مواقف المفتي بشأن الاعتداء على المشايخ تفاقم خلاف مع الشرعي

المجلس يعزو الخلاف لأسباب قانونية سياسية.. ودار الفتوى تؤكد أنه يعود لرفض سماحته التجديد لأعضائه

TT

في غمرة الحديث عن الخلافات في دار الفتوى بين المفتي محمد رشيد قباني وعدد من العلماء المسلمين من جهة، وعدد كبير من أعضاء من المجلس الشرعي بينهم رئيس الحكومة الحالي نجيب ميقاتي ورئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة من جهة أخرى، أتى الاعتداء على 4 مشايخ من الطائفة السنية في منطقتين تسكنهما أغلبية شيعية لتزيد من الشرخ وحدة الانقسام بين الطرفين.

فقد وضع أعضاء المجلس مواقف المفتي الأخيرة في خانة الدفاع عن المعتدين وتحميل القيادات السنية مسؤولية الاعتداءات، وذلك وفقا لعضو المجلس الشرعي المحامي محمد مراد، الذي قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «رغم أن الحدث الخطير الذي وقع بحق المشايخ استدعى ردود فعل مستنكرة من جهات عدة، يحاول المفتي الاستفادة من هذه الحادثة من خلال الدفاع عن حزب الله تارة وعن نفسه تارة أخرى».

وفي حين أمر المدعي العام التمييزي القاضي حاتم ماضي أمس، بتوقيف سبعة أشخاص جدد في هذه القضية، أعلن المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في بيان له عن عقد جلسة استثنائية اليوم بدعوة من نائب رئيس المجلس عمر مسقاوي وبرئاسته، وذلك في مكتب عضو المجلس ورئيس اللجنة الإدارية والمالية بسام برغوت لاستحالة عقد الاجتماع في مركزه في دار الفتوى.

من جهته، أكد مصدر في دار الفتوى لـ«الشرق الأوسط» أن المفتي يترك المهمة للقوى الأمنية وهو لا يمكنه أن يتهم أو يبرئ أحدا قبل أن يقول القضاء كلمته، لا سيما أن حزب الله وحركة أمل استنكرا الحادثة ورفعا الغطاء عن المعتدين، نافيا أن يكون سماحته قد حمل القيادات السنية المسؤولية.

وعن أسباب هذا الانقسام العامودي الحاصل في صفوف العلماء الذي ازداد حدة بعد الإطاحة بحكومة الرئيس سعد الحريري وتشكيل ميقاتي لحكومته المدعوة من قباني، قال مراد: «أعتقد أن سماحته مخطوف والقرار ليس بيده، بل بيد حزب الله ومن خلفه إيران، ووصل إلى حد لا يستطيع الخروج من الدائرة التي وضع نفسه فيها، وأكبر دليل على ذلك التصريحات التي صدرت عنه إثر وقوع حادثة الاعتداء على المشايخ، متلمسا التبريرات لحزب الله».

واعتبر مراد أنه ليس هناك خلافات بين المفتي وأعضاء المجلس الشرعي، بل تجاوزات تتعلق بأدائه ومخالفاته القانونية في إدارة دار الفتوى، إضافة إلى أنه يتصرف وكأنه صاحب القرار الوحيد. ولفت مراد إلى أن تبدل مواقف قباني السياسية ظهرت عندما فقد الأمل بالتمديد لولايته مدى الحياة بعدما لم يلق تجاوبا من المجلس الشرعي في هذا الشأن. ومنذ ذلك الحين، بدأ ينحاز رويدا رويدا في مواقفه السياسية المخالفة لتوجه المجلس الشرعي وأعضائه، والبراهين على ذلك كثيرة، وأهمها استقباله سفير النظام السوري في بيروت في الوقت الذي كانت تقصف فيه العاصمة السورية، إضافة إلى فتح أبواب الدار لكل حلفاء النظام في لبنان من الحزب القومي السوري إلى حزب البعث وغيرهم.

وفي هذا الإطار، قال المصدر في دار الفتوى، متسائلا: «إذا كانوا يعزون سبب الخلاف إلى تجاوزات إدارية وقانونية فلماذا لم يتكلموا عنها إلا بعدما رفض المفتي التمديد لهذا المجلس؟»، نافيا كذلك القول إن تبدل مواقف المفتي السياسية جاءت بعدما رفض المجلس التمديد له مدى الحياة، مؤكدا أنه أعلن أكثر من مرة عدم رغبته بالتمديد وسيقوم فقط بأداء مهامه إلى أن تنتهي ولايته.

وفي ما يتعلق بالأداء السياسي، أشار المصدر إلى أن موقف المفتي تجاه الثورة السورية كان واضحا، وهو الذي أعلن مرارا وقوفه إلى جانب الشعب، لافتا إلى أن استقباله للسفير السوري لدى لبنان كان في المرة الأولى من ضمن الزيارات البروتوكولية التي قام بها الأخير للقيادات السياسية، وفي المرة الثانية أبلغه فيها إدانته للمجازر التي يقوم بها النظام.

وعن قانونية موقف المفتي الأخير الذي أعلن خلاله تسليم دار الفتوى، للعلماء المسلمين على أن يبقى «خادما» لهم في الفترة المتبقية من ولايته، وعما إذا كان قد يؤدي إلى مخرج ما بين الطرفين، اعتبر مراد أن أفضل السبل لمعالجة هذه المشكلة التي أصابت دار الفتوى هو في اتخاذ سماحته موقفا جريئا من خلال تقديم استقالته.

ويؤكد مراد أن المجلس الشرعي يكن كل الاحترام لجميع العلماء والمشايخ في دار الفتوى والمجلس الشرعي، وكان منذ تسلمه مهامه حريصا على مواقع هؤلاء على المستوى المادي والمعنوي.

وحول تهديد رؤساء الحكومة السابقين باتخاذ إجراءات قانونية في حال لم يدع المفتي المجلس الشرعي للانعقاد السبت القادم، قال مراد القرار إن القرار في هذا الشأن يعود إلى الرؤساء، مضيفا: «لكننا كمجلس شرعي ننتظر قرار مجلس شورى الدولة بالطعن الذي سبق لنا أن تقدمنا به بشأن تحديد هذا الموعد».