مشرف يؤكد عودته إلى باكستان غدا

يواجه عددا من مذكرات التوقيف بعد 7 أعوام في المنفى

الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف لدى وصوله إلى دبي لإجراء مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية في دبي أمس (أ.ف.ب)
TT

أكد الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف أمس في دبي أنه سيعود غدا إلى بلاده حيث يواجه عددا من مذكرات التوقيف، بعد سبعة أعوام في المنفى. وكان القضاء الباكستاني فتح الطريق أمام هذه العودة بعد ظهر أمس عندما كفل لمشرف الذي تولى السلطة إثر انقلاب عسكري في 1999 وغادرها في 2008 أنه سيستفيد من حرية بكفالة لدى وصوله. وأصدرت المحكمة الباكستانية العليا أمرا يمنح الرئيس السابق برويز مشرف الحق في الدفع المسبق للكفالة لمنع أي محاولة لاعتقاله، وهو ما يمهد الطريق لعودته بشكل آمن إلى باكستان قبل إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة. وقبلت المحكمة العليا في إقليم السند الباكستاني، ثاني أكبر هيئة قضائية في البلاد، يوم الجمعة، الطلب المقدم من مشرف لمنحه حق الدفع المسبق للكفالة قبل اعتقاله. وسيسمح هذا الحكم الصادر من المحكمة بعودة مشرف إلى باكستان بحرية من دون خوف من الاعتقال على خلفية اتهامه في ثلاث قضايا جنائية مقامة ضده من قبل حكومة حزب الشعب الباكستاني المنتهية ولايتها.

وقد اتهم مشرف رسميا بالضلوع في قضية اغتيال رئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو، وقتل أحد مشايخ القبائل في البلوج، أكبر بوغتي، والتورط في حملة من الإقالات القسرية والاعتقالات بحق قضاة المحكمة العليا. ولطالما أكدت حكومة حزب الشعب الباكستاني الحالية أنه سيتم اعتقال مشرف في المطار لدى عودته من لندن ودبي، وهما المدينتان اللتان اختارهما لتكونا منفاه الاختياري. وأعلن مشرف رسميا أنه سيعود إلى باكستان بمجرد تسلم شخصية محايدة رئاسة المرحلة المؤقتة في إسلام آباد بعد انتهاء فترة ولاية حكومة حزب الشعب الباكستاني التي تبلغ خمسة أعوام.

وصرح محام بارز لصحيفة «الشرق الأوسط» بأن مشرف منح الحق بعدم اعتقاله لمدة عشرة أيام فقط. وقد أصدرت المحكمة حكم الكفالة وفقا للالتماس المقدم من قبل أسرة الرئيس السابق. ويوضح الالتماس أن مشرف يعتزم العودة إلى البلاد، ولكنه يخشى من مغبة اعتقاله على خلفية الاتهامات الموجهة ضده بالتورط في قضايا مختلفة، من بينها اغتيال بينظير بوتو، وقتل أكبر بوغتي، وتورطه في عملية مسجد لآل الدموية التي راح ضحيتها العشرات. وقال محامي المحكمة العليا البارز، أحمد رضا قصوري، الذي يمثل الرئيس السابق، للصحافيين في إسلام آباد، إن مشرف منح أمر الكفالة بموجب المحكمة، وذلك في القضايا الثلاث التي يمكن أن يعتقل على ذمتها لدى عودته إلى باكستان.

وبعد فترة وجيزة من إعلان المحكمة القرار، ظهر مشرف على مواقع التواصل الاجتماعي ليقول: «أشعر بالسعادة تجاه إصدار المحكمة العليا في إقليم السند الباكستاني حكما بدفع الكفالة لمنع اعتقالي على ذمة جميع القضايا المقامة ضدي والتي لها أسباب سياسية».

وينتظر مشرف على الأرجح اختيار شخصية تتولى مسؤولية حكومة تصريف الأعمال الجديدة. وانتهت فترة ولاية حكومة حزب الشعب الباكستاني بالفعل. ومع ذلك فقد تم تأخير تشكيل حكومة تصريف الأعمال بسبب الاختلافات بين الحكومة والمعارضة بشأن تسمية رئيس الوزراء المقبل.

وكان مشرف أعلن قبل بضعة أيام أنه سيصل إلى باكستان في 24 مارس (آذار) الجاري. وتولى مشرف السلطة في انقلاب سلمي في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1999 بعد الإطاحة بحكومة منتخبة، ثم استقال وسط تهديدات بالعزل بعدما خسر أنصاره الانتخابات في عام 2008، ومنذ ذلك الحين وهو يعيش بين لندن ودبي.

وأضاف: «لن يكون هناك اعتقال أو أي أمر من هذا النوع. كنت قررت العودة أيا كان قرار (محكمة كراتشي)، وهو كان مشجعا».

وأضاف مشرف: «سأعود برا.. جوا أو بحرا حتى ولو تعرضت حياتي للخطر، إنه تعهد قطعته للبلد».

وأكد الرئيس السابق أنه ينوي المشاركة في الانتخابات العامة في 11 مايو (أيار) وهي انتخابات تاريخية لأن الحكومة المدنية أنهت للمرة الأولى في تاريخ البلاد التي تشهد باستمرار انقلابات، ولاية تشريعية كاملة مدتها خمس سنوات.

وكان مشرف غادر السلطة والبلاد في 2008 بعد دفعه إلى الاستقالة وخصوصا من قبل القضاء الذي اتهمه في ثلاث قضايا: عمليتا قتل الزعيم الانفصالي البالوشي أكبر بوغتي في 2006، ورئيسة الوزراء السابقة بوتو في 2007، وإقالة قضاة في 2007 بصورة غير قانونية.

ومذكرات التوقيف الثلاث هذه لا تمنعه من الترشح إلى الانتخابات. وتمهيدا لعودته، تقدمت ابنته إيلا رازا بطلب وقائي لمنحه الحرية بكفالة أمام محكمة في كراتشي «منحت له في ثلاث قضايا»، كما ذكر محامي مشرف لوكالة الصحافة الفرنسية أحمد رضا قاصوري أمس. لذلك لا يمكن توقيفه في الأيام العشرة الأولى التي تلي وصوله في قضية القضاة وفي الأيام الـ14 التالية في القضيتين الأخريين.

وكانت الحكومة المنتهية ولايتها بقيادة حزب الشعب الباكستاني الذي يرأسه الرئيس آصف علي زرداري أعلنت أن زرداري سيتم توقيفه إذا وطئ الأرض الباكستانية. لكن ولاية هذا الفريق الحاكم انتهت منتصف مارس وأطلقت حملة الانتخابات العامة التي ستجري في 11 مايو في اقتراع لا تبدو نتائجه محسومة وستعين بعده حكومة جديدة.

وقال مراقبون إن الجنرال السابق فقد الكثير من قاعدته الانتخابية ولا يبدو في موقع يسمح له بقلب الاقتراع.

وعلى الرغم من أن إدارته للقضايا المدنية واجهت انتقادات أقل من تلك الموجهة للحكومة التي خلفته واعتبرت فاسدة وغير فعالة، فإن تحالفه مع واشنطن بعد 2001 يبقى الأكثر عرضة للانتقاد وسبب له مرات عدة محاولات اغتيال نفذتها مجموعات إسلامية.

ومنذ 2007 قتل أكثر من 5500 شخص في باكستان في هجمات شنها إسلاميون متطرفون معادون لأي تأييد للولايات المتحدة.