ميقاتي يطالب «الخارجية» بمتابعة القصف السوري واتخاذ الإجراءات اللازمة

بعد سقوط صواريخ وقذيفة مدفعية في الأراضي اللبنانية

TT

تجدد صباح أمس سقوط صواريخ سورية في خراج بلدة القصر الحدودية الواقعة في قضاء الهرمل البقاعي، وفق ما ذكرته الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان، التي أفادت مساء عن سقوط قذيفة أخرى من الجانب السوري على الحدود اللبنانية السورية لجهة البقاع جراء الاشتباكات الدائرة داخل الأراضي السورية، في حادثة هي الثانية من نوعها خلال يومين، أثارت انزعاج المسؤولين اللبنانيين.

وجدد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أمس، بعد خطوة مماثلة من الرئيس اللبناني ميشال سليمان الثلاثاء الفائت، الطلب إلى وزير الخارجية عدنان منصور «متابعة الأمر مع السلطات السورية، لأخذ الإجراءات اللازمة حفظا لحقوق لبنان، خصوصا أن الجيش يتخذ الإجراءات المناسبة لضبط الحدود ومنع أي محاولة للعبث بالأمن». وأوضح ميقاتي أن «عددا من المناطق اللبنانية الحدودية تعرض لقصف من الجانب السوري، وهذا ما أكدته تقارير الأجهزة الأمنية اللبنانية»، داحضا بذلك النفي الذي أصدرته دمشق قبل يومين.

وشكل موقف وزير الخارجية اللبنانية في معرض رده على طلب سليمان رفع احتجاج إلى السلطات السورية عن طريق سفيرها لدى لبنان، بقوله إن «رسالة الاحتجاج التي طلبها رئيس الجمهورية تتطلب مستندات ليست متوفرة معي الآن في نيجيريا وعندما أعود إلى بيروت سأنظر إلى ما لدي من متطلباتها»، عدا عن وصفه الأنباء عن هذه الخروقات بأنها «شائعات مغرضة»، مادة دسمة لمواقف عدد من المسؤولين اللبنانيين. ورغم عودة منصور في عداد الوفد الرئاسي من نيجيريا أمس، فإنه غاب عن السمع وبقي خطه الهاتفي مقفلا.

وقالت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» إن «مجلس الوزراء اللبناني، الذي انعقد بغياب سليمان ومنصور أمس، بحث في موضوع القصف السوري على الأراضي اللبنانية، حيث تم التوافق على وجوب معالجة المسألة ضمن القنوات الدبلوماسية بين البلدين وليس من خلال تقديم شكوى»، مشيرة إلى أن «عددا من الوزراء أبدوا احتجاجهم على إثارة الموضوع بسبب عدم التأكد من حصوله». وكشفت أن «الرئيس ميقاتي حسم الجدل بإعلانه عن تلقيه تأكيدا من الجيش اللبناني بحصول القصف السوري، رغم أن قيادة الجيش اللبناني لم تصدر أي بيان بهذا الصدد».

وانطلقت المصادر عينها من عدم إصدار «الجيش اللبناني» بيان تأكيد لتشير إلى أن «منطقة القصف هي منطقة متداخلة بين الحدود اللبنانية والسورية، وربما ليس واضحا لديها بشكل دقيق تحديد مكان سقوط القصف السوري». وكان وزير التنمية الإدارية محمد فنيش (حزب الله) قد أشار قبل دخوله إلى مجلس الوزراء أمس إلى أن «السوريين نفوا حصول مثل هذه الخروقات، أما إذا كانت موجودة فستعالج من خلال القنوات الدبلوماسية بين الدولتين الشقيقتين»، رغم أن قناة «المنار» التلفزيونية الناطقة باسم حزب الله أشارت إلى قصف سوري استهدف موقعا للمسلحين على الأراضي اللبنانية. واستغرب فنيش كذلك سبب «عدم أخذ ملف الخروقات الإسرائيلية أي اهتمام وطني خلال الأيام الماضية، رغم استمرارها لثلاثة أيام».

وكانت القيادة المشتركة لـ«الجيش السوري الحر»، قد اعتبرت في بيان صادر عنها أمس، أن «العدوان الأخير على منطقة عرسال اللبنانية يمثل بالنسبة لنا عدوانا صارخا نرفضه رفضا قاطعا على أرض دولة شقيقة ذات سيادة»، مؤكدا «وقوع هذا العدوان من خلال الوثائق والحيثيات المتوفرة لدينا والتي أكدتها المصادر الرسمية في الدولة اللبنانية»، على ما ورد فيه.

وحذرت قيادة «الجيش الحر» الحكومة اللبنانية من أن «اعتداء النظام السوري على لبنان لن يكون الاعتداء الوحيد وأن هناك حملة تصعيدية قادمة يهدف النظام لاستثمارها سياسيا ورسم خارطة مستقبل لحلفائه من بعض اللبنانيين»، داعيا الدولة اللبنانية إلى «أخذ موضوع هذه الاعتداءات على محمل الجد والقيام بالإجراءات الكفيلة لوقفها عبر جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة».

من جهة أخرى، عممت السفارة البريطانية في بيروت تصريحا لوزير الخارجية البريطانية ويليام هيغ، أدان فيه الغارات الجوية السورية على شمال لبنان، معتبرا أن «النظام السوري برهن مجددا عدم احترامه للقانون الدولي ولأمن جيرانه». ورأى أنه «كلما طال القتال في سوريا، ازداد الخطر على استقرار لبنان والمنطقة عموما»، داعيا السوريين إلى «احترام سيادة لبنان وسلامة أراضيه».

وفي سياق آخر، طالبت الأمانة العامة لقوى 14 آذار «بتقديم شكوى أمام مجلس الأمن ضد النظام السوري لانتهاكه المستمر لسيادة لبنان، وخصوصا قصف طائراته الأراضي اللبنانية بالصواريخ، ما يشكل خرقا واضحا لسيادة لبنان ولمواثيق الجامعة العربية ولقرارات الشرعية الدولية لا سيما القرار 1559». وثمنت الأمانة العامة «موقف سليمان، ومبادرته إلى توجيه وزير الخارجية لاتخاذ ما يلزم دبلوماسيا لجهة استدعاء السفير السوري ووضع نظامه أمام مواجهة ارتكاباته».

واستغرب النائب عن تيار المستقبل معين المرعبي «التناقض بين موقف رئيس الجمهورية وموقف وزير الخارجية»، وانتقد تصريحات منصور لناحية اعتباره أن «القصف السوري لأراض لبنانية إشاعات مغرضة»، لافتا إلى أنه «يتجاهل طلبات رئيس الجمهورية ويتلقى التعليمات من السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي». وشدد المرعبي على «ضرورة نشر الجيش على الحدود»، مطالبا «بدعوة المجلس الأعلى للدفاع إلى الانعقاد لبحث القصف السوري على الأراضي اللبنانية». ودعا إلى «تقديم شكوى حول خروقات النظام السوري إلى الجامعة العربية ومجلس الأمن الدولي». ورفض المرعبي «الرد على خروقات النظام السوري بالإشارة إلى خروقات العدو الإسرائيلي»، لافتا إلى أن «سيادة لبنان واحدة وأن الشعب اللبناني كله يرفض الخروقات الإسرائيلية فلا يزايد أحد في هذا الموضوع».