وزارة العدل المغربية تدعو إلى تخفيض نسبة الاعتقال الاحتياطي في السجون

جدل حول منح الإفراج المؤقت لسياسي بارز متهم بسوء إدارة أموال حكومية

TT

دعت وزارة العدل المغربية إلى تقليص حالات الاعتقال الاحتياطي للمتهمين وذلك بهدف خفض نسبة المعتقلين على ذمة التحقيق داخل السجون، والتي بلغت نهاية العام الماضي نسبة 43 في المائة من العدد الكلي للسجناء. وتأتي هذه الدعوة بعد أيام من منح السراح (الإفراج) المؤقت لأحد السياسيين البارزين كان معتقلا على ذمة قضية تتعلق بسوء إدارة أموال حكومية إبان توليه إدارة مصرف حكومي ما بين عام 2004 و2009.

وكان الإفراج المؤقت الذي استفاد منه خالد عليوة، الوزير والقيادي السابق في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض، والمدير العام الأسبق للمجموعة المصرفية «القرض السياحي والعقاري»، قد أثار جدلا في المغرب، حيث اعتبرت الخطوة «سياسية»، لأنها تمت بعد أيام من السماح لعليوة، المعتقل منذ مايو (أيار) الماضي، بمغادرة السجن لحضور جنازة والدته، وتلقيه رسالة تعزية من الملك محمد السادس، أثنى فيها على حسن تربية والدته له.

وعزت وزارة العدل أسباب ارتفاع نسبة الاعتقال الاحتياطي في المغرب، في وثيقة أصدرتها الليلة قبل الماضية، إلى عدة أسباب قانونية وموضوعية وأخرى اجتماعية، فمن بين الأسباب القانونية أن المشرع رغم حصره لمداخل الاعتقال الاحتياطي فإنه استعمل مصطلحات فضفاضة بحيث يتسع مفهومها لدرجة لا تجد معها النيابة العامة وقضاء التحقيق أي عناء في تبرير لجوئهما إليه وفق ما تقتضيه العبارات التي تمت بها صياغة النص، مما يؤدي إلى تضخيم نسبة الاعتقال الاحتياطي. بالإضافة إلى ضعف النجاعة القضائية المتجسد في البطء في تصريف ملفات المعتقلين وتأخر البت فيها.

وتسهم الأسباب الاجتماعية بدورها في ارتفاع نسبة الاعتقال الاحتياطي، حسب وزارة العدل، حيث إن «المجتمع المغربي يرى أن لا عدالة من دون اعتقال فوري، الأمر الذي يشكل ضغطا معنويا على النيابة العامة وقضاة التحقيق في اللجوء إلى الاعتقال، كما أن ضعف التخليق داخل منظومة العدالة يدفع قضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق إلى استخدام الاعتقال الاحتياطي كوسيلة لإبعاد الشبهات عنهم».

ودعت الوزارة إلى حصر الحالات التي يمكن اللجوء فيها إلى الاعتقال الاحتياطي من خلال الكثير من الإجراءات منها ضبط مداخله القانونية وتدقيق مصطلحاته، وحذف التحقيق في الجنح لما يتسبب فيه من إطالة فترة الاعتقال الاحتياطي دون جدوى، وتحديد آجال للبت في قضايا المعتقلين بالنسبة للمحكمة لتفادي البطء في تصريف ملفاتهم وتأخر البت فيها، وتطوير خيارات السياسة الجنائية نحو بدائل الاعتقال وبدائل العقوبات السالبة للحرية وبدائل الدعوى العمومية، ومراجعة العقوبات الحبسية المحدودة أو القصيرة المدة، نظرا لكونها لم تعد تحقق الهدف المتوخى منها، هذا إلى جانب نشر الوعي القانوني لدى المواطنين لتغيير نظرتهم للاعتقال الاحتياطي تخفيفا للضغط على القضاء بسبب عدم الاعتقال، كما دعت الوزارة إلى تخليق منظومة العدالة بشكل يزرع الاطمئنان لدى قضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق في قراراتهم التي يتخذونها من دون اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي.

وأوردت الوزارة إحصائيات حول مستويات نسب الاعتقال الاحتياطي حسب الدول، وذكرت أن هناك المستوى الأول المنخفض بحيث لا تتجاوز فيه نسبة المعتقلين الاحتياطيين 20%، ونجد في هذه الخانة اليابان 11%، وروسيا 15.2%، وإسبانيا 15.7%، والبحرين 16%، وألمانيا 16.5%، والبرتغال 19.7%.

والمستوى الثاني متوسط بحيث تتراوح فيه نسبة المعتقلين الاحتياطيين بين 20% و40%، ونجد في هذه الخانة الولايات المتحدة 21.5%، وماليزيا 22.4%، وفرنسا 25.4%، وإيران 25.7%، والبرازيل 36.9%، وكندا 37%.

والمستوى الثالث مرتفع بحيث تتراوح فيه نسبة المعتقلين الاحتياطيين بين 40% و60%، ونجد في هذه الخانة إيطاليا 40.2%، وهولندا 40.6%، والسنغال 41%، والأردن 47.2%، وتونس 50%، والأرجنتين 52.6%.

أما المستوى الرابع فهو جد مرتفع بحيث تتجاوز فيه نسبة المعتقلين الاحتياطيين 60%، ونجد في هذه الخانة الأوروغواي 64.6%، والهند 65.1%، وفنزويلا 66%.