مصادر فرنسية رسمية: واثقون من العمل بضمانات مع قيادة أركان «الحر»

قالت إن تقديم الأسلحة للمعارضة لن يغير الوضع الميداني فورا

TT

قالت مصادر فرنسية وثيقة الصلة بالملف السوري إنها تعول على اللواء سليم إدريس، رئيس أركان الجيش السوري الحر ليكون الواجهة المقبولة والمقنعة التي يتم عبرها تسليم السلاح إلى المعارضة السورية مع توافر الضمانات بأنه لن يذهب إلى المجموعات الجهادية من أمثال منظمة النصرة وأخواتها.

وأفادت هذه المصادر في لقاء أمس أن لدى باريس، بفضل عمل أجهزتها وبفضل الاتصالات التي تقيمها مع أطراف المعارضة السياسية والعسكرية، «تصورا واضحا» و«معرفة دقيقة» للتشكيلات المسلحة الناشطة على الأراضي السورية وبالتالي فإنها واثقة من القدرة على العمل «بجدية» مع الأطراف التي يمكن أن يصل إليها السلاح.

وجاءت تأكيدات المصادر الفرنسية بموازاة اجتماعات دبلن غير الرسمية لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذين يناقشون موضوع تسليح المعارضة السورية بناء على إلحاح فرنسي بريطاني وسط أن الانقسامات داخل الصفوف الأوروبية ما زالت عميقة.

ويشكل التخوف من وصول الأسلحة الغربية المتقدمة وخصوصا الصواريخ التي تحتاجها المعارضة لحرمان النظام السوري من اللجوء المكثف إلى سلاح الطيران وطائرات الهليكوبتر الحجة الرئيسية للأوروبيين الرافضين السير في مشروع تسليح المعارضة. لكن باريس، وعلى الرغم من الانقسامات، ترى أن الوضع ليس «جامدا» وأن احتمالات التغير في المواقف «قائمة» على غرار ما حصل بشأن التدخل العسكري في ليبيا. فضلا عن ذلك، شددت هذه المصادر على أن تسليح المعارضة وبعكس ما تدعيه أطراف أوروبية هو «السبيل الوحيد للخروج من حال المراوحة الميدانية وإفهام الأسد أن انتصاره العسكري وبقاءه في السلطة غير ممكنين وبالتالي دفعه باتجاه الحل السياسي». بالإضافة إلى ذلك، تؤكد باريس أن «أسوأ السيناريوهات» هو «أن ينتهي الوضع في سوريا إلى نزاع بين نظام ديكتاتوري وحركات أصولية جهادية» ولذا، فإن مساعدة المعارضة سياسيا وعسكريا هو الحل للخروج من هذه المعادلة.

غير أن المصادر الفرنسية وعلى الرغم من تزكيتها قيادة أركان الجيش السوري الحر، فإنها تعترف أن هذه القيادة لم تصل بعد إلى تشكيل هياكلها وهرميتها. من هنا، تأتي الحاجة إلى مساعدتها. وبأي حال، ولا ترى باريس أن ميزان القوى الميداني «سيتغير بين ليلة وضحاها» بل إنه سيحتاج إلى وقت وهو «مسار تراكمي» سياسي وعسكري ونفسي. وبصدد النقطة الأخيرة، قالت المصادر الفرنسية إن توفير السلاح الذي تطلبه المعارضة «سيكون له أثر نفسي» على داعمي النظام سياسيا وعسكريا ما سيدعوهم إلى إعادة النظر بمواقفهم خصوصا ضباط الجيش السوري وقواه الأمنية.

وتقدر المصادر الفرنسية عدد المقاتلين المناهضين للنظام بما يتراوح ما بين 100 و150 ألف مقاتل لا يشكل الجهاديون منهم سوى نسبة ضئيلة قد تصل إلى عشرة آلاف رجل بين سوريين وغير سوريين. لكن تفوقهم التنظيمي والعملاني ولجوءهم إلى العمليات الانتحارية وقدراتهم الإعلامية تعطيهم حجما يفوق حجمهم الحقيقي.

ورفضت المصادر الفرنسية تأكيد معلومات نشرتها مجلة «نوفيل أوبسرفاتور» المحسوبة على اليسار، أول من أمس، عن «مصدر موثوق داخل جهاز الدولة» ومفادها أن أول دفعة من السلاح الفرنسي سلمت للمعارضة السورية بداية يناير (كانون الثاني) الماضي وهي تتشكل من أسلحة خفيفة (بنادق هجومية من طراز «فماس» التي يستخدمها الجيش الفرنسي وذخائر). وبحسب المجلة المذكورة، لم تسلم باريس بعد صواريخ أرض - جو المحمولة التي تنوي إيصالها للمعارضة السورية. لكن عسكريين فرنسيين بدأوا تدريب المقاتلين السوريين على استخدامها في مخيمات في الأردن.

وبعكس ما حصل في ليبيا حيث اعتمدت باريس على «الوسيط» القطري في إيصال السلاح لمناهضي العقيد القذافي، فإن باريس تتعاطى مباشرة مع الجيش السوري الحر وهي تقدم السلاح لوحدات مختارة منه. وبحسب المجلة الفرنسية، فإن غرض باريس من اجتماع دبلن هو «توفير الغطاء القانوني» لما بدأت العمل به منذ شهرين ونصف.

واكتفت المصادر الرسمية بالقول إن فرنسا «تلتزم حتى الآن مضمون القرار الأوروبي» الصادر نهاية فبراير (شباط) الماضي والذي سمح بتزويد المعارضة بمعدات «غير قاتلة» من جهة وبالمساعدة «الفنية» من جهة ثانية. وواضح أن باريس تفسر معنى «المساعدة الفنية» بشكل واسع ما يتيح لها إدراج ما تريد ضمن هذا المفهوم. ولا تنتظر باريس قرارا سريعا على المستوى الأوروبي. غير أنها ترغب بالحصول عليه قبل الموعد المرسوم أساسا وهو نهاية مايو (أيار) المقبل ما يحتم عليها الالتزام بمضمون قرار فبراير الماضي أقله بشكل رسمي.