استنفار أمني مغربي غير مسبوق على الحدود مع الجزائر وموريتانيا

مخاوف في الرباط من تسلل مقاتلين فروا من مالي

TT

رفع المغرب درجة الاستنفار الأمني على حدوده مع الجزائر وموريتانيا تحسبا لتسرب «عناصر جهادية» فرت من شمال مالي بعد تدخل القوات الفرنسية والأفريقية. وتتزامن هذه الإجراءات، غير المسبوقة، مع إلقاء السلطات الجزائرية قبل أسبوع القبض على خلايا تحوم حولها شبهات بشأن تقديمها مساعدات للمقاتلين الفارين من الحرب في مالي حتى يتسللوا إلى الأراضي الجزائرية.

وقالت مصادر وثيقة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» إن أجهزة الأمن المغربية أجرت تحقيقات مع مجموعة من المحسوبين على التيار «السلفي الجهادي» الذين تم استدعاؤهم والاستماع إليهم ثم أطلق سراحهم دون أن توجه إليهم اتهامات، وهو ما اعتبر بمثابة خطوة احتياطية.

وذكرت المصادر ذاتها أن هناك قلقا كبيرا من تسلل مقاتلين متشددين فروا من مالي إلى المغرب، ومخاوف من تحريك «خلايا نائمة» للقيام بعمليات إرهابية في الأراضي المغربية، خصوصا بعد النداء الذي وجهه «تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي» في بيانها الأخير، والذي يعتبر أول بيان يصدره التنظيم منذ بدء التدخل العسكري الأفريقي والفرنسي في مالي. وكانت السلطات المغربية ألقت القبض منذ بداية العام الحالي على عدة شبكات لتجنيد مقاتلين وإرسالهم إلى مالي وسوريا.

وتتداول الأوساط السلفية الجهادية في المغرب خلال الأيام الأخيرة أشرطة فيديو يظهر فيها مجندون مغاربة في سوريا ومالي وهم يحملون أسلحة أو يشاركون في معارك، والتي يستعملها المنتسبون للتيار الجهادي في الترويج والدعاية للجهاد في مالي وسوريا.

وترى بعض المصادر المغربية أن التهديد الذي يمثله الجهاديون الفارون من مالي بالنسبة للمغرب ضعيف مقارنة مع الجزائر وموريتانيا، على اعتبار أن المغرب ليست له حدود مشتركة مباشرة مع مالي عكس الأمر بالنسبة للجزائر وموريتانيا. واستبعدت المصادر أن يتمكن «الجهاديون» الفارون من مالي من اختراق الحدود الجزائرية والموريتانية، التي تعرف حراسة مشددة من طرف الجيش، قبل أن يصلوا إلى حدود المغرب التي تعرف بدورها استعدادا وتأهبا غير مسبوق، إضافة إلى أن التحالف الأفريقي - الفرنسي الذي يخوض الحملة العسكرية في مالي ضيق الخناق على الجماعات المقاتلة هناك. وأشارت المصادر إلى أن الحرب في شمال مالي لا تحظى بتغطية إعلامية مكثفة تساهم في استثارة وتحريض ودفع أنصار التيار السلفي الجهادي والشباب الناقم إلى التطوع للقتال هناك، كما هو الحال بالنسبة لسوريا.

ويرى عبد الله الرامي، الباحث المغربي في المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية والمتخصص في الجماعات الإسلامية، إن «فشل القاعدة في إيجاد موقع قدم في المغرب مرده الضربات القوية التي تلقتها من طرف الأمن المغربي، والحصار المحكم الذي ضربه حول العناصر الجهادية».

وأضاف الرامي: «هذه السياسة تضع المغرب في موقع مريح إزاء الأخطار التي تمثلها تداعيات الحرب في مالي». وزاد موضحا أن مسؤولين كبارا في قاعدة المغرب الإسلامي، وعلى رأسهم عبد المالك دروكدال، زعيم التنظيم نفسه، صرحوا بعجزهم على خلق قنوات ربط وتنسيق ودعم لوجيستي مع العناصر السلفية الجهادية في المغرب بسبب المراقبة الأمنية المستمرة التي حالت دون نجاح أي مبادرة لإنشاء امتداد تنظيمي لـ«القاعدة» في المغرب، اذ نجح في حصر التيار السلفي الجهادي في حدود قابلة للسيطرة والمراقبة. وزاد الرامي قائلا: «الحالات التي خرجت من المغرب إلى مالي حالات فردية، وفي إطار مجموعات صغيرة جدا بخلاف ما رأيناه في موريتانيا وفي الجزائر. هؤلاء يصعب عليهم الرجوع إلى المغرب، بسبب رصد السلطات الأمنية لهم إضافة إلى عدم وجود بيئة حاضنة أو شبكات منظمة وقوية كما في الجزائر، حيث يوجد رأس قيادة (القاعدة) في المغرب الإسلامي. كما أن عدد المغاربة ضمن القيادات الميدانية في الساحل قليل جدا، وهم يعدون على رؤوس الأصابع، مقارنة مع القيادات الجزائرية والموريتانية».