دمشق تسلم أحد الناجين من كمين تلكلخ الى بيروت

القصف على المنطقة الحدودية مستمر.. ووزير لبناني يحذر من «النزاعات المفتوحة»

TT

تسلمت السلطات اللبنانية أمس من السلطات السورية الموقوف اللبناني في سوريا حسان سرور، أحد الناجين من كمين تلكلخ، بعد ساعات من ظهوره على التلفزيون السوري، حيث اتهم مؤسس التيار السلفي في لبنان داعي الإسلام الشهال بتمويل المجموعة، وتدريبها في شمال لبنان، مما دفع بالشهال لنفي الاتهام، مؤكدا أن سرور «أجبر وألزم» على قول ما اعترف به.

وتزامن الإفراج عن سرور مع تعرض مناطق «متنازع عليها» بين لبنان وسوريا على الحدود لقصف القوات السورية، وسط تحذير من الوزير أحمد كرامي، قبل دخوله إلى اجتماع مجلس الوزراء أمس، من «ألا نكون دخلنا في مرحلة النزاعات المفتوحة على الحدود اللبنانية - السورية»، وذلك بموازاة إعلان السفير السوري لدى لبنان أن القذائف التي سقطت في جرود عرسال وبلدة القصر «لم تستهدف مناطق لبنانية»، مشيرا إلى أن «المناطق التي سقطت فيها القذائف إما سورية أو متنازع عليها».

وسلمت السلطات السورية حسان سرور للأمن العام اللبناني، الذي أعلن أنه «بناء على التوجيهات الرسمية، واستكمالا للاتصالات التي قام بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم مع السلطات السورية، تم الإفراج عن سرور وسُلم للمديرية العامة للأمن العام التي قامت بنقله إلى لبنان». وأشار البيان إلى أن المديرية «تعمل على استكمال الإجراءات الإدارية والقانونية لإقفال ما تبقى من هذا الملف تحت إشراف القضاء المختص».

ويعد سرور الوحيد الناجي من أعضاء مجموعة من المقاتلين الإسلاميين وقعت في كمين نصبته القوات النظامية السورية في منطقة تلكلخ في ريف حمص على الحدود اللبنانية - السورية نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وقبيل وصوله إلى لبنان، اتهم سرور مؤسس التيار السلفي في لبنان داعي الإسلام الشهال بتمويل المجموعة التي وقعت بكمين تلكلخ. وقال إن المال «كان يُقبض عبر شخص يُدعى أبو البراء من منطقة المنكوبين في طرابلس، إلى جانب شخص يُدعى أبو مصعب الفلسطيني».

وبحسب وكالة الأنباء الرسمية السورية «سانا»، التي أفادت باعترافات سرور التي أدلى بها لوسائل إعلام مرئية، قال سرور إن «المجموعة كانت تتدرب في منطقة المنكوبين، وتلقت تدريبا لمدة شهر من قبل يوسف أبو عريضة في منطقة تل حياة وشخص آخر في المنطقة يدعى أبو عمر». وكشف سرور أن «شخصا يدعى أبو الوليد كان لديه مكتب في منطقة باب التبانة بلبنان وكان يعطي دروسا عن (الجهاد)، حيث كان التحريض على هذا الأمر يتم من خلال شاشات تُعرض عليها فيديوهات حول أن الجيش السوري يذبح الأطفال ويرتكب عمليات القتل واغتصاب النساء».

لكن داعي الإسلام الشهال نفى تلك الاتهامات. واعتبر أن «النظام السوري يشعر بلحظاته الأخيرة ويريد الانتقام من خصومه ويرمي الفشل على غيره، وهي ليست المرة الأولى التي يتهم فيها الآخرين»، مؤكدا أنه «أجبر حسان سرور، أحد أعضاء مجموعة تلكلخ، وألزم على القول إنني أنا من موّل هذه المجموعة». ووضع الشهال هذا الأمر «ضمن الانتقام السياسي والإعلامي للنظام السوري»، مؤكدا «إننا نتشرف بنصرة الشعب السوري، وكلام سرور أمام التلفزيون السوري ليس صحيحا وهو في غير محله».

في الوقت ذاته، حذر إسلاميون من أن اتهام الشهال «يخفي نية لاستهداف الإسلاميين في لبنان». وقال عضو هيئة العلماء المسلمين الشيخ سالم الرافعي، لـ«الشرق الأوسط»، إن تلك الاتهامات التي وردت على لسان سرور المفرج عنه «تأتي بهدف زج الإسلاميين في القضية»، محذرا من أن تكون «مقدمة لاستهداف الإسلاميين في لبنان». وقال «أنا أجزم أن كلام سرور لا أساس له من الصحة»، مشددا على أن «داعي الإسلام الشهال لا علاقة له بالقضية، لكن جاء اتهامه بإيحاء من المخابرات السورية لأنه لا يمكن لسرور أن يخالفهم القول وهو لا يزال داخل سوريا».

وإذ حذر من أن يكون النظام السوري «يحضر لاستهداف الإسلاميين في لبنان»، قال الرافعي الذي يعد أحد القادة السلفيين الذين يمتلكون ثقلا شعبيا في طرابلس، إن «الحشود السورية على الحدود تشير إلى أن النظام يحضر لعمل أمني ضد لبنان، بما يتخلله من قصف متواصل، واليوم يشير إلى الإسلاميين ليكون عنده مبررا للرد واستهداف الجانب اللبناني».

وأعرب الرافعي عن اعتقاده أن اتهام الشهال «سيكون بداية لاتهام قادة آخرين، بهدف تشويه صورة الإسلاميين داخل لبنان أمام الرأي العام والحكومة، وإظهار الشهال أنه يمتلك اليد الطولى في أحداث سوريا، وذلك بإظهار الإسلاميين أنهم الطرف المعتدي عليها». ورأى في الاتهام «حربا استباقية، ومبررا أمام الحكومة اللبنانية لتوسيع دائرة حربه إلى داخل لبنان، عملا بتهديداته التي أرسلها برسالة إلى الخارجية اللبنانية».

في هذا الوقت، ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن الجيش اللبناني «نفذ حملة مداهمات في محلة مشاريع القاع المحاذية للحدود السورية بحثا عن أسلحة ومطلوبين ومشبوهين». وأشارت إلى أن هذه الحملة «تأتي إثر عمليات تهريب على امتداد الحدود في محلة الجوسية والجورة، وصولا إلى السلسلة الجبلية الشرقية التي تتشابك فيها الملكية بين لبنان وسوريا».

وليس بعيدا عن مشاريع القاع، أفادت إذاعة «صوت لبنان» بأن «الطيران السوري قصف منذ نحو الساعة غرفة مهجورة في خربة داود في خراج بلدة عرسال».