لي ذراع بين باريس ولندن في مواجهة برلين بشأن تسليح المعارضة السورية

عشية اجتماع دبلن.. الانقسامات الأوروبية.. ومصادر فرنسية لا تتوقع حسم الموضوع

TT

يلتقي وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي غدا في العاصمة الآيرلندية دبلن وعلى رأس جدول أعمالهم ملف تسليح المعارضة السورية. وبالنظر للخلافات الحادة التي تقسم الـ27 بين محبذ لرفع الحظر ومعارض له وفريق آخر لا رأي له، استبعدت مصادر رسمية في باريس التوصل إلى قرار بهذا الشأن هذا الأسبوع رغم تأكيدها أن الأمور «غير جامدة وتتطور» في إشارة إلى وجود تطور في مواقف المعارضين.

وقبل يوم من الاجتماع، تبدو خريطة المواقف على الشكل التالي: ينحصر معسكر الداعين للتسليح بفرنسا وبريطانيا اللتين تحظيان بدعم سلوفينيا. وعلى الضفة المقابلة، تقف البلدان الاسكندينافية ومعها ألمانيا والنمسا إلى حد ما دول بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ، بينما المعسكر الأكبر يتشكل من الدول «المحايدة» ويمكن أن تميل في هذا الاتجاه أو ذاك. ولذا، فإن عملية «لي الذراع» الفعلية قائمة بين ألمانيا، القوة الاقتصادية الكبرى في أوروبا وبين فرنسا وبريطانيا وهما أهم قوتين عسكريتين بين الدول الـ27 فضلا عن كونهما قوتين نوويتين وعضوين دائمين في مجلس الأمن الدولي.

وقالت الخارجية الفرنسية إن المهلة القصوى للوزراء الـ27 لاتخاذ قرار جديد أو تمديد العمل بالقرار القديم هي 28 مايو (أيار) القادم أي موعد انتهاء فترة الأشهر الثلاثة التي مدد فيها الحظر الأوروبي آخر مرة مع بعض التعديلات التي تتناول تسليم المعدات الدفاعية «غير القاتلة» والمشورة التقنية للمعارضة السورية. غير أن توافقا بين وزراء الخارجية، في حال توافر، على رفع حظر السلاح إلى المعارضة السورية مع الإبقاء على العقوبات المفروضة على النظام وأركانه واقتصاده، من شأنه تقصير هذه المهلة والتعجيل في البدء بإرسال السلاح وهو ما تريده باريس ولندن وتدفعان شركاءهما باتجاهه.

وترى باريس أن مروحة «المخارج» بالنسبة لموضوع السلاح عريضة ومتشعبة. لكن «كلمة السر» فيها أكان لجهة التسليح أو عدمه هي الإجماع حول أي قرار يتخذ حيث لا تمديد آليا للقرار الأخير ولا قرار جديدا من غير توافق الـ27. وبكلام آخر، تعتبر باريس أن قرار الحظر سيبقى ساري المفعول حتى نهاية مايو القادم إلا إذا توصل الأوروبيون إلى توافق حول رفعه قبل هذا التاريخ. أما في حال استحالة الاتفاق، فقد هددت فرنسا ومعها بريطانيا بأنهما «ستتصرفان أحاديا» أي ستعمدان إلى تسليح المعارضة السورية مع كسر قاعدة الإجماع الأوروبية.

وما لا تريده باريس هو سقوط العقوبات المتلاحقة التي فرضت على النظام السوري منذ عامين التي ستسقط حكما في حال تعذر على الأوروبيين التفاهم على قرار جديد أو التمديد للقديم الذي أقر نهاية فبراير (شباط) الماضي.

وفي هذه الحال، فإن «أفضل» ما يمكن أن يتفق عليه الـ27 هو استصدار قانون يمدد العمل بالعقوبات على النظام السوري وأركانه ومؤسساته مع إخراج بند حظر السلاح الكلي من نص القرار وإبقائه محصورا بالنظام وحده. وهذا يعني عمليا أن كل بلد أوروبي يستطيع عندها التصرف على هواه بشأن مد المعارضة بالسلاح.

وتدافع فرنسا عن قناعة مفادها أن الحظر يأتي بنتائج معكوسة إذ يحرم المعارضة من السلاح ومن الدفاع عن نفسها بينما السلاح الروسي والإيراني مستمر بالتدفق على النظام. ومن جهة أخرى، تصر باريس على القول إن إيصال السلاح إلى المعارضة «ليس تخليا عن الحل السياسي بل المفارقة هي أنه الطريق الموصل إليه» لأنه الحل الوحيد لإحداث تغيير ميداني ودفع النظام إلى التفاوض. وتؤكد المصادر الفرنسية أنه طالما بقي النظام مقتنعا أنه قادر على الانتصار والتشبث بالسلطة بقوة السلاح استمرت الحرب ولذا يتعين «كسر» هذه المعادلة. وهذا المنطق الفرنسي يتقاطع مع ما يقوله وزير الخارجية الأميركي جون كيري عندما يؤكد سعي بلاده إلى حمل الرئيس الأسد إلى «إعادة النظر في حساباته». وأخيرا، تقول الخارجية الفرنسية إن حجة المعارضين للتسليح القائلة بوصول السلاح إلى «الأيدي الخطأ» قد تهاوت بعد الحصول على «ضمانات» من الجيش السوري الحر بأن السلاح لن يذهب إلى الحركات الأصولية أو المنظمات الجهادية كجبهة النصرة وأخواتها. ويؤكد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن تسليح المعارضة المعتدلة هو أفضل الطرق لإضعاف «القاعدة» في سوريا.

وترى باريس أن المواقف الأخيرة لكيري التي أعلن فيها أن بلاده «لن تعارض» الدول الأوروبية الراغبة بالتسليح تأتي في سياق «المجرى الأميركي العام» المنخرط أكثر فأكثر إلى جانب المعارضة السورية. ولا يستبعد مراقبون أن يدفع ذلك بعض الأوروبيين للتخلي عن معارضتهم.

وإلى جانب التسليح، سيبحث الوزراء الأوروبيون الانعكاسات الإقليمية للحرب في سوريا على دول الجوار وأولها لبنان والخطوات التي قامت بها المعارضة لإعادة تشكيل بناها والوضع الإنساني واللاجئين وأوضاع المناطق المحررة وحاجاتها.