باكستان تحدد موعد انتخاباتها.. ومخاوف من عودة العنف

تشكيل لجنة من الحكومة والمعارضة للتوافق على حكومة تصريف الأعمال

رجلان يمران أمام إعلان انتخابي كبير عليه صور للرئيس زرداري وأفراد من عائلة بوتو في شارع بإسلام آباد أمس (أ.ف.ب)
TT

أعلنت الرئاسة الباكستانية أمس أن الانتخابات التشريعية الوطنية ستجرى في 11 مايو (أيار) المقبل. وقال المتحدث باسم الرئاسة فرحة الله بابار إن الرئيس آصف علي زرداري تلقى طلبا من الحكومة الاتحادية للبت في تحديد موعد مناسب للانتخابات المقبلة، وقد قرر عقد انتخابات الجمعية الوطنية في 11 مايو.

وتعد هذه أول انتخابات في تاريخ باكستان تجرى مع انتهاء ولاية كاملة من خمس سنوات لبرلمان بقيادة مدنية، ولذلك ترتدي أهمية كبرى لترسيخ الديمقراطية في هذا البلد الذي شهد عدة انقلابات. وستجرى انتخابات لاختيار أعضاء مجالس للأقاليم الأربع في باكستان لكن لم يتضح بعد ما إذا كانت مرتقبة أيضا في 11 مايو.

وفشلت الحكومة والمعارضة في التوصل إلى اتفاق بشأن تشكيل حكومة تسيير أعمال تشرف على العملية الانتخابية، الأمر الذي أدى لتشكيل لجنة برلمانية مكونة من أربعة أعضاء من الجانبين تتولى اختيار رئيس وزراء لحكومة تسيير الأعمال بحلول الثلاثاء المقبل.

وتكتسي الانتخابات المقبلة أهمية كبرى بالنظر إلى الوضع السياسي الهش في البلاد، والمخاوف المتزايدة من تنامي حملة عنف مخططة بشكل جيد في المناطق الحضرية. ويبدو أن الزعماء السياسيين هم الهدف الرئيسي لتلك الحملة التي أطلقتها جماعات قبلية مسلحة في المناطق الحضرية الباكستانية.

حينما كان رئيس وزراء حكومة إقليم خيبر بختونخواه في شمال غرب باكستان أمير حيدر خان هوتي في طريقه لإلقاء كلمته في اجتماع عام في مدينة ماردان يوم 15 فبراير (شباط)، هاجم انتحاري موكبه لدى مروره من أمام منطقة كوليدج تشوك التي تعج بالنشاط والحركة. وقد نجا رئيس الوزراء الإقليمي والوفد المرافق له دون أن يصابوا بأذى. وبعد ثلاثة أيام، قتل أربعة من أفراد الأمن واثنان من المدنيين وجرح 14 آخرون في بيشاور عندما فتح اثنان من المسلحين يرتديان أحزمة ناسفة النار بصورة عشوائية على المارة أثناء اتجاههما صوب مكاتب الوكيل السياسي في إقليم خيبر؛ وفجرا نفسيهما. وعقد ممثلون عن مختلف الأحزاب السياسية اجتماعا هناك لتحديد قواعد سلوك تخص الانتخابات العامة المرتقبة في المناطق الخاضعة لإدارة الحكومة الاتحادية. وبعد أسابيع قليلة، وفي الأول من يناير (كانون الثاني) على وجه الدقة، انفجرت عبوة ناسفة مثبتة بدراجة نارية أمام مقر الاجتماع العام للحركة القومية المتحدة التي رحبت برجل الدين والسياسي العائد من منفاه الاختياري، الدكتور طاهر القادري، في مقر الحزب في كراتشي.

وتثير هذه الحوادث، التي تستهدف بشكل واضح السياسيين والأنشطة السياسية، القليل من الدهشة في ضوء بيان صدر مؤخرا من قبل جماعة «تحريك طالبان باكستان»، وكشف بوضوح أن المسلحين لديهم خطط لتقويض الانتخابات. وقال المتحدث باسم حركة «تحريك طالبان باكستان»، إحسان الله إحسان، في بيان: «نحن بصدد عملية صياغة سياسة، وسنعلن تلك السياسة للشعب بمجرد الإعلان النهائي عن الانتخابات».

وتذكر هذه الأجواء بموسم الانتخابات السابق الذي شهد هجمات استهدفت الكثير من الأنشطة والأحزاب السياسية والقادة، وأبرزها الهجوم الذي استهدف موكبا لرئيسة الوزراء السابقة بي نظير بوتو في كراتشي بتاريخ 18 أكتوبر (تشرين الأول) 2007 وخلف 139 قتيلا ثم عملية اغتيالها في 27 ديسمبر (كانون الأول) 2007. ويرى باكستانيون كثيرون أن هناك أوجه شبه كثيرة في الأجواء الأمنية التي تحيط بانتخابات هذا العام وانتخابات عام 2008. ويقول الجنرال المتقاعد حميد نواز الذي شغل منصب وزير الداخلية في حكومة تسيير الأعمال عام 2008: «حدد كل جهاز استخبارات مصدري تهديد للعملية الانتخابية (في عام 2008): حركة طالبان وجماعات مسلحة أخرى محظورة». ويبدو أنه حتى الآن، تنبع التهديدات الأمنية من المصادر نفسها. كذلك، في عام 2008، ظلت بيشاور على وجه الخصوص، وخيبر بختونخواه، في العموم، عرضة لخطر الهجمات الإرهابية، بفضل قربها في أماكن وجود المسلحين والمتمردين.

وعلى الرغم من ذلك، فإن هناك بعض نقاط الاختلاف عن خمسة أعوام مضت. أولا، يبدو أن إجمالي عدد الإصابات أكبر في هذه الفترة، حتى مع استهداف عدد أقل من الساسة البارزين. وبحسب South Asia Terrorism Portal، الموقع الإلكتروني الذي يتعقب حوادث الإرهاب في باكستان، لقي 792 مدنيا ومسؤولا أمنيا مصرعهم جراء العنف الإرهابي خلال الثمانية والأربعين يوما الأولى من عام 2013. وعلى النقيض، خلال الأربعة أشهر التي سبقت الانتخابات العامة عام 2000، توفي 660 مدنيا ومسؤولا في أعمال عنف.