مؤتمر لعلويين معارضين في القاهرة للنأي بطائفتهم عن جرائم النظام

انطلق في القاهرة تحت عنوان «كلنا سوريون.. معا نحو وطن للجميع» ويختتم أعماله اليوم بوثيقتين

طفل يبتسم فرحاً لإتمام واجبه المدرسي في أحد مساجد حلب (رويترز)
TT

انطلقت في العاصمة المصرية، القاهرة، أمس أعمال مؤتمر لمعارضين سوريين من الطائفة العلوية تحت عنوان «كلنا سوريون.. معا نحو وطن للجميع» في محاولة منهم للنأي بالطائفة عن الأعمال والجرائم الني يرتكبها نظام الرئيس بشار الأسد منذ أكثر من سنتين. وبالإضافة إلى النأي بالطائفة عن عمليات القتل والتدمير اللذين يتبعهما نظام الأسد، يناقش مؤتمرو القاهرة على مدار يومين تشكيل «نواة سياسية علوية تمهد للمشاركة في بديل ديمقراطي يكفل لهم حقوقهم».

وحول أهداف المؤتمر الذي حمل اسم «كلنا سوريون.. معا نحو وطن للجميع»، أشار بسام يوسف المنسق العام للمؤتمر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأنه يهدف إلى توجيه رسالة تطمين للعلويين في الداخل السوري من مخاطر الحرب الأهلية التي تستهدف الوجود العلوي وفقا لرواية نظام الأسد، وللتأكيد على أن الطائفة العلوية جزء لا يتجزأ من المجتمع السوري.

وعلى صعيد متصل، رحب الائتلاف الوطني السوري المعارض بانضمام العلويين إلى المعارضة. وقال هيثم المالح عضو المكتب السياسي بالائتلاف لـ«الشرق الأوسط» إن العلويين مرحب بهم ولا نفرق بين أي سوري وآخر خاصة المعارضين لنظام الأسد. وأضاف: «إذا ما طلبوا الانضمام إلى الائتلاف فهم مرحب بهم خصوصا أن كل قوى المعارضة منخرطة بالفعل في الائتلاف».

وأكد يوسف، أن «الطائفة العلوية مثلها مثل أي طائفة أو مكون في سوريا، لكن الخصوصية تكمن في أن الأسد ينتمي إلى هذه الطائفة، ولا يوجد في سوريا طائفة متهمة بالوقوف إلى جانب الأسد بل أفراد متهمون (بذلك)، وبالتالي كل الكلام حول تبرئة الطائفة العلوية من النظام يفترض أن يكون من قبل جميع السوريين».

وإلى جانب معارضي الطائفة العلوية، يشارك في المؤتمر شخصيات معارضة من كيانات أخرى كالمجلس الوطني، والائتلاف السوري، والمنبر الديمقراطي، والجيش الحر وشخصيات لبنانية منها عضو المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى هاني فصح. وصرح ميشيل كيلو، رئيس المنبر الديمقراطي السوري، على هامش المؤتمر بأن «كل أطياف الشعب السوري ضد نظام بشار الأسد، وبأن العلويين يعتبرون أنفسهم طائفة مختطفة من النظام وبأنهم يريدون التحرر منه ومن سياساته وبطشه بالشعب».

يشار أن السجون السورية تضم شخصيات علوية معروفة بمعارضتها لنظام الأسد منها الصحافي والناشط الحقوقي والمدافع عن حرية الرأي مازن درويش وعبد العزيز الخير، السياسي الوسطي المؤيد للانتقال السلمي للحكم الديمقراطي.

وتعقيبا على المؤتمر، نقلت وكالة «رويترز» عن دبلوماسي غربي وصفه لمؤتمر المعارضين العلويين بالمتأخر، مستدركا أنه سيساعد في إبعاد الطائفة عن الأسد. وأضاف: «كل الجهود مطلوبة الآن للحيلولة دون وقوع حمام دم طائفي على نطاق واسع عند رحيل الأسد في نهاية المطاف، سيكون العلويون الخاسر الأكبر فيه».

من جهته، عزا وحيد صقر، عضو تيار التغيير الوطني السوري، وأحد منظمي المؤتمر، تأخر عقده إلى الضغوط التي يتعرض لها المعارضون العلويون من قبل النظام السوري، مشيرا لـ«الشرق الأوسط» إلى أن العقوبة على المعارض العلوي أضعاف تلك التي ينالها معارض من طائفة أخرى. وأضاف صقر: «بعد جهد طويل استطعنا جمع نواة من المعارضين العلويين لنطالب الأسد بالرحيل ونؤكد للرأي العام أن هذا الرجل لا يمثل العلويين وإنما يورطهم في حرب ليس لهم».

ويعتبر «كلنا سوريون.. معا نحو وطن للجميع» أول مؤتمر يعقده معارضون علويون منذ اندلاع الثورة السورية في مارس (آذار) 2011 إذ اتهمت الطائفة العلوية، التي تشكل حوالي 8 في المائة من سكان البلاد، باتخاذ موقف مساند لنظام الأسد.

ودارت شكوك حول مقاطعة بعض الشخصيات العلوية لهذا المؤتمر بسبب تموليه من قبل رفعت الأسد، عم الرئيس بشار الأسد، وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر طلبت عدم ذكر اسمها أن المؤتمر سيحضره ربال الأسد.

لكن الحاضرين في المؤتمر نفوا لـ«الشرق الأوسط» بشكل مطلق أن يكون لرفعت الأسد أو ابنه أي صلة من قريب أو بعيد بالمؤتمر. وقال المعارض رياض خليل «رفعت الأسد ليس له أي حضور أو ممثل في المؤتمر وهو خارج معادلة سوريا الجديدة تماما». وأضاف خليل قائلا: «(رفعت) الأسد وتياره خرجوا من المشهد السياسي السوري، ولن يعودوا لأنهم متورطون بسلسلة جرائم وليس لهم أي قاعدة أو رصيد شعبي لا في طائفته ولا في طوائف أخرى».

وقالت الفنانة السورية المعارضة عزة البحرة إن «الهدف من تسريب مثل هذا الكلام يستهدف إدانة المؤتمر وتشويه صورة المعارضة العلوية التي تستهدف إسقاط الأسد».

أما عن جدول أعمال المؤتمر، قال يوسف إنه يتطرق لثلاث نقاط أولهما «الشعب هو من يحمي الشعب وليس النظام من يحمي طائفة أو مكون بعينه»، وثانيا «النظام السوري يمهد لحرب أهلية بين مكونات الشعب السوري، وإطالة أمد الحرب لكسب العلويين إلى جانبه وذلك بتخويفهم من (مستقبل) وجودهم وبالتالي (محاولة) كسب ولائهم»، وثالثا «النظام لن يتوارى عن تقسيم سوريا إذا اقتضت مصلحته ذلك».

ومن أهم الخطوات العملية التي يعتزم اجتماع العلويين بالقاهرة اتخاذها، هو إصدار وثيقتين بعد انتهاء اجتماعاتهم اليوم؛ الأولى تحت اسم «وثيقة تاريخية» والثانية تحت اسم «وثيقة مرحلية لعمر الثورة السورية».

وأشار يوسف إلى أن «الوثيقتين ستصدران في نهاية المؤتمر في حال توافق الأعضاء الحاضرين عليهما»، موضحا أن الأولى «وهي بمثابة إعلان سوري تتضمن رؤية المؤتمرين لسوريا القادمة، أي ما بعد سقوط النظام». والوثيقة الثانية هي «مرحلية على شكل بيان سياسي للأوضاع السياسية الحالية التي تمر بها الثورة بعد سنتين».