بوتفليقة يؤكد عزم الدولة على معاقبة المتورطين في قضايا الفساد

وزير المالية الجزائري: محاربة الظاهرة لن تستثني أحدا

TT

أكد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أمس في رسالة وجهها إلى المشاركين في ملتقى حول تطور جيش التحرير أثناء الثورة، بأن «الدولة عقدت العزم على فرض الجدية والنزاهة في العمل»، وأنها «لن تتوانى إطلاقا عن محاسبة كل من تثبت إدانته قانونيا مع الحرص على استعادة الحقوق المغتصبة»، وقال بوتفليقة في رسالته إن «العدالة الجزائرية هي الآن من الكفاءة ما يجعلها قادرة على المتابعة»، في حين أكد وزير المالية الجزائري كريم جودي أن «محاربة ظاهرة الفساد لن تستثني أحدا»، وستشمل الجميع بما في ذلك الأطر السامية في الدولة في حال تورطها في قضايا فساد.

وأوضح الرئيس بوتفليقة في رسالة قرأها نيابة عنه المستشار برئاسة الجمهورية محمد علي بوغازي أنه «في ما يتعلق بمحاولات الإثراء بغير وجه حق وعلى حساب المال العام وحقوق المجموعة الوطنية فإن سلطان القانون سيكون الفاصل والفيصل»، وأضاف أن «الدولة عاقدة العزم على فرض الجدية والنزاهة في العمل ولن تتوانى إطلاقا عن محاسبة كل من تثبت إدانته قانونيا مع الحرص على استعادة الحقوق المغتصبة».

وبشأن إمكانية جهاز القضاء في معالجة قضايا الفساد والدفع بها إلى أبعد حد ممكن بعيدا عن الضغط الذي يمارس على القضاة، قال بوتفليقة إن «العدالة هي الآن من الكفاءة ما يجعلها قادرة على المتابعة»، مشيرا إلى أن «كل ما يحيط بنا من الواجبات يملي على الدولة أن تكون قوية مهابة تمارس سلطتها الكاملة في كنف قوانين الجمهورية وبالشكل الذي يعزز اطمئنان الجميع إلى قدراتها على حماية الناس في أرواحهم وأرزاقهم وكرامتهم».

وذكر أن «الكفاءة المطلوبة لا تقتصر على المهارة التقنية والتحكم في مجال النشاط، بل ينبغي أن يتعدى ذلك إلى التقيد بواجبات المسؤولية وبفريضة صون الأمانة وترجمة ذلك بالإخلاص ونظافة اليد ومراعاة مصلحة البلاد أولا وأخيرا».

واعترف الرئيس بوتفليقة في رسالته بوجود «جوانب من التقصير والأخطاء رافقت عمليات إنجاز بعض المشاريع»، وحسب بوتفليقة فإن هذه الجوانب «منها ما يجد عذره لأسباب كثيرة، ومنها ما يجب الوقوف عنده ومحاسبة المقصرين فيه مهما كانت مناصبهم».

ومن جهته، جدد وزير المالية الجزائري أمس عزم حكومة بلاده مكافحة ظاهرة الفساد المنتشرة في مؤسسات الدولة. وأوضح جودي عبر الإذاعة الرسمية أن «محاربة ظاهرة الفساد في الجزائر لن تستثني أحدا»، وأنها «ستمس كل الأشخاص المتورطين في الجرائم الاقتصادية دون استثناء». وكان الرئيس بوتفليقة أكد في رسالة وجهها إلى الأمين العام لاتحاد العمال الجزائريين، عبد المجيد سيدي السعيد، بمناسبة ذكرى تأميم المحروقات أن قضايا الفساد التي هزت المجمع النفطي سوناطراك «تثير سخطه واستنكاره»، وأن هذه القضايا «لن تمر مرور الكرام».

وأوضح جودي ردا على سؤال حول ما إذا كانت محاربة الفساد ستطال الموظفين الكبار في الدولة، في إشارة إلى اتهامات موجهة إلى وزير الطاقة الأسبق، شكيب خليل، في ما يعرف بفضيحة «سوناطراك 2» مع مجمع «ايني» الإيطالي وفرعه الجزائري «سايبام»، أن «الأمور واضحة جدا»، وهي أن «المشكلة ليست مشكلة أشخاص، ولكنها مشكلة غش وفساد، وبالتالي سيتم متابعة ومعاقبة كل شخص متورط في الفساد».

وجدد جودي تأكيده على وجود «إرادة سياسية قوية في محاربة الفساد وتبييض الأموال وكل أشكال الفساد والتحويل غير القانوني لرؤوس الأموال في الجزائر».

يذكر أن ملف الفساد في المؤسسات الاقتصادية الجزائرية برز مجددا مع ظهور ما يسمي بفضيحة «سوناطراك 2» من خلال اتهامات موجهة إلى مسؤولين جزائريين جراء تورطهم في تسلم رشى من الشركة الإيطالية «ايني» عبر فرعها الجزائري «سابيام»، مقابل إبرام صفقات مخالفة للتشريع مع شركة «سوناطراك»، وهي القضية التي خلفت ردود فعل واسعة أجبرت الرئيس بوتفليقة على الخروج عن صمته، وأبدى سخطه وانزعاجه من قضايا الفساد التي تتناولها وسائل الإعلام. وقال بوتفليقة في رسالة وجهها إلى الأمين العام لاتحاد العمال الجزائريين إنه «لن يمر مرور الكرام على الفضائح التي تناولتها الصحافة والمرتبطة بتسيير (سوناطراك)».

وأوضح بوتفليقة أن «القضايا المثارة بخصوص (سوناطراك) أمور تثير سخطنا واستنكارنا»، وتابع قائلا: «لكنني على ثقة من أن عدالة بلادنا ستفك خيوط هذه الملابسات وتحدد المسؤوليات وتحكم حكمها الصارم الحازم بالعقوبات المنصوص عليها في قوانيننا».

وبأمر من بوتفليقة تم افتتاح مركز جديد لمكافحة الفساد، يعمل فيه ضباط شرطة وقضاة. وأوكلت مهمة تسيير هذه المؤسسة إلى عبد المالك السايح، الذي أشار إلى أن «الديوان يتولى معالجة الجرائم الاقتصادية الكبرى من خلال الاستعانة بخبراء في هذا النوع من الملفات وتحويلها إلى العدالة لاحقا للفصل فيها».

وزاد قائلا إن «الديوان لديه خبراء ماليون وفنيون وقانونيون إلى جانب الشرطة القضائية لمواجهة ومعالجة ملفات الفساد حالة بحالة»، لكنه أكد أن «قضية (سوناطراك 2) لن يتدخل فيها الديوان ما دامت بين أيدي العدالة».

يشار إلى أن منظمة الشفافية الدولية صنفت في تقريرها الأخير الجزائر في المرتبة الـ105 في مؤشر الدول الأكثر فسادا في العالم، ومنحت المنظمة الدولية الجزائر 34 نقطة من أصل 100.

من جهة أخرى، شكك جيلالي حجاج، رئيس الجمعية الجزائرية لمكافحة الرشوة (جمعية غير معتمدة) في نيات الحكومة في التصدي لظاهرة الفساد، من خلال تأكيده على أن «الدولة ليست لديها إرادة حقيقية لمكافحة ظاهرة الفساد التي استشرت في مؤسساتها بمختلف مستوياتها»، والأخطر من ذلك حسب حجاج أن «مسؤولين بارزين يمارسون الآن مهامهم وردت أسماؤهم أو هم متورطون في قضايا فساد، يتمتعون بحصانة كلية من المتابعة».