان الأسد يعتقد أنه يستطيع النجاح فالسوريون يواجهون مشكلة والمنطقة تواجه مشكلة والعالم كله يواجه مشكلة». وأوضح وزير الخارجية الأميركي أن الولايات المتحدة تريد ترك الباب مفتوحا للتوصل إلى حل سياسي لكن هناك قلقا لدى المعارضة السورية وتأتي تصريحات وزير الخارجية الأميركية بعد تصريحات من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الأسبوع الماضي تدعو الاتحاد الأوروبي لرفع الحظر على بيع الأسلحة لسوريا بما يسمح لكل من فرنسا وبريطانيا بإرسال أسلحة إلى المعارضة السورية بحلول مايو المقبل لكن وقفت ألمانيا وغيرها من دول الاتحاد الأوروبي ضد رفع الحظر وأبدوا مخاوفهم من أن إرسال أسلحة للمعارضة السورية قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد للازمة السورية ومزيد من الاضطرابات في المنطقة.

وداخل سوريا, أعلن الجيش السوري الحر، أمس، سيطرته على مساكن الضباط التابعة للقوات النظامية في ريف حمص الجنوبي. وأشار ناشطون معارضون إلى أن «الكتائب المعارضة أحكمت سيطرتها على أربعة حواجز في قرى حمص؛ هي: الضبة والكويتي والضبعة والسعودي، بعد اشتباكات ضارية، قتل على أثرها 37 جنديا نظاميا، وأسر 18 عنصرا من الشبيحة، بينما غنم الثوار كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر بعد نجاح العملية».

ويقول ناشطون إن «النظام السوري يستخدم مساكن الضباط في ريف حمص لقصف مدينة القصير ومحيطها». وتعتبر هذه العملية هي الثانية في أقل من أسبوع التي يتمكن فيها «الجيش الحر» من الاستيلاء على كميات من الأسلحة خلال معاركه مع القوات النظامية، حيث استولى مسلحو المعارضة منذ أيام على مخازن للأسلحة والذخيرة في قرية خان طومان في ريف حلب الجنوبي بعد اشتباكات عنيفة دامت فترة طويلة. وتضم المخازن، بحسب مصادر المعارضة، عددا محدودا من صناديق الذخيرة المتبقية بعد نقل المخزون الأساسي من قبل قوات النظام.

وأظهر شريط فيديو بث على موقع «يوتيوب» على الإنترنت، مقاتلين معارضين داخل مخزن للذخيرة مليء بالصناديق التي يفتحها المقاتلون، وتبدو فيها قذائف صاروخية ومدفعية.

إلى ذلك، اقتحمت القوات النظامية، مدعومة بمجموعات من «الشبيحة»، المدينة الجامعية في حي المزة بدمشق واعتقلت عددا من الطلاب واعتدت بالضرب على آخرين. وقال علاء الباشا، الناطق باسم «لواء سيف الشام» في دمشق، لـ«الشرق الأوسط» إن «الهجوم على المدينة الجامعية في دمشق يأتي في سياق حملة الاقتحامات التي ينفذها النظام في حي المزة السكني»، وأضاف: «النظام يتبع استراتيجية تمشيط الأحياء في العاصمة»، مؤكدا أن «الهدف من هذه الاقتحامات اعتقال الناشطين المتعاونين مع «الجيش الحر».

وذكر ناشطون معارضون أن القوات النظامية قصفت بالصواريخ وقذائف الدبابات مدينة داريا بريف دمشق، مما أحدث انفجارات هائلة هزت المنطقة وألحقت دمارا كبيرا بالمنازل السكنية. وتزامن ذلك مع توافد حشود عسكرية تابعة لقوات النظام إلى المنطقة. كما دارت اشتباكات عنيفة داخل إدارة الحرب الإلكترونية ومؤسسة معامل الدفاع في البحدلية قرب مدينة السيدة زينب، كما اقتحمت قوات النظام بلدة بيت سابر بريف دمشق وشنت حملة دهم للمنازل واعتقالات وسط إطلاق نار، وفقا لناشطين.

وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى تعرض أحياء في دمشق لقصف نظامي، لا سيما في منطقة المادنية وحي جوبر، في حين تعرض مخيم اليرموك والمنطقة المحيطة به جنوب العاصمة لقصف صاروخي في وقت متأخر، بحسب المرصد. وذكرت «الهيئة العامة للثورة السورية» أن قصفا عنيفا براجمات الصواريخ استهدف مناطق سبينة ومنطقة المادنية وقصف بالهاون على حي الحجر الأسود ومخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين. وشهد المخيم، وهو الأكبر في سوريا، غارات جوية وقصفا نهاية ديسمبر (كانون الأول)، مما دفع الآلاف من سكانه، البالغ عددهم 150 ألف شخص، إلى مغادرته.

وفي درعا جنوب سوريا، شهدت أحياء طريق السد ومخيم النازحين بدرعا قصفا عنيفا من قبل القوات النظامية، بالتزامن مع استمرار القصف المدفعي على بلدة تل شهاب وقرى منطقة اللجاة بريف درعا، وقصفت قوات النظام معظم أحياء مدينة دير الزور والمنطقة الشمالية بمدينة الرقة.

في موازاة ذلك، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، في تقرير نشره أمس، أن أكثر من 6800 طفل وامرأة قتلوا جراء النزاع السوري المستمر منذ منتصف مارس (آذار) 2011. وأعلن أن عدد الضحايا الذين سقطوا منذ اندلاع الأحداث في سوريا وصل إلى 59 ألف شخص، مخالفا بذلك أرقام الأمم المتحدة العائدة إلى فبراير (شباط) الماضي التي تؤكد مقتل نحو 70 ألف شخص.

وأشار المرصد إلى وجود 1086 مقاتلا معارضا مجهولي الهوية بين القتلى، موضحا أن «غالبيتهم الساحقة من غير السوريين»، بالإضافة إلى «1973 مدنيا مجهولي الهوية». وأوضح المرصد في بيانه أن من «بين الضحايا 4264 طفلا دون سن الثامنة عشرة، و2579 أنثى فوق سن الثامنة عشرة»، إضافة إلى «4093 مدنيا و1783 جنديا منشقا و14752 عنصرا من قوات النظام».