هادي: «القضية الجنوبية» هي المحور الرئيس في مؤتمر الحوار الوطني

بن عمر يشيد بالجهود الخليجية > مستشار باسندوة: أطراف تسعى لإفشاله

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي (وسط) يلقي كلمته أثناء افتتاح مؤتمر الحوار الوطني في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

بدأت في العاصمة اليمنية صنعاء، أمس، فعاليات مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي ينعقد في ضوء نصوص المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية لحل الأزمة في اليمن، ويترأس الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي المؤتمر، وقد عين عددا من النواب له لرئاسة جلسات المؤتمر الذي حضر افتتاحه الدكتور عبد اللطيف الزياني أمين عام مجلس التعاون الخليجي، وجمال بن عمر مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن.

وتطرق الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في افتتاح أعمال المؤتمر بدار الرئاسة في صنعاء إلى جملة من القضايا المهمة على الساحة اليمنية، وإلى الدعم الإقليمي والدولي الذي يحظى به المؤتمر، وانتظار الجميع لمخرجاته، وشدد على أهمية نجاح المؤتمر، وقال هادي إن «الأقدار تشاء أن ينعقد هذا المؤتمر الكبير في الثامن عشر من مارس (آذار) الذي كان قبل عامين يوما فارقا في ملحمة التغيير اليمانية باستشهاد ذلك العدد الكبير من شباب اليمن الطاهر، في الحدث الذي زلزل ضمير اليمنيين جميعا والعالم كله، فكان البذرة الأولى للحل السياسي، الذي تعارفنا عليه لاحقا بـ(المبادرة الخليجية)، ناتجا عن ذلك اليوم الدامي».

وأشاد الرئيس اليمني بالمبادرة الخليجية التي أخرجت اليمن من نفق الحرب إلى السلم والحوار، وقال إنها «كانت خطوة جادة وحاسمة في دوران عجلة التغيير إلى الأمام، حيث وصلت إلى هذا اليوم الذي سيكون هو الآخر لحظة مفصلية خالدة، لن يكون اليمن بعدها كما كان قبلها بكل تأكيد، فإما أن يمضي اليمانيون نحو فجر جديد ومستقبل مشرق، أو العودة (لا سمح الله) إلى نفق مظلم لا تقوم لهم بعده قائمة، ولا يجدون منه مخرجا ولا مفرا».

ودعا هادي أبناء شعبه إلى تغليب لغة الإرادة الوطنية من أجل المضي نحو نتائج إيجابية من الحوار الوطني، والعمل كفريق واحد في إطار الحوار، وأكد أن اليمن اليوم «أمام لحظة فارقة تتطلب منا جميعا إرادة قوية في تغيير طرق تفكيرنا العقيمة وآليات أدائنا السقيمة التي ما جلبت لليمن إلا الشر والفساد والاستبداد والبؤس وتسيد المشاريع الصغيرة»، كما أكد أن هناك طريقا واحدا فقط أمام اليمنيين في مؤتمر الحوار هو طريق النجاح فقط، وأردف: «ستتجاوزون تعقيدات الماضي وعاداته الأسيرة وأساليبه الجامدة، وستضعون اللبنات الأساسية لبناء يمن جديد موحد وآمن ومستقر، وذلك يتطلب من المشاركين في المؤتمر الاتفاق على نقطة البداية الصحيحة بكل تجرد وصدق وإخلاص، وبما يكفل الوصول بنا بشكل تلقائي ومنطقي وواقعي إلى النقطة التالية التي تليها، ولكي تتكلل أعمالنا بالنجاح الكبير، وحتى لا نخيب ظن شعبنا بنا ولا آمال العالم فينا».

وقال الرئيس اليمني إن القضية المحورية والجوهرية للحوار الوطني، التي ستكون المفتاح الأساسي لمعالجة سائر القضايا هي «القضية الجنوبية»، التي «يجب أن يقفوا أمامها بمسؤولية وإحساس وطني عميقين بعيدا عن العواطف والحلول المطبوخة والجاهزة والتصورات غير المدروسة والضغوط السياسية وكل أنواع الابتزاز وردود الفعل»، مؤكدا على أن «أي تفكير لفرض أي تصور لمعالجة هذه القضية الوطنية بالقوة المسلحة لن يقود إلا إلى فشل ذريع وأخطاء كارثية ودمار كبير، وهو الدرس الذي تعلمناه من الحروب السابقة التي لا تزال ماثلة أمامنا ولا نريد تكرارها في أي اتجاه، لأننا في النهاية شعب واحد يجمعنا من القواسم المشتركة أكثر مما يفرقنا».

وحول عدم مشاركة بعض فصائل الحراك الجنوبي في مؤتمر الحوار الوطني وتحفظ البعض على تشكيلة قوائم المؤتمر، قال راجح بادي مستشار رئيس الوزراء اليمني في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» في لندن: «كنا نأمل أن تشارك جميع القوى السياسية لأن مشاركتها ستكون ضمانة حقيقية لنجاح أكبر للمؤتمر، لكن للأسف فوجئنا بأن القوى التي كانت تريد حوارا دون شروط هي التي تضع شروطا للحوار، وهي شروط الانفصال»، مؤكدا أن «هذه القوى لديها توجه مسبق لإفشال الحوار»، وأضاف بادي: «هناك من علق مشاركته لضمان نتائج أكثر جودة للحوار وهؤلاء يمكن أن تصل معهم القيادة السياسية إلى نقطة التقاء».

وذكر مستشار رئيس الوزراء اليمني أن «الجلسة الافتتاحية طمأنت غالبية الشعب سواء إدارة الجلسة أو كلمة رئيس الجمهورية»، مشيدا في الوقت ذاته بمواقف المجتمع الدولي الذي أكد أنه «لن يسمح بإفشال الحوار الوطني في اليمن».

من جانبه، أشاد المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، جمال بن عمر بدور دول مجلس التعاون الخليجي في حل الأزمة اليمنية، عبر تقديمها للمبادرة الخليجية، وقال إن الأمم المتحدة «بنيت على أسس تلك المبادرة لإيجاد طريق لانتقال ديمقراطي يلبي تطلعات اليمنيين واليمنيات، وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2011م، أثمرت تلك الجهود التوقيع على الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية، وهنا لا بد أن أحيي القيادات اليمنية وأثني على شجاعتها التي أفضت إلى هذا الاتفاق التاريخي». وأضاف المبعوث الأممي أن «التفاوض على الاتفاقية في البداية كان من قبل الأحزاب السياسية الرئيسة، ولم يكن الشباب، الذين خرجوا بشجاعة من أجل التغيير، على طاولة المفاوضات كما هو حال مكونات مهمة أخرى».. مؤكدا أن اتفاقية نقل السلطة وفرت عملية شاملة لإحداث التغيير، بدلا من إعادة إنتاج النظام القائم، لأن الإرادة العامة والشعبية كانت مع التغيير الحقيقي». وقد تأخرت أعمال المؤتمر لنحو ساعتين في انتظار وصول أمين عام مجلس التعاون الخليجي للمشاركة في افتتاحه، غير أنه تأخر، وبعد أن ألقيت كلمة باسمه من قبل المهندس سعد العريفي، مدير مكتب مجلس التعاون الخليجي بصنعاء، وصل الزياني ودخل إلى القاعة واضطر أن يلقي كلمة أخرى مرتجلة، أكد فيها أنه كان في الأجواء مقبلا من الرياض إلى صنعاء، غير أن خللا فنيا في الطائرة التي كانت تقله اضطره إلى العودة إلى الرياض لإصلاح الخلل ثم العودة إلى صنعاء مجددا، وأكد الزياني في كلمته المقتضبة على «حرص قادة دول مجلس التعاون الخليجي على دعم الشعب اليمني، وتهنئتهم له بالإنجازات التي تحققت حتى الآن، وتمنياتهم بنجاح المؤتمر الذي يمثل فرصة لتحقيق الكثير. مثمنا ما حققه اليمن في مسار التسوية السياسية حتى الآن»، وأعرب عن ثقته في «اتفاق جميع اليمنيين بما يسهم في الخروج من مؤتمر الحوار الوطني الشامل بمخرجات تخدم آمال وتطلعات الشعب اليمني».

الى ذلك نظم عشرات الألوف في جنوب البلاد مسيرات تطالب بالاستقلال وهو ما يسلط الضوء على حجم المهمة التي تقع على عاتق الزعماء. وقال شهود عيان إن بلدات جنوبية أخرى شهدت مسيرات مماثلة منها المكلا وتريم والشهر والسيوم. وأضاف شهود عيان أن المئات من أفراد الأمن انتشروا في المناطق الرئيسية في عدن وتمركزوا أمام منشآت حيوية مثل البنوك والمكاتب الحكومية. فيما أكدت توكل كرمان الحائزة على جائزة نوبل للسلام عدم مشاركتها في الحوار احتجاجاً على ماأسمته عدم تمثيل الشباب بشكل مناسب.

ويشارك في مؤتمر الحوار الوطني الشامل 565 عضوا وعضوة يمثلون أطياف اللون السياسي اليمني والمرأة والشباب.