مقر الإخوان بالمقطم قلعة محاصرة تواجه غضب الجماهير

معارضوهم عدوه مقر الحكم الحقيقي.. ومصدر إزعاج لسكان الحي

أحد أنصار جماعة «الإخوان» يطلق شعارات أمام المقر العام للجماعة في الشارع رقم 10 بالمنطقة الراقية بحي المقطم أمس (رويترز)
TT

أطلت عشرات الوجوه الشابة من نوافذ وأعلى سطح مقر جماعة الإخوان المسلمين بهضبة المقطم (جنوب شرقي القاهرة) أمس، فيما تجاهل العشرات من أنصارها العواصف الترابية التي ضربت العاصمة المصرية، وتجمعوا في محيط المبنى الذي بدا كقلعة حصينة شاهقة، إذا ما قورن بالمنازل الواطئة التي تحيطه به، استعدادا لدعوات التظاهر في محيطه. وبات المقر الرئيسي لجماعة الإخوان ذو الخمسة طوابق مقصدا للمظاهرات الغاضبة، بعد أن تنامى على نطاق واسع شعور في صفوف المعارضين لحكم الإخوان أن المبنى رقم 5 في الشارع رقم 10 بالمنطقة الراقية بحي المقطم هو مركز صناعة القرار في البلاد، وليس قصر الاتحادية الرئاسي الذي يتخذه الرئيس محمد مرسي القيادي بالجماعة مقرا رسميا له.

لا توجد لافتات تقودك من المداخل الثلاثة لحي المقطم إلى مقر الجماعة، لكن الشعارات المناوئة للإخوان تبدو بديلا مناسبا، ففي الطريق إلى المبنى لا تزال آثار الكتابة على الجدران في شارع 9 الرئيسي تشير إلى المقر بعبارات أثارت غضب أنصار الجماعة، فطمسوا بعضها فيما تكفل حزب الوسط الإسلامي القريب من الإخوان بتغطية شعارات أخرى بملصقات تدعو للتوافق.

وفي الطريق عبر شارع 10 الذي يوجد في نهايته مقر الجماعة أقامت قوات الشرطة ثلاثة كردونات رئيسية مستعينة بمصفحاتها، وأغلقت الشوارع الفرعية بالشارع الذي استضاف أمس بائعي الأعلام وعربة لتقديم وجبات سريعة، ومقهى أقيم على عجل من أقفاص خشبية لتقديم الشاي، للمتظاهرين الذين أتوا للاحتجاج على ما يقولون إنه اعتداء كوادر الجماعة على نشطاء وصحافيين نظموا الأسبوع الماضي فعالية أمام مقر الإخوان.

يصعب الحصول على تعليق من شاب ينتمي لجماعة الإخوان ذات التراتبية الصارمة، فهو يحيلك لمسؤول يحيلك بدوره لآخر، واحتاجت «الشرق الأوسط» أمس للمرور على أربعة أشخاص لتحصل على تعليق بشأن أسباب وجود شباب الإخوان في محيط مقرهم الرئيسي. وقال شاب ذو لكنة ريفية يبلغ من العمر نحو 35 عاما «لنا الحق في الدفاع عن ممتلكاتنا.. يجب أن لا تسألوا صاحب الدار عن أسباب وجوده في داره أسألوا من أتى إليه لاستفزازه».

واقتحم متظاهرون غاضبون مقر الجماعة نهاية العام الماضي، احتجاجا على ما قالوا إنه اعتداء كوادر الإخوان على نشطاء معتصمين في محيط قصر الاتحادية، وترك هذا الاعتداء أثرا في نفوس أعضاء الجماعة، بالإضافة إلى قضبان حديدية علقت على شرفة الدور الأول للمقر، وكاميرات مراقبة على الأسوار، أضيف إليها أمس كاميرات أطلت عدساتها من نوافذ الأدوار العليا لتوثيق مشاهد اعتداءات متوقعة.

باستثناء أسطح القرميد الحمراء المائلة ذات الطابع الأوروبي، يفتقر مقر جماعة الإخوان الذي افتتح عقب أربعة شهور فقط من الإطاحة بحكم الرئيس السابق حسني مبارك، إلى طراز معماري مميز. ويشرف المقر الذي يوجد به مكتب المرشد العام للجماعة ومكاتب نوابه وأعضاء مكتب الإرشاد، على القاهرة من أعلى الهضبة الوسطى للمقطم، ويقف غير بعيد عن قلعة الجبل (صلاح الدين) التي اختارها حكام مصر على مدار قرون كمركز لحكم البلاد. ومنذ تولي الرئيس مرسي مهام منصبه قبل نحو تسعة شهور تم تعلية مقر الجماعة مرتين، وأضيف لأدوار المبنى الثلاثة دوران آخران، فيما بدا كتعبير عن النشاط المتزايد للمقر، كما لا تزال أعمال البناء قائمة في مبنى صغير ملحق ببوابة المقر المطلة على شارع 24 الخلفي.

يبدي الحاج محمد وهو أحد سكان شارع 10 انزعاجه من جيرانه حكام مصر الجدد قائلا لـ«الشرق الأوسط» وهو عائد من صلاة الجمعة أمس: «سبحان الله الواحد كان فاكر أنه ساكن على شمال الدنيا (في إشارة للهدوء الذي طالما ميز حيه) شوف الحال اليومين دول.. ربنا يلطف ويعديها على خير».

الهتافات التي يطلقها معارضو الإخوان المحتشدون عن تقاطع شارعي 9 و10 لا تصل لشباب الجماعة المحتشد أمام مقره وداخله عند الطرف الآخر من الشارع، وفي الطريق بينهما وعلى جانبي الشارع مئات من جنود الأمن المركزي الجالسين في الحدائق الصغيرة التي يتميز بها الحي.

وفي حشد المتظاهرين ضد جماعة الإخوان، يختلط شباب وناس بسطاء يبدون بلا هدف، بشباب آخر أكثر وعيا سياسيا، فبينما يتوعد خالد وهو شاب في السابعة عشرة من عمره شباب الإخوان قائلا لـ«الشرق الأوسط» قبل أن يتقدم أكثر في الشارع لاستطلاعه: «ربنا يسهل ونربيهم النهارده»، يظهر أحمد الذي عرف نفسه كمناصر لحزب الدستور هدوءا أكبر وهو يمسك لافتة كتب عليها «يسقط حكم المرشد»، يقول: «نحن هنا نقف هنا لنؤكد على حقنا في التظاهر والتعبير عن رأينا في أي مكان، هذا حق لن نفرط فيه».