تجدد معارك طرابلس حصيلته أكثر من 7 قتلى و25 جريحا

تيار المستقبل اللبناني يتهم «عناصر غير منضبطة أو مدسوسة» باستدراج الاقتتال

جانب من انتشار الجيش اللبناني على مداخل طرابلس في محاولة لوقف الاشتباكات (أ.ف.ب)
TT

لا شيء يشير إلى أن الجولة الخامسة عشرة من الاشتباكات في طرابلس, عاصمة شمال لبنان, منذ عام 2008، التي بدأت بعد ظهر أول من أمس، وحصدت أكثر من سبعة قتلى بينهم عسكري و25 جريحا، ستكون الأخيرة أو أنها على الأقل انتهت. فالتوتر بقي سائدا في المدينة يوم أمس، وواصل الجيش مداهماته واعتقالاته، كما طارد مسلحين وصولا إلى وسط المدينة عند شارع عزمي، حيث تبادل معهم إطلاق النار. كانت الاشتباكات قد بدأت بين منطقتي جبل محسن (أغلبية علوية) وباب التبانة (أغلبية سنية) (في ضواحي طرابلس الشمالية الشرقية) بعد الاعتداء على جنديين في المستشفى الحكومي، تبين أنهما من الطائفة العلوية. وعلى الأثر اشتعلت اشتباكات بين المنطقتين امتدت قذائفها لتطال مناطق مختلفة من المدينة، كما وصل رصاص القنص الذي أصاب العدد الأكبر من القتلى والجرحى إلى أحياء بعيدة عن مناطق الاشتباك.

وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» أمس، حول مدى إمكانية تماسك الهدنة التي أعلن عنها أكثر من طرف, قال النائب السابق مصطفى علوش، عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل: «طالما أن السلاح موجود ومنتشر، لن تكون هناك نهاية للاشتباكات، هذا إذا كانت هناك هدنة أصلا». وأضاف علوش: «الأطراف القادرة على الاقتتال غير راغبة بتوسيع الاشتباكات أو الاستمرار فيها. لكن هناك استدراج للمعارك من قبل عناصر فوضوية أو مدسوسة من الجهتين، ومن خلال اعتداءاتهم على مواطنين آمنين. فقد تم الاعتداء على مواطنين علويين في طرابلس. كما أن هناك تهديدات لطرابلس وصوت عالٍ من جبل محسن، وهذا يؤدي إلى توتر. وهو ما أربطه أيضا بما شهدناه من اعتداء على الشيخين في بيروت منذ أيام».

وفي المقابل صرح رفعت عيد، الأمين العام لـ«الحزب العربي الديمقراطي» (العلوي) بعد ظهر أمس لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نعلن وقف إطلاق النار من جانبنا ونترك الأمر للجيش حتى منتصف الليل ليضبط الوضع، ويضع حدا للاعتداء علينا، وهو يقوم بمداهمات كبيرة لإيقاف المخلين، لكن المسلحين هددوا الجيش وطالبوا بإطلاق سراح من تم اعتقالهم كي يلتزموا بوقف إطلاق النار».

وكان عيد قد وصف ما يحصل بالقول: «هذه معركة التمديد لأشرف ريفي (المدير العام لقوى الأمن الداخلي الذي تختلف أطراف الحكومة على التمديد له أو تعيين خلف له). يريدون القول إنه لا أمن من دون أشرف ريفي في البلد. لقد تم الاعتداء على مواطنين علويين في عدة أماكن في طرابلس، وثمة من تم ضربه بالسواطير بالقرب من جامع التقوى، أو الاعتداء عليه بالسكاكين، ونحن كل ما نطلبه هو حماية أولادنا الذين يذهبون لطلب رزقهم، وهذه مسؤولية الدولة، فلتقم بواجباتها». وعند سؤاله عن تصعيده الكلامي الذي أثار موجة من الغضب قال عيد: «في هذا البلد محاكم ودولة، فليشتكوا ويحاكموني على ما أقول لا أن يذهبوا لقتل الأبرياء العائدين من أشغالهم. أنا مصر على أن كل ما يحدث هو من أجل إثبات أن أشرف ريفي ضرورة أمنية لا يمكن الاستغناء عنها».

هذا وكان اجتماع قد عقد صباح أمس في منزل النائب محمد عبد اللطيف كباره، ضم ممثلين عن حركات إسلامية، قال على أثره كباره «الأمور في طرابلس لم تضبط بشكل يعيد إلى المدينة أجواء الحياة الطبيعية وذلك بسبب تلكؤ الحكومة عن القيام بواجباتها»، معتبرا أن «الأحداث المتتالية محليا وإقليميا تؤثر على الوضع الأمني في طرابلس». وتابع «بدلا من الدعوة الطيبة إلى تهدئة النفوس وجدنا أن هناك من لجأ إلى أسلوب التهديد والوعيد مقرونا بكلام التحقير الذي من شأنه إثارة الغرائز حتى بلغ الأمر تهديد الدولة وأهل الحكم بتحويل طرابلس لأرض محروقة وهناك من يتهم المدينة بإيوائها لبعض العناصر التكفيرية يجيزون الجرائم على أنواعها». الجدير بالذكر ان الاقتتال بين باب التبانة وجبل محسن يعود إلى عام 1976 ودخول الجيش السوري إلى لبنان، حيث وقعت مجزرة مروعة في باب التبانة عام 1986 ما يزال الأهالي يعتبرون أن الثأر لها قائم ومستمر. ومع انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية، عادت المنطقتان للتعايش لكن الأمر عاد إلى حدته، بعد خروج الجيش السوري من لبنان وتحديدا بعد 7 مايو (أيار) 2008، إثر الصدام الذي حدث بين حزب الله وقوى 14 آذار في بيروت.

ولقد صمدت الهدنة الأخيرة بعد جولة من معارك ضارية انتهت في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وقال الجيش يومها إنه طبق خطة أمنية محكمة لكن الوضع عاد لينفجر منذ أيام، مما تسبب في نزوح الأهالي على خطوط التماس.

من ناحية اخرى, قال الشيخ وليد طبوش، إمام مسجد خالد بن الوليد في باب التبانة خلال لقاء معه إن «الوضع الإنساني رديء للغاية. فالسكان فقراء، وهم من دون معارك لا يجدون ما يقتاتونه، فكيف بالأحوال حين تتوقف الأعمال. هذا عدا حال الجرحى». واضاف طبوش «نحن نقتتل منذ عام 1976، ولا يستطيع أي طرف أن يتقدم خطوة، باتجاه الآخر. فهناك خطوط تماس حمراء الجميع يلتزم بها. ومع ذلك، فالاقتتال العبثي مستمر، نحن نناشد وزراء المدينة الخمسة ورئيس الوزراء ابن المدينة أيضا، أن ينظروا إلى مدينتهم بعين الرحمة ويولوها عنايتهم، فبيروت ليست أغلى منها ولا صيدا، ومن غير المقبول أن تهمل طرابلس أو تنسى من قبل وزرائها ونوابها وأبنائها من المسؤولين».