صعوبات تعترض حكومة المعارضة السورية.. مستقلون ينسحبون

هيتو لـ «الشرق الأوسط» : سأعرض تشكيلتي على الائتلاف في أقرب وقت ممكن

غسان هيتو عقب انتخابه لرئاسة الحكومة الانتقالية السورية في إسطنبول أمس (أ.ف.ب)
TT

بدأت المعارضة السورية أمس البحث في «شكل» الحكومة المؤقتة التي انتخب المعارض غسان هيتو رئيسا لها فجر أمس في اجتماع للائتلاف الوطني لقوى الثورة، في حين كانت هذه الحكومة تصاب بأول الأضرار عبر انسحابات من قبل بعض قيادات الائتلاف احتجاجا على «تفرد الإخوان بفرض مرشحهم».

وقال هيتو لـ«الشرق الأوسط» إنه سيبدأ البحث الجدي في تشكيلته التي سيعرضها على الائتلاف الوطني «في أقرب وقت ممكن»، معتبرا أن الوقت الآن للعمل من أجل النهوض بالمناطق السورية المحررة، ولا بد من تضافر كل الجهود لهذه الغاية». ورفض الخوض في تفاصيل عملية الانتخاب «التي أصبحت وراءنا.. والمهم أننا جميعا اتفقنا على ما فيه مصلحة الثورة والشعب السوري». ورجحت مصادر في المعارضة السورية أن تكون الحكومة مصغرة لا يتجاوز عدد أعضائها الـ10 أو 12 وزيرا بينهم وزير للخارجية.

وأوضح عضو الائتلاف الوطني فاروق طيفور، أن الحكومة «صناعة سورية مائة في المائة»، نافيا وجود ضغوطات دولية على المعارضة للإسراع في إعلان حكومتها، «بل على العكس فقد كان هناك ضغوط لتأجيل الموضوع». وأشار طيفور لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الوزراء التنفيذيين سيكونون في داخل سوريا ويبقى في الخارج من تحتاج إليهم الثورة في الخارج، مشيرا إلى مساع مع الدول العربية لتسلم مقعد سوريا في الجامعة العربية.

أما «الجيش الحر» فقد بدت قياداته مستاءة من نتيجة الانتخابات، وقال قياديون في الجيش في الداخل لـ«الشرق الأوسط» إنهم لا يعرفون هيتو إلا منذ 3 أيام ولا يفهمون كيفية وصوله إلى هذا الموقع، مشيرين إلى أنهم أبلغوا هيئة الأركان اعتراضاتهم على هذا التعيين. وقال المنسق السياسي والإعلامي للجيش الحر لؤي المقداد لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش الحر كان واضحا في إعلان دعمه لأي حكومة مؤقتة شريطة أن تكون توافقية وتحظى بتأييد قوى الثورة والمعارضة في الداخل والخارج. وأوضح المقداد أن الجيش الحر يقوم بمشاورات داخل هيئة الأركان حول تعيين السيد غسان هيتو رئيسا للحكومة مع قادة المجالس العسكرية وقوى الثورة في الداخل ليعلن موقفه الرسمي لاحقا.

وكان رئيس الائتلاف السوري المعارض الشيخ أحمد معاذ الخطيب، قد استغل مناسبة إعلان نتائج الانتخابات ليشن هجوما غير مسبوق على ما وصفه بـ«التخاذل الدولي»، منتقدا العالم الذي يتفرج على النظام يقتل أبناء سوريا ولا يحرك ساكنا»، مؤكدا أن الشعب السوري لا يريد أن يتكل إلا على نفسه.

وكان الائتلاف الوطني السوري قد انتخب هيتو رئيسا لأول حكومة مؤقتة للمعارضة في جلسة عقدها في الثانية من فجر أمس في أحد فنادق مدينة إسطنبول، شهدت انسحابات لبعض أعضاء الائتلاف احتجاجا على «طريقة الانتخاب» بينهم الرئيس السابق للمجلس الوطني برهان غليون ووليد البني وكمال اللبواني. ونال هيتو أصوات 35 عضوا من أصل 49 حضروا التصويت من أصل 72 عضوا في الهيئة العامة للائتلاف، في حين نال المرشح الثاني أسعد مصطفى 7 أصوات بالإضافة إلى 7 أصوات أخرى توزعت على عدد من المرشحين.

وظهرا عقد الائتلاف مؤتمرا صحافيا استهله الخطيب بتوجيه كلمة عالية اللهجة اعتبر فيها أن «النظام نصحه أصدقاؤه باستخدام العنف مع الشعب فاعتبر أن ذلك سيؤدي إلى المقصود، لكن الشعب السوري لا يذل وهو شعب متمدن والظروف التي أجبر النظام على التعامل معها كانت مريرة وأصبح هناك مناطق كثيرة بحاجة إلى الضبط وهناك عصابات تسرق وتنهب وتعتدي ونحن براء من كل ذلك ونرفضه، لكن الأمور بحاجة إلى إدارة».

وإذ أشار إلى أن «بعض الدول قدم مساعدات إنسانية وإغاثية والبعض الآخر قدم مساعدات عسكرية على حياء وبذلت جهود كثيرة من دول كثيرة»، قال: «عار على المجتمع الدولي وعلى الدول الكبرى والصغرى أن تشهد قتل الشعب السوري ولا تحرك ساكنا، والشعب السوري شعب حي وشجاع ولا ينتظر الوعود». وأضاف: «لن نرضى أن يقصف إنسان واحد يحمل سلاحه ضد الظلم».

وشدد الخطيب بقوله: «إننا ضد كل جماعة وفكر وسلاح يريد أن يدمر البنية التحتية لسوريا ونحن ضد كل فكر تكفيري وإرهابي ويكره الناس ونحن مجتمع منفتح ولن نسمح بأن يكون ذلك حجة لتدمير سوريا كما كانت أسلحة الدمار الشامل حجة لتدمير العراق». وتحدث الخطيب عن أن «هناك دولا تدفع بمسلحين للتخلص منهم في سوريا». وقال: «هناك شباب في زهرة شبابهم يدفع بهم البعض إلى سوريا للموت والتخلص منهم، ونقول للدول التي تمول المجموعات التكفيرية بالملايين اسحبوها من أرضنا، فشعبنا ليس إرهابيا». وأشار إلى أن «رئيس الحكومة السورية الانتقالية غسان هيتو سيقدم برنامجه ويختار وزراءه ليصوت عليهم».

وبدوره، استعرض هيتو خطة عمل حكومته داخل الأراضي السورية، فأشار إلى أنها ستبدأ عملها في المناطق المحررة، وستمهد للشعب السوري المؤتمر الدولي العام، وتعمل على وضع نواة الدولة السورية الجديدة، بالتعاون الوثيق مع قيادة الجيش السوري الحر، والكتائب، وذلك عبر إرساء الأمن والحد من فوضى السلاح.

وحول الحوار مع نظام بشار الأسد، شدد هيتو، في بيانه، على أنه «لا للحوار مع نظام الأسد، وستنطلق الحكومة من مبدأ التأكيد على السيادة الكاملة والوحدة، والإصرار على إسقاط نظام الأسد بكل أركانه باستخدام كل الأساليب»، مضيفا أن حكومته ستعمل بأعلى مستويات الشفافية والديمقراطية، ولن تتوانى عن محاسبة كل مخطئ، ولافتا إلى أن حكومته خادمة للجميع، على حد وصفه.

وأكد هيتو أن حكومته ستعطي الأولوية لتوفير الدعم المالي للجيش الحر، وهيئة الأركان العامة، وحماية المرافق الاستراتيجية، وإعادة تشغيل كل ما يساعد الشعب السوري، مشيرا إلى أنه «سيعمل على تفعيل القضاء والخدمات الإدارية، والتحكم بالمعابر الحدودية المحررة، واعتبارها المنافذ الوحيدة لإدخال المساعدات الدولية، بالتعاون مع المنظمات الدولية». وتعهد أيضا، بتسخير كل ما يساعد للقيام بالواجب الوطني، وتولي مهام الحكومة «لن يكون على حساب المحاصصة السياسية، وإنما وفق القيم والمبادئ».

وأقر أول رئيس للوزراء للمعارضة السياسية منذ انطلاق الثورة قبل عامين، بأن «المهام التي تنتظر الحكومة كثيرة، وأمامها استحقاقات دولية وإقليمية كثيرة»، مشيرا إلى أنها ستواجه التحديات بما يليق بعظمة الثورة السورية، وما أظهرته من طاقات وإمكانيات.

وطالب هيتو بإعادة سوريا إلى دورها الفاعل في المجتمع الدولي، لتسهم في ترسيخ الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة والعالم، مضيفا أنه «يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته القانونية والسياسية والأخلاقية بتوفير كل أشكال الدعم للحكومة المؤقتة، بدءا من شغل مقعد سوريا في جامعة الدول العربية، وهيئة الأمم المتحدة، والمنظمات الإقليمية والدولية. الأمر الذي سيمكن الحكومة الجديدة من تسلم السفارات السورية وتسييرها، بعد اعتراف أكثر 130 دولة بالائتلاف الوطني». ودعا المجتمع الدولي إلى الاعتراف بالثورة السورية كثورة شعب، وأن ما يجري ليس قتالا بين فريقين، وإنما شعب ثار لاسترداد حريته من نظام غاصب. وتوجه إلى الدول الداعمة لنظام الأسد، فدعاها إلى «عدم المراهنة على خيار خاسر»، مؤكدا أن «الشعب لن يرحمكم». وطالب جميع الضباط وصف الضباط في الجيش النظامي، بإلقاء السلاح، وألا يأتمروا بأمر حاكم «ظالم»، مضيفا أنهم لن يغفروا لمن أوغل في دماء السوريين، ويعتزمون تقديمهم للمحاكمات العادلة.

وشدد هيتو على ضرورة وفاء المجتمع الدولي بوعوده، وتقديم الدعم المالي للشعب السوري، لتسيير أموره في المرحلة الراهنة. وفي ختام خطابه، توجه رئيس الحكومة بالشكر للمملكة العربية السعودية ودولة قطر وتركيا والإمارات، والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، على كل ما قدمته من دعم مالي وسياسي للثورة السورية.