زيارة أوباما تقسم رام الله وبيت لحم إلى مربعات أمنية وتعطل المدارس

أبو مازن سيبلغ ضيفه الأميركي رفضه العودة للمفاوضات مقابل بوادر حسن نية.. ودعوى ضده أمام النائب العام

TT

قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات، إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) سيبلغ الرئيس الأميركي باراك أوباما رفضه استئناف مفاوضات السلام مع إسرائيل مقابل بوادر حسن نية متوقع أن تقدمها الحكومة الإسرائيلية. وأوضح عريقات قبل يوم واحد من لقاء أوباما وعباس في رام الله: «سنطلب من الرئيس أوباما إلزام إسرائيل بتنفيذ ما عليها من استحقاقات وليس مجرد بوادر حسن نية.. بيننا التزامات موقعة».

ويريد الفلسطينيون الإفراج عن أسرى، ووقف الاستيطان، وفتح المؤسسات المغلقة في القدس الشرقية، وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل سبتمبر (أيلول) 2000، وحل الإدارة المدنية، وإعادة الانتشار من الضفة الغربية، وتسليحا أفضل. ويبحث أوباما في إسرائيل ورام الله إمكانية انطلاق مفاوضات السلام، لكنه لا يحمل أي مبادرات جديدة.

وأكد عريقات للإذاعة الفلسطينية، عدم تلقي السلطة الفلسطينية أي أفكار أو مبادرات أميركية جديدة لاستئناف المفاوضات، واعتبر أنه «لا جدوى من الحديث عن طرح أفكار أو مبادرات لاستئناف مفاوضات السلام دون تنفيذ إسرائيل الاتفاقات السابقة»، وأضاف: «80% من التزامات إسرائيل تجاه عملية السلام لم تنفذ».

وهاجم عريقات الحكومة الإسرائيلية، قائلا: «الخطة السياسية للحكومة الإسرائيلية تقوم على بناء المزيد من الاستيطان، ومن ثم، بعد ذلك الوقوف أمام العالم والقول للفلسطينيين تعالوا نتفاوض لصناعة السلام»، وتابع: «نحن على استعداد لتقديم تنازلات مؤلمة، ولكن السلام يحتاج إلى أفعال وليس أقوالا، وبحاجة إلى حكومة إسرائيلية تقبل بمبدأ الدولتين على الحدود المحتلة عام 1967، وهذا لم تقبله منذ 20 عاما».

ومن غير المعروف ما إذا كانت زيارة أوباما ستسفر عن تفاهم ما تجاه النقاط محل الخلاف بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ويلتقي أوباما مع نتنياهو قبل لقاء أبو مازن وبعده كذلك في مؤشر على انغماسه في نقاش حول عملية السلام.

وأنهى الفلسطينيون الاستعدادات لاستقبال أوباما في رام الله وبيت لحم. وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» إن مسحا أمنيا شاملا أميركيا وفلسطينيا أجري للمناطق التي ينزل ويسير فيها أوباما، وأضافت: «المناطق ستتحول إلى مربعات أمنية مغلقة». وأعلن حرس الرئاسة الفلسطيني منطقة مقر الرئاسة (المقاطعة) في المدينة مربعا أمنيا مغلقا منذ التاسعة صباحا وحتى الرابعة من عصر اليوم. وأدى ذلك إلى إغلاق المؤسسات والمدارس في رام الله والبيرة.

ويسري الأمر نفسه على بيت لحم غدا الجمعة التي يصل إليها أوباما لزيارة كنيسة المهد. ومن المقرر أن ينتشر الآلاف من قوات حرس الرئاسة والشرطة وقوى الأمن في رام الله وبيت لحم اليوم وغدا إضافة إلى رجال المخابرات الأميركية الذين يؤمنون الحراسة الشخصية لأوباما.

وحدد حرس الرئاسة المربعات الأمنية في رام الله وبيت لحم، وقال بيان لوزارة الداخلية إن شوارع رئيسة ستغلق بالكامل. ودعت وزارة الداخلية المواطنين إلى الالتزام بالإجراءات والترتيبات الأمنية التي ستطبق خلال زيارة الرئيس الأميركي. وقالت الوزارة إن حركة السيارات تمنع داخل المنطقة الأمنية وفي شوارع مختلفة محددة في رام الله وبيت لحم.

وأكدت الأجهزة الأمنية الفلسطينية أنها ستتعامل مع أي حالة طارئة لدى المواطنين بنفسها. كما أعلنت مديرية تربية رام الله والبيرة، عن تعطيل الدوام في رام الله بمناسبة زيارة الرئيس الأميركي. وستعطل أي مدارس تعمل في بيت لحم يوم الجمعة في محيط مناطق زيارة أوباما.

ويصل أوباما ومرافقوه إلى رام الله وبيت لحم على متن طائرات هليكوبتر، تهبط في مقر المقاطعة وفي مطار صغير قرب مخيم الدهيشة، ويتنقل في موكب من سيارات الرئاسة الأميركية بعد ذلك. وأحضر أوباما مئات رجال الأمن وأكثر من 150 صحافيا وعشرات السيارات الخاصة بموكبه وحراسته.

واستقبل الفلسطينيون أوباما، بطرق مختلفة، عبر مظاهرات وأغان ساخرة، وقرية جديدة على أراض مهددة بالمصادرة، ودعوى جزائية أمام النائب العام. وأقام عشرات من الناشطين الفلسطينيين حيا جديدا قبالة مستوطنة معاليه أدوميم القريبة من القدس، في المكان نفسه الذي شهد سابقا هدم قرية «باب الشمس». وقال بيان للنشطاء إن حي «أحفاد يونس» الجديد هو أحد أحياء قرية باب الشمس التي دمرها الاحتلال في 13 يناير (كانون الثاني) الماضي بعد إنشائها بيومين.

ونصب الناشطون أكثر من 15 خيمة على أراض تابعه لبلدة العيزرية شرق القدس ومعروفة إسرائيليا بمنطقة «E1» وتنوي إسرائيل بناء مستوطنة جديدة فيها. ورفع الناشطون صورا لأوباما كتب عليها: «43 فيتو أميركيا.. وصمة عار في جبين أوباما». وقال بيان لحركة «فتح» إن اسم «أحفاد يونس» مستمد من شخصية «يونس»، وهي الشخصية الرئيسة في رواية «باب الشمس» للكاتب اللبناني إلياس خوري.

وقال محمود العالول، عضو اللجنة المركزية لـ«فتح» الذي شارك في بناء الحي: «نبني هنا أمرا واقعا جديدا ولا نخضع للأمر الواقع الإسرائيلي»، وأضاف: «سنستمر في ممارسة حقنا في البناء والعيش في أرضنا».

أما عائلة المصور الفلسطيني مازن دعنا، الذي قتل في الحرب الأميركية على العراق، فاستقبلت أوباما بتحريك دعوى جزائية ضده في رام الله.

وقدمت العائلة الدعوى على خلفية مقتل «دعنا» على يد القوات الأميركية في العراق في عام 2003. وجاء في الدعوى التي قدمت للنيابة العامة في رام الله باسم زوجة القتيل، اتهام لأوباما بصفته الشخصية وبصفته الوظيفية قائدا أعلى للقوات المسلحة الأميركية، «بالاشتراك في جريمة القتل العمد التي أقر الجيش الأميركي بمسؤوليته عنها بموجب رسالة موجهة من وزير الدفاع الأميركي الأسبق دونالد رامسفيلد إلى عائلة دعنا».

ووفقا للشكوى المقدمة من مجموعة «محامون من أجل الإنسان»، فإن المشتكي يلتمس جلب المتهمين والتحقيق معهم وتوقيفهم وفق أحكام القانون الفلسطيني. وقبلت نيابة رام الله هذه الشكوى وتمت إحالتها للنائب العام الفلسطيني.

وكان دعنا يعمل مصورا لوكالة «رويترز» وقتل في 2003 قرب سجن أبو غريب برصاص أميركي.