غسان هيتو.. التكنوقراطي الثائر

خبرته المهنية تتخطى تجربته السياسية.. ويحظى بتأييد «الإخوان» و«المجلس الوطني» و«المجالس المحلية» فضلا عن «الجيش الحر»

TT

ميزتان أساسيتان يتمتع بهما رئيس الحكومة السورية المؤقتة غسان هيتو، (من مواليد دمشق عام 1963)، يعول عليهما المعارضون لإحداث تطور مهم على صعيد إسقاط النظام السوري: أولهما، علاقاته مع الجالية السورية في الولايات المتحدة، وإثنيته الكردية التي تنفي عن المعارضة تهمة استبعادها للأقليات.

هاتان الميزتان، جعلتا من هيتو، الذي يحمل الجنسية الأميركية، مرشحا قويا لمنصب أول رئيس حكومة سورية منتخب منذ عام 1961. رغم أن هذا الناشط في المجالين الإنساني والسياسي، لم يكن اسمه مطروحا بقوة لرئاسة الحكومة السورية المؤقتة، كما لم يقدر أي من المتابعين لملف المعارضة السورية، أنه سيكون منافسا قويا لأسامة القاضي، أو أسعد مصطفى. وقال أعضاء في الائتلاف إن هيتو هو «رجل التوافق»، مشيرين إلى أنه يحظى باحترام الإسلاميين في المعارضة وبقبول الليبراليين، بالنظر إلى مساره المهني والإداري الناجح في أميركا.

في المحصلة، حسمت أصوات 35 عضوا في الائتلاف، النتيجة لصالحه. وحاز أغلبية الأصوات، بحكم تجربته المهنية التي رجحت كفة ميزانه. وفي وقت يعتبر فيه الائتلاف هو الحاضنة السياسية الشرعية التي تعين الحكومة وتحاسبها، بينما تعمل الحكومة بتوجيهاته، «أراد أعضاء الائتلاف انتخاب رئيسا (تكنوقراط) للحكومة، تتخطى تجربته المهنية مثيلتها السياسية»، بحسب مصادر بارزة في الائتلاف أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «سيرته الذاتية أهلته ليشغل هذا المنصب، بينما كان اعتراض غير المصوتين نابعا من أنهم لم يستمعوا بما يكفي لبرامج المرشحين الذين لم يعرفوا كثيرا في ميدان العمل، وليس اعتراضا على هيتو».

تجربته الشخصية، قلة من المتابعين تعرفها، على غرار تجربته السياسية، وهو الذي بدأ دعمه للثورة منذ اندلاعها في عام 2011، حيث نشط في المجالين الإنساني والسياسي، وشارك في تأسيس «تحالف سوريا الحرة» الذي يشغل منصب نائب رئيسه، ونائب رئيس «هيئة شام الإغاثية» في الولايات المتحدة، فضلا عن أنه عضو مؤسس في جمعية الدعم القانوني للعرب والمسلمين (إم إل إف إيه)، وعضو مجلس إدارة في المجلس السوري - الأميركي.

كما أن هيتو عضو مؤسس في جمعية الدعم القانوني للجالية العربية والمسلمة التي تأسست في الولايات المتحدة عام 2001، وتهدف إلى الدفاع عن الحريات الشخصية والمدنية ومكافحة التمييز ضد العرب والمسلمين والآسيويين، وخصوصا بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001.

ولم يعرف هيتو بجنسيته الأميركية، لولا أن كشفت عنها صحيفة «نيويورك تايمز»، أمس، بإشارتها إلى أنه «مواطن أميركي يختار كرئيس للحكومة المؤقتة للثورة السورية». هذه العبارة، دفعت ناشطين على موقع «فيس بوك» للتأكيد أنه «إذا كان يحمل جنسية أخرى، فتلك ليست بتهمة».. وهو دفاع استباقي على «من يريد الاصطياد في الماء العكر»، أو «من يريد استثمار جنسيته الأميركية لاستهداف الثورة من خلالها». ورغم أن لكنته الأميركية وشكله الخارجي، يعطيان انطباعا أجنبيا عنه، فإنه بحسب عارفيه مسلم متدين.

وذكرت مصادر المعارضة السورية أن هيتو «حاز دعم الإخوان المسلمين، ودعم نسبة كبيرة من أعضاء الائتلاف، مما أهله ليترأس الحكومة المؤقتة». وبالإضافة لـ«الإخوان»، حاز هيتو تأييد «المجلس الوطني» الذي يشكل أعضاؤه 22 عضوا من أعضاء الائتلاف، فضلا عن دعم «المجالس المحلية» «التي تعرف هيتو جيدا من خلال تجربتها معه في موقعه كمدير تنفيذي في هيئة الإغاثة»، كما قالت المصادر. وهذه الوحدة تعمل عبر الحدود السورية - التركية وتوصل مساعدات إلى الداخل السوري. ويحظى أيضا، وهذا هو الأهم، بدعم «الجيش الحر»، شريطة مباشرة أعماله من الداخل السوري، ولا يعتمد على الـ«سكايب» في التواصل مع الداخل.

وتواجه هيتو تحديات كثيرة، أبرزها تمويل الحكومة المؤقتة، في وقت قال عضو في الائتلاف، رفض الكشف عن اسمه، لـ«الصحافة الفرنسية»، إن هيتو يملك، بحكم عمله ونشاطه في الولايات المتحدة، علاقات دبلوماسية واسعة، معتبرا مثل هذه العلاقات «مهمة للحصول على الدعم المالي الذي تحتاجه سوريا» في هذه المرحلة. لكن مصادر «الشرق الأوسط»، أكدت أن علاقاته الدبلوماسية «قد لا تكون دافعا لتمويل الحكومة، بقدر علاقاته الوطيدة مع الجالية السورية في الولايات المتحدة الأميركية، وهي الجالية التي تمتلك قدرة مالية، وعازمة على الدعم». تلك النقطة، تحسب لهيتو الذي يصفه عارفوه بأنه «مدير ناجح، وشخص فاعل في الإدارة، وهذا ما تريده الثورة السورية في هذا الوقت من خلال السلطة التنفيذية المتمثلة بالحكومة».

بالإضافة إلى ذلك، ساهمت إثنيته الكردية في منحه رصيدا إضافيا في موقعه. وبحسب مصادر الائتلاف، «ينفي انتخابه عن المعارضة تهمة استبعاد الأقليات»، رغم أنه الرجل الكردي الثاني الذي يصل إلى موقع بارز في المعارضة بعد رئيس المجلس الوطني السابق عبد الباسط سيدا.