المبعوث الأممي: النتائج الأولية للحوار اليمني مبشرة وغير متوقعة.. ويمثل نجاحا للعملية السياسية

اليمن: الطائفة اليهودية تستنكر استبعادها من مؤتمر الحوار الوطني الشامل

TT

انتقدت الطائفة اليهودية في اليمن ما وصفتها بـ«عملية الاستبعاد والإقصاء» التي تعرضت لها من المؤتمر الوطني الشامل، في الوقت الذي أكد فيه مستشار ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر، أن نتائج الأيام الأولى من مؤتمر الحوار اليمني «مبشرة ومشجعة ومطمئنة لم نكن نتوقعها».

وقال يحيى يوسف، حاخام يهود صعدة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إنه جرى إقصاؤهم واستبعادهم من مؤتمر الحوار الوطني الشامل وهم يمنيون وأبناء طائفة لها حضورها في المشهد اليمني رغم قلة عدد أفرادها، وأضاف يوسف أنهم «أول من تقدم بأسماء 5 مرشحين إلى مؤتمر الحوار الوطني من أبناء الطائفة اليهودية وتم عرضها على فخامة الأخ رئيس الجمهورية، عبد ربه منصور هادي حفظه الله، وكذلك الدكتور عبد الكريم الارياني وبقية الأعضاء، وقد جرى اعتماد قائمتنا ولكن فوجئنا بقرار رئيس الجمهورية بأسماء أعضاء مؤتمر الحوار وفيه إقصاء لأبناء الطائفة اليهودية من المشاركة».

وأضاف الحاخام اليمني أن «الناس أجمعين يعرفون أن هذا الإقصاء هو استبعاد لمواطنين يمنيين، ونحن مواطنون يمنيون أبا عن جد والشريعة الإسلامية أمرت المسلمين بالحق والإنصاف وبالجوار والتسامح»، وأشار الحاخام يوسف إلى المعاناة التي تعرضوا لها على يد جماعة الحوثي في صنعاء وتهجيرهم مطلع 2007، إلى العاصمة صنعاء بعد مصادرة منازلهم وأموالهم وممتلكاتهم من قبل الحوثي، وناشد الحاخام اليمني الرئيس عبد ربه منصور هادي والمنظمات الدولية «سرعة تعيين وتمثيل أبناء الطائفة اليهودية في الحوار الوطني كونهم مواطنين يمنيين، لأن الدستور اليمني كفل الحقوق والواجبات لكل الأديان ولم يحدد للديانة الإسلامية نصيبا ولليهودية نصيبا آخر، ولم يقص ولم يستثن الدستور اليمني أي أحد».

وفي الوقت الذي تستمر فيه جلسات مؤتمر الحوار الوطني الشامل في يومها الثالث، قال المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بن عمر إن نتائج الأيام الأولى من مؤتمر الحوار اليمني «مبشرة ومشجعة ومطمئنة لم نكن نتوقعها»، مشيرا إلى أنه سيضمن تقريره الدوري الذي سيقدمه خلال أيام إلى مجلس الأمن الدولي ما تم تنفيذه بخصوص عملية انتقال السلطة في اليمن، خاصة النتائج التي وصفها بالجيدة لمؤتمر الحوار.

وأكد بن عمر في مؤتمر صحافي عقده بصنعاء أمس أن «انطلاق الحوار اليمني يمثل المرحلة الأهم في العملية السياسية التي يعيشها اليمن، ويمثل ذلك نجاحا للعملية السياسية بشكل عام»، ودعا الدول المانحة إلى الوفاء بتعهداتها لمساعدة اليمن للخروج من «الكارثة الاقتصادية التي لا تزال مستمرة، حيث إن هناك نصف اليمنيين يعانون من الجوع، رغم وجود بوادر انتعاش اقتصادي». كما حث «الحكومة اليمنية على اتخاذ إجراءات ضرورية وسريعة من أجل استيعاب تعهدات المانحين بشكل سليم».

وقال المبعوث الأممي إن «المجتمع الدولي على ثقة بنجاح المؤتمر والعملية السياسية، وإنه سيواصل دعمه للحوار من أجل حل مشكلات اليمنيين، وسنضع خبراتنا تحت تصرف اليمنيين، وسنبذل كل جهودنا من أجل إنجاح مؤتمر الحوار بكل الوسائل». وكشف بن عمر عن وجود اختلالات في قوائم المشاركين في مؤتمر الحوار، وقال: «تمثيل الشباب وصل إلى 28 في المائة، والنساء 29 في المائة، لكنه لم يصل إلى 30 في المائة، وهي النسبة المتفق عليها بين مكونات مؤتمر الحوار». وأعلن اعتزامه الالتقاء بمكونات الشباب والمرأة لبحث ذلك.

وتأسف المبعوث الدولي على سقوط قتلى وحدوث أعمال عنف في الجنوب، مطالبا الحكومة بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق ومحاسبة المسؤولين عن ذلك وإعلان نتائجها في أسرع وقت، مشددا على أن «حل القضية الجنوبية لن يكون إلا بطريقة الحوار، وهناك عدد من المقترحات والحلول لهذه القضية».

وفي حين لم يكشف بن عمر عن نتائج لقاءاته مع مكونات الحراك الجنوبي، فإنه أكد أنه اتفق معهم على «ضرورة إعداد برنامج متكامل لمعالجة قضايا الجنوب وتكثيف التواصل من أجل ذلك»، مجددا دعوته لقيادات الحراك التي لم تشارك، للمشاركة في مؤتمر الحوار. وقال: «أؤكد أنه ليس هناك أي وصفة سحرية جاهزة أو أفكار مسبقة حول طريقة حل القضية الجنوبية»، محذرا من «استخدام العنف لحل القضية، والجميع متفق على نبذ العنف، بمن فيهم قيادات الحراك».

وقال المبعوث الدولي إن مجلس الأمن «يتعامل مع جميع الأطراف بحيادية، ولنا علاقات جيدة معهم، وقد أكدنا لهم جميعا أن حل القضايا اليمنية يأتي عبر الحوار اليمني - اليمني».

على صعيد آخر، قضت محكمة يمنية، أمس، بالسجن 4 سنوات بحق 4 ضباط وجنود في «الفرقة الأولى مدرع» التي يقودها اللواء علي محسن الأحمر، وذلك بعد إدانتهم بالتورط في محاولة اغتيال تعرض لها أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني الدكتور ياسين سعيد نعمان.

ومن جهتة أخرى أثارت قائمة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني انتقادات وجدلا من مختلف الأطراف السياسية، بينما أعلن عدد من الشخصيات تجميد عضويتهم، وتحفظت أطراف سياسية عليها، بينما تنازلت شخصيات عن مقعدها لصالح شباب الثورة.

واتهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي يرأس حزب المؤتمر الشعبي العام، الرئيس عبد ربه منصور هادي، بإسقاط ممثليهم في القائمة الخاصة برئيس الجمهورية. وعبر صالح عن «أسف اللجنة العامة لحزبه، واستيائها بسبب سقوط أسماء ممثليهم من قائمة الرئيس هادي، واعتبر ذلك «تصرفا غير لائق، طغت فيه النوازع الشخصية الأنانية لدى البعض، وتجاوز القرار المؤسسي للجنة العامة كأعلى قيادة جماعية للمؤتمر الشعبي العام».

وأظهر هذا الموقف من اللجنة العامة الخلاف المتزايد بين الرئيس هادي وصالح، بعد استفراد الأخير بقرارات حزب المؤتمر وهيئاته التنظيمية، ورفضه ترك منصب رئيس الحزب. وقال القيادي المؤتمري عبده العدلة عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام وعضو الكتلة البرلمانية للمؤتمر: «إن قائمة حزب المؤتمر وحلفائه تعرضت لتحجيم نسبة عدد المشاركين منهم في مؤتمر الحوار الوطني». وأضاف العدلة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن حزبه «قدم 26 اسما لضمهم ضمن قائمة رئيس الجمهورية، عبد ربه منصور هادي، لكننا فوجئنا باستبعاد 21 اسما واختيار خمسة مشاركين فقط، والبقية استبدل بهم الرئيس هادي أسماء وشخصيات أخرى من حزب المؤتمر وحلفائه، لم تكن ضمن القائمة المرشحة المقدمة للرئيس هادي من حزب المؤتمر وحلفائه».

وأكد العدلة أن قيادة حزب المؤتمر «تواصلت مع الرئيس هادي واللجنة الفنية حول ذلك، وبرروا بأن الأسماء التي تمت إضافتها هي أيضا تنتمي إلى حزب المؤتمر وحلفائه»، مشيرا إلى أن حزب المؤتمر «لديه الآن 117 مقعدا في مؤتمر الحوار، منها 112 مقعد من حصته، وخمسة مقاعد من قائمة الرئيس هادي، بينما أحزاب المشترك لديها 137 عضوا مشاركا، وهذا ليس عدلا ولا يتوازى مع ما تم الاتفاق حوله مع رئيس الجمهورية». وأكد العدلة أن «موقف حزب المؤتمر سيتغاضى عن ذلك، وقد قدم تنازلات كثيرة من أجل الوصول إلى مؤتمر الحوار ونجاحه».

وعن الضمانات والأسس التي ينبغي التقيد بها في مؤتمر الحوار لكي ينجح قال العدلة: «إن الجميع متفق على أن الوحدة هي التي لا يمكن أن نختلف حولها، مهما حدث من تباينات واختلافات وأصوات نشاز نسمعها من عدد من المشاركين في جلسات الحوار، فجميع الأطراف مجمعة ومتفقة على الوصول إلى دولة مدنية حديثة وعادلة».

وقد أعلن مساء أمس، رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح، محمد اليدومي - وهو أكبر أحزاب المشترك - عن مقعده في مؤتمر الحوار الوطني لأحد شباب الثورة احتجاجا على عدم تمثيل الشباب بالشكل الكافي. وكانت أحزاب اللقاء المشترك أيضا قد انتقدت قائمة رئيس الجمهورية، وأعلنت في بيان صادر عنها تحفظها على الأسماء المعلنة في قوائم الشباب والمستقلين والمرأة، موضحة بأن الأسماء التي أعلنت جاءت جميعها مخالفة للأسس والمعايير التي تم الاتفاق عليها، ومخيبة للآمال من حيث كونها أخلت بالمعادلة السياسية والوطنية لصالح طرف بعينه، الأمر الذي يضع مسار الحوار الوطني على المحك، بينما أضعفت مكانة ووزن الشباب والمستقلين في المؤتمر. وتابعت: «إلا أننا وعلى الرغم من ذلك فقد قررنا حضور حفل افتتاح مؤتمر الحوار الوطني تدليلا على إيماننا المطلق بمبدأ الحوار وحرصنا على إنجاحه»، مخاطبة الرئيس بأن «تصحيح الأخطاء يستدعي منه تداركها في أسرع وقت ممكن تحقيقا للتوازن، والتزاما بالأسس والمعايير التي تضمن اضطلاع مؤتمر الحوار الوطني الشامل بالمهام المنوطة به، والأهداف المتوخاة منه على أكمل وجه».

وذكرت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أنه «قد تتم إعادة النظر في قوائم مؤتمر الحوار، بحيث يتم تلافي بعض الأخطاء التي لا يخلو منها أي عمل عظيم». وذكرت تلك المصادر أن «بعض الأسماء ذات التاريخ الوطني والتي لم تدخل عضوية مؤتمر الحوار قد يتم منحها عضوية المؤتمر لاحقا».

ويعد مؤتمر الحوار الوطني أحد مقررات المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومن المقرر أن يستمر 6 أشهر يتم خلاله الاتفاق على دستور جديد يفضي إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية بداية عام 2014.