3 شروط لـ«الناتو» لتكرار السيناريو الليبي في سوريا

قائد القوات الأميركية يكشف عن وضع دول في «الأطلسي» خططا لضربة عسكرية لسوريا

TT

كشف الفريق جيمس ستافريدس، قائد القوات الأميركية في أوروبا، أول من أمس، عن أن عددا من دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) يعمل على ترتيب «خطط طوارئ» بهدف التحضير لضربة عسكرية محتملة ضد نظام الرئيس بشار الأسد، الذي اتهم معارضين له، وبدعم من دول إقليمية، باستخدام أسلحة كيماوية في منطقة خان العسل بمحافظة حلب شمال البلاد.

وكانت إدارة أوباما قد رفضت اتهامات نظام بشار الأسد، معتبرة إياها دليلا على يأس «حكومة محاصرة تحاول لفت الانتباه عن حربها الوحشية التي حصدت 70 ألف قتيل وأكثر من مليون لاجئ و2.5 مليون نازح». وأضاف المتحدث باسم البيت الأبيض، جاي كارني، أنه لا يوجد دليل على استخدام المعارضة لأسلحة كيماوية.

ووفقا لمسؤولين في وزارة الخارجية ومفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، فإن الأزمة السورية تتردى نحو مزيد من التدهور، وتضيف المصادر عينها أن «سقوط نظام الأسد قد لا يمنع انزلاق البلد الشرق متوسطي إلى أتون الحرب الأهلية على غرار ما حصل في دول البلقان تسعينات القرن الماضي».

وفي هذا الصدد، قال الفريق ستافريديس أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي، إن «الوضع السوري يسير من سيئ إلى أسوأ»، مضيفا أن لا نهاية تلوح في الأفق «لهذه الحرب الأهلية الطاحنة»، على حد وصفه. وردا على سؤال لرئيس لجنة القوات المسلحة لنية بعض الدول القضاء على المضادات الجوية السورية لتعديل ميزان القوى بين نظام الأسد والقوى المناوئة له، أكد الفريق ستافريديس أن دولا، لم يسمها، تفكر جديا في هذا الموضوع. وأضاف أن المعارضة المسلحة «ستساعد على إيجاد مخرج من المأزق في سوريا»، لكنه استدرك أن ذلك «رأي شخصي» ولا يعكس رأي إدارته.

والبلدان، وإن لم يصرح عنهما الفريق ستافريديس، هما بريطانيا وفرنسا اللتان باتتا في الآونة الأخيرة تشكلان رأس الحربة في مطالب تسليح المعارضة السورية، لكن الدكتور سمير صالحة، عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة غازي عنتاب، يرى أن الرسالة موجهة إلى أنقرة أكثر منها إلى باريس ولندن، إذ جهدت الأولى منذ بداية الأزمة السورية إلى مطالبة حلفائها في شمال الأطلسي (الناتو) بالضلوع بدور أكثر فاعلية في ما يخص الأزمة في الجارة سوريا. ويضيف صالحة أن تعقيدات «الربح والخسارة» حالت دون تحقيق تركيا لما كانت تصبو إليه.

يشار إلى أن تركيا طلبت في يونيو (حزيران) الماضي التشاور مع حلفائها بموجب المادة الرابعة في حلف الأطلسي بعدما أسقطت الدفاعات الجوية السورية مقاتلة تركية. وحذرت تركيا حينئذ من أنها قد تلجأ إلى المادة الخامسة من معاهدة الحلف، التي تنص على الدفاع عن أي بلد في الحلف يتعرض للهجوم، إذا تكررت الاعتداءات السورية. وتبدي باريس ولندن حماسة من ناحية تسليح المعارضة، وقد بادرت الأخيرة برفع جزء للحظر الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي على توريد السلاح لسوريا، بالشكل الذي يتيح له إرسال معدات «غير فتاكة» لقيادة الأركان في الجيش السوري الحر، لكن حماسة البريطانيين والفرنسيين والأتراك يقابلها فتور من دول محورية في الحلف تجاه معالجة الأزمة السورية بالطرق العسكرية، وهنا يبرز الموقف الألماني المتردد الذي يطالب الولايات المتحدة بدور أكثر «ريادي». وفي هذا الصدد، قال روبرشت بولنتس، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني، في مقابلة مع صحيفة «فرانكفورتر الجماينه زونتاجس تسايتونج» الألمانية، الأسبوع الماضي، إنه «لا بد من بحث مسألة إمداد المعارضة بالسلاح في إطار حلف الناتو، لأننا بحاجة إلى الأميركيين من أجل التوصل إلى حل، وعلينا أن نشركهم».

وبالعودة إلى تصريحات الفريق ستافريديس، أكد أن «شمال الأطلسي» اتخذ قرارا باتباع المثال الذي اعتمده في ليبيا عام 2011 في حال قرر التدخل في سوريا، بالقول: «نحن مستعدون في حال طلب منا القيام بما قمنا به في ليبيا». ويتطلب تكرار «النموذج الليبي» تحقيق ثلاثة شروط قبل أن يفرض «الناتو» حظرا جويا فوق الأراضي السورية، وهي: استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي، ودعم دول المنطقة لهذه الخطوة، وموافقة الدول الـ28 الأعضاء في الحلف.

وفي هذا الصدد، يشير صالحة إلى أن المحدد الرئيس في التدخل في سوريا من عدمه هو حسابات «الربح والخسارة»، ويضيف أن القوى العظمى «بدأت تدريجيا بتغيير منظورها تجاه سوريا، وهذا يبدو واضحا في الموقفيين الفرنسي والبريطاني». وتعليقا على الشروط الثلاثة لتكرار النموذج الليبي في سوريا، يقول صالحة إن الهدف من هذه الشروط هو الحصول على غطاء سياسي «يشرعن» التدخل الخارجي.

لكن استصدار أي قرار في مجلس الأمن بخصوص سوريا، سيضع جميع الأمور، بحسب صالحة: «تحت رحمة الفيتو الصيني والفيتو الروسي»، مؤكدا أن الشرعية يمكن الحصول عليها من دول الجوار التي لا تمانع التدخل في سوريا ووضع حد للأزمة المتفاقمة منذ أكثر من سنتين، مذكرا بأن الولايات المتحدة «لم تكترث بمسألة الغطاء السياسي عندما غزت العراق في مارس (آذار) 2003».

ويقول صالحة إنه يتوقع أن تلعب أنقرة دورا أكثر فاعلية في الأسابيع المقبلة، ويضيف: «منذ البداية طالبت تركيا (الناتو) بالتعامل مع الأزمة السورية بشكل أفضل، لكن حسابات الربح والخسارة حالت دون القيام بالدور المنوط بحلف شمال الأطلسي. واستلزم هذا التردد نشاطا تركيا على الجانبيين الإنساني والاقتصادي. لكن مع المتغيرات الحالية، أعتقد، وهذا رأي شخصي، أن أنقرة ستلعب دورا أكثر فاعلية بشقها العسكري».

يشار إلى أن الدور الوحيد للحلف بشأن سوريا، يقتصر حاليا على نشر بطاريات مضادة للصواريخ من طراز باتريوت على طول الحدود التركية لمنع أي اختراق جوي أو إطلاق صواريخ من سوريا.

وينفي عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة غازي عنتاب، أن تقوم تركيا بهجوم على نظام الأسد أو أن تستخدم صواريخ الباتريوت لأغراض هجومية، لكنه في الوقت ذاته يؤكد أن «وجود حكومة انتقالية في المدن المحررة يستدعي وجود غطاء عسكري يؤمن تحركات القوى المعارضة، وإلا فإن فعالية الحكومة المؤقتة ستكون محدودة».