العاهل الأردني يحذر من تحول سوريا لقاعدة للجماعات المتطرفة

أكد معارضته إرسال قوات من بلاده داخل سوريا بـ«المطلق»

TT

حذر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، من إمكانية تفكك سوريا و«تحولها إلى قاعدة إقليمية للجماعات المتطرفة والإرهابية».

وقال الملك عبد الله الثاني في مقابلة مع وكالة «أسوشييتد بريس» الأميركية، بثها الديوان الملكي الأردني، أمس، إن «إمكانية تحول سوريا إلى التطرف، إلى جانب الجمود في عملية السلام، يمكن أن تشعل المنطقة بأسرها»، مضيفا أن «هناك سيناريو آخر في غاية الخطورة، وهو تفكك سوريا بصورة تؤدي إلى صراعات طائفية في جميع أنحاء المنطقة، تستمر لأجيال قادمة. وهناك أيضا خطر كبير من أن تتحول سوريا إلى قاعدة إقليمية للجماعات المتطرفة والإرهابية، ونحن نشهد بالفعل وجودا لهذه الجماعات في بعض المناطق». وأضاف أن بلاده تعمل، في مواجهة جميع هذه التهديدات، على إعداد خطط لحماية الشعب والحدود: «دفاعا عن النفس»، مؤكدا أن الأردن يعمل على إعداد جميع خطط الطوارئ الممكنة لهذا الغرض.

وناشد المجتمع الدولي لتدارك الأمر، ودعم الأردن ولبنان وتركيا لمواجهة الأعباء المتزايدة لاستضافة اللاجئين السوريين، مشيرا إلى أنه بموازاة ذلك، سيستمر الأردن في بذل قصارى جهوده الدبلوماسية للمساعدة في تقريب وجهات النظر في مواقف المجتمع الدولي، بحيث يمكن التوصل إلى اتفاق بشأن انتقال سياسي شامل يحفظ سيادة الأراضي السورية ووحدتها.

وفي معرض رده على سؤال حول إمكانية نجاح الرئيس السوري بشار الأسد في وضع بلاده «على قدميها مجددا»، عبر العاهل الأردني عن اعتقاده أنه تم تجاوز هذه النقطة: «فقد تم إراقة الكثير من الدماء، وهناك الكثير من الدمار. ولكن في نهاية المطاف هذا شيء يقرره الشعب السوري». وشدد على ضرورة العمل من أجل عملية انتقال سياسية فورية وشاملة، تشعر كل مجموعة في المجتمع السوري بأن لديها حصة في مستقبل البلاد، بمن فيهم العلويون.

وأكد العاهل الأردني أن بلاده تعمل ضمن الإجماع العربي والدولي والشرعية الدولية في ما يخص الشأن السوري، مؤكدا معارضته إرسال قوات أردنية داخل سوريا بـ«المطلق»، وأي تدخل عسكري أجنبي.

وحول العلاقات الأردنية - المصرية، قال: «أعتقد أن الحكومة المصرية تدرك جيدا أهمية صداقتنا الوثيقة والحفاظ على التنسيق المباشر بيننا.. وأن الأردن ينظر إلى مصر الدولة وليس إلى أي حزب سياسي»، مضيفا أن مصر دولة محورية في العالم العربي.. وتمر بفترة صعبة في الوقت الحالي.. فالديمقراطية ليست سهلة، بل هي مسيرة.. وتستطيع مصر أن تعتمد على الأردن لتقديم أي شكل من الدعم الذي تحتاج إليه».

ويرى الملك عبد الله الثاني «فرصة سانحة لاستئناف المفاوضات (الفلسطينية - الإسرائيلية) على أساس حل الدولتين، وهو الحل الذي يمثل الصيغة الوحيدة المقبولة». مضيفا أن هناك عدة عوامل لتوفير هذه الفرصة: «أولها وجود رئيس للولايات المتحدة لفترة رئاسية ثانية، والعامل الثاني هو التصويت التاريخي للأمم المتحدة برفع صفة تمثيل فلسطين فيها، مما يدل على وجود إرادة دولية متجددة.. كما أن الربيع العربي يزيد من أهمية الاستعجال في استئناف عملية السلام، فالربيع العربي هو أولا وقبل كل شيء صرخة من أجل العدالة والكرامة والحرية، وهي مطالب لا تتحقق إلا من خلال السلام العادل والحقيقي».

وذكر الملك عبد الله بأن «مبادرة السلام العربية لا تزال مطروحة على الطاولة، بعد 11 عاما، وهو عامل آخر يسهم في إتاحة الفرصة، وأدعو الحكومة الإسرائيلية الجديدة أن تغتنم هذه الفرصة التي تمثل نافذة آخذة بالانغلاق بسرعة، ولذا علينا الإسراع في التحرك وبشكل حاسم من أجل سلام عادل ودائم».

وفي الشأن الداخلي، أكد الملك عبد الله الثاني أن «الملكية تحافظ على دورها في الأردن بوصفها رمز الوحدة الوطنية، والصوت الذي يعبر عن جميع الأردنيين، ويدافع عن القيم الأساسية لهويتنا الوطنية». ولفت إلى أن «الهدف الرئيس للملكية يتمثل في حماية ازدهار الوطن واستقراره وأمنه ووحدته، والعمل من أجل الأردنيين، حتى يتمكنوا من تحقيق تطلعاتهم».

وقال الملك عبد الله الثاني: «إننا نكتب فصلا جديدا في تاريخنا، وأنا لا أكتبه وحدي، بل يشاركني في كتابته الشعب، وممثلوه، والقوى السياسية، والمجتمع المدني». وأوضح أن «لدينا اليوم خريطة طريق إصلاحية ذات مسار واضح، تقوم على إنجاز محطات رئيسة، وتوافر مقومات ضرورية.. ويتعلق جزء من هذا المسار بضرورة الاستمرار في تطوير نظامنا الانتخابي من خلال مؤسساتنا الدستورية، بحيث يصبح أكثر تمثيلا، ويحافظ على التعددية، ويوفر تكافؤ الفرص بين الأحزاب، ويسهم في تشكيل الحكومات البرلمانية على أساس حزبي». وفي رد على سؤال حول التحديات الاقتصادية التي تواجه الأردن، قال الملك عبد الله الثاني: «أضرت الأزمة العالمية باقتصادنا فعلا، وجاء الربيع العربي بعدها فتباطأ أداء قطاع السياحة والاستثمارات. وأدى تدفق اللاجئين السوريين إلى زيادة الضغط على الموارد والبنية التحتية، بينما توقفت تجارتنا عبر سوريا تماما. أما الضربة القاصمة، فتمثلت في انقطاع إمدادات الغاز المصري، التي كانت تلبي 80% من احتياجاتنا لتوليد الكهرباء، في وقت ارتفعت فيه أسعار النفط عالميا إلى مستويات قياسية. ويكلف هذا وحده الحكومة أكثر من ملياري دولار سنويا كعجز إضافي.