جنوب سوريا يتصدر المشهد القتالي.. ومعارضون يسيطرون على «اللواء 38» بدرعا

الجيش السوري الحر يسيطر على موقع أوتوستراد عمان ـ دمشق

عناصر من الجيش الحر يستعدون لاحتلال مواقعهم في منطقة سيف الدولة في مدينة حلب أمس (أ.ف.ب)
TT

تصدرت منطقة جنوب سوريا المشهد الميداني أمس، مع إعلان المعارضة السورية سيطرتها على مقر قيادة اللواء 38 - دفاع جوي في درعا، الذي يعد واحدا من أهم المواقع العسكرية في الجنوب. وسيطر مقاتلون معارضون على مقر القيادة قرب بلدة صيدا الواقعة على طريق دمشق - عمان في محافظة درعا، بعد معارك استمرت أكثر من أسبوعين. وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن الهجوم «أسفر عن مقتل سبعة مقاتلين معارضين وإصابة آخرين بجروح وثمانية عناصر من القوات النظامية بينهم ضابط»، لافتا إلى تحرير «عشرات الأسرى من داخل مقر قيادة اللواء».

وأظهر شريط فيديو بثه المرصد على موقع «يوتيوب» على شبكة الإنترنت جثة «العميد محمود درويش»، بحسب ما يقول صوت مسجل على الشريط، وهي جثة رجل بلباس عسكري غارق في دمائه لدرجة لا يمكن تبين ملامح وجهه. كما بث ناشطون شريطا آخر على «يوتيوب» حول «تحرير المعتقلين في اللواء 38 في درعا» يظهر فيه شبان ملتحون بمعظمهم وبقمصان قطنية ينحنون على الأرض ويقبلونها، ثم يقبلون مقاتلين يرددون لهم «الحمد لله على السلامة». والتقطت الصور داخل مبنى مظلم وسط ضجيج أصوات، وسمع صوت أحدهم يطلب من المقاتلين والمصورين الخروج ليرتاح المعتقلون قليلا.

ويكتسب هذا المقر أهمية كبيرة، بحكم موقعه الاستراتيجي في جنوب سوريا، إذ يعد «واحدا من أكبر التجمعات العسكرية النظامية في الجنوب». وقالت مصادر عسكرية معارضة من جنوب سوريا لـ«الشرق الأوسط» إن هذا المقر الذي يتضمن مرابض مدفعية وقاذفات صواريخ قصيرة المدى، «كانت القوات النظامية تقصف منه مناطق المسيفرة، والنعيمة، وصيدا». وأشارت إلى أنه «يقع في منطقة الوسط بين مدن وقرى ثائرة على النظام، يجري استهداف المقاتلين فيها من هذا الموقع».

وأشارت المصادر إلى أن أهمية المكان أيضا أنه «يقع على أوتوستراد درعا الدولي الذي يربط الحدود السورية بدمشق، ما يسهل تأمين الطريق، وقطع الإمداد عن مواقع أخرى متقدمة على الحدود مع الأردن، وبالإضافة إلى قيادة اللواء 90 في درعا». وأضافت: «يعتبر تجمعا كبيرا للعسكريين والشبيحة، إذ يحتوي على مساكن للضباط وسجنا وموقع تعذيب للسجناء، بالإضافة إلى منصات صواريخ قصيرة المدى ومرابض مدفعية وصواريخ حرارية»، مؤكدة أن السيطرة عليه «تمت بعد حصار له استغرق نحو شهرين، انتظر خلالها عناصر الجيش الحر الفرصة المناسبة لاقتحامه».

وقالت المصادر إن مقاتلي الجيش الحر، الذين غلب عليهم عناصر من لواء اليرموك الإسلامي، «استخدموا مدفعية ثقيلة ودبابات خلال اقتحام الموقع»، مؤكدة أن الدخول إليه «تم خلال ساعات قليلة في الليل».

وتفرض القوات النظامية، بحسب المصادر، «حراسة مشددة على مساكن الضباط في درعا، بعد اقتحام جزئي لمساكن صيدا قبل أربعة أشهر»، لكن في اقتحام اللواء 38 «جرى اختراق تحصينات الحراسة، وتحرير المقر واغتنام ذخائر».

في هذا الوقت، أفاد ناشطون عن تعرض بلدتي الغارية الغربية وصيدا، المحاذيتين لمقر اللواء 38 في درعا، لقصف عنيف بالطيران الحربي، كما أشاروا إلى تجدد القتال في درعا البلد بمحاذاة منطقة البريد والمسجد العمري بالتزامن مع قصف عنيف على بلدة خربة غزالة.

وليس بعيدا عن درعا في جنوب سوريا، ذكرت الهيئة العامة للثورة أن مقاتلين معارضين تمكنوا أيضا من «تحرير حاجز العلان في بلدة سحم الجولان واغتنام ما فيه من آليات وعتاد». وظهر في شريط فيديو على الإنترنت عدد كبير من المقاتلين في الحاجز المذكور إلى جانب دبابتين على الأقل وعربات عسكرية مع العلم السوري ممزقا وملقى على الأرض، وجثث مغطاة ببطانية من الصوف. ويشير مصور الشريط إلى أن العملية نفذت على أيدي «لواء شهداء اليرموك وكتيبة المثنى بن حارثة وجبهة النصرة».

وفي القنيطرة، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بوقوع عشرات القتلى المعارضين خلال اليومين الماضيين، خلال اشتباكات مع القوات النظامية، في قرى واقعة عند خط وقف إطلاق النار مقابل الجولان في بلدتي حضر والتلال الحمر وقرية حرفا. وأشار المرصد إلى أن تلك الاشتباكات وقعت بعدما تمكن مقاتلون معارضون من السيطرة على مواقع للقوات النظامية في منطقة جباثا وخان أرنبة ونبع الفوار ومشاتي حضر.

إلى ذلك، رفضت دمشق أمس، قرار مجلس حقوق الإنسان الذي يتهمها بانتهاك حقوق الإنسان بشكل جسيم ومنهجي، عازية السبب إلى «تجاهله للدور التي تقوم به بعض الدول الإقليمية بتسليح وتمويل وإيواء المسلحين». ونقلت وكالة الأنباء الرسمية السورية «سانا» عن مصدر في الخارجية السورية قوله إن مثل هذه القرارات «المنحازة وغير الموضوعية وغير المتوازنة» تكرس «سياسة ازدواجية المعايير التي تمارسها بعض الدول التي تزعم الدفاع عن حقوق الإنسان بينما تغض الطرف في الوقت نفسه عن سجل حقوق الإنسان المشين في الدول الراعية لهذا القرار».

ورفضت سوريا بشدة «الانتقائية التي تم اعتمادها في صياغة القرار»، معتبرة أنه يشكل جزءا من «تغطية سياسية للجرائم التي ترتكبها المجموعات الإرهابية المسلحة من خلال تقديم قرارات أحادية الجانب ومسيسة تسعى إلى تحميل الحكومة السورية المسؤولية عن الأحداث الجارية على أساس مغالطات ومزاعم كاذبة».