كيري: شحنات الأسلحة الإيرانية للأسد مشكلة.. ويجب وقفها

قال له مازحا: «أبلغت بأنكم ستفعلون كل ما أقوله».. فرد رئيس الوزراء العراقي: «لن نفعل»

رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ووزير الخارجية الأميركي جون كيري في مستهل لقائهما في بغداد أمس (أ.ب)
TT

حذر وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي قام بزيارة مفاجئة إلى بغداد، أمس، رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من السماح باستخدام المجال الجوي العراقي في نقل شحنات أسلحة إيرانية إلى نظام بشار الأسد في سوريا. كما شدد كيري على قلق واشنطن إزاء الاحتجاجات في محافظات العراق الغربية والشمالية التي تتواصل منذ عدة أشهر.

وقال وزير الخارجية الأميركي للصحافيين بعد لقائه المالكي، إنه أبلغ رئيس الوزراء العراقي بأن الرحلات الجوية من إيران إلى سوريا عبر العراق، والتي تحمل على ما يبدو معدات عسكرية، تساعد نظام الرئيس السوري بشار الأسد «على الصمود». وأضاف كيري: «لقد أوضحت بصورة جيدة لرئيس الوزراء أن الرحلات التي تمر عبر العراق من إيران، هي في الحقيقة تساعد الرئيس بشار ونظامه على الصمود»، مشددا على أنه أبلغ المالكي بأن «أي شيء يدعم الرئيس الأسد، يطرح مشكلات». وتابع كيري قائلا: «إن المشرعين والشعب الأميركي يتابعون بشكل متزايد ما يفعله العراق ويتساءلون كيف أنه شريك». وقال كيري في مستهل لقائه مع المالكي، إن «ما تحقق شيء جيد، ومن الجيد رؤيتك مرة أخرى». ونقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية قوله لرئيس الوزراء العراقي: «لاحظت أن الأمور أهدأ مما كانت عليه في المرة الأخيرة التي كنت فيها هنا»، في إشارة لما كان عليه العراق خلال آخر زيارة لكيري عام 2006، حين كانت تشهد البلاد موجة عنف دامية. بدوره، رد المالكي «إن شاء الله».

وأفاد مراسلون حضروا جلسة لالتقاط الصور في بداية محادثات كيري والمالكي، بأن وزير الخارجية الأميركي قال مازحا، إن هيلاري كلينتون أكدت له أن العراق سيفعل ما تطلبه واشنطن. وحسب وكالة «رويترز» نقل الصحافيون عن كيري قوله: «أخبرتني الوزيرة (السابقة) بأنكم ستفعلون كل ما أقوله»، وأن المالكي رد مازحا أيضا بقوله: «لن نفعل».

وتتهم واشنطن بغداد على وجه الخصوص بغض الطرف عن إيران التي تقوم بإرسال معدات عسكرية عبر المجال الجوي العراقي بواسطة رحلات طيران مدنية تقول عنها طهران إنها تحمل إمدادات إنسانية فقط.

وقال مسؤول أميركي رفيع، إن عدد الرحلات الجوية من إيران التي تتم «يوميا تقريبا» ورحلات الشاحنات من إيران إلى سوريا عبر الأراضي العراقية، لا يتفق والمزاعم بأنها تحمل فقط مواد إنسانية. بدوره، قال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية قبل اللقاء، إن كيري «سيتحدث بشكل مباشر جدا مع رئيس الوزراء المالكي عن أهمية وقف الطلعات الجوية الإيرانية وعبورها عبر العراق، أو على الأقل تفتيش كل رحلة منها». وأضاف أن كيري «نفسه، كوزير للخارجية، على قناعة بأنها تشمل نقل مقاتلين وأسلحة (...) هذا خطر على العراق»، متهما إيران بإرسال رحلات يومية تقريبا إلى سوريا. وحسب المسؤول فإن كيري كان سيطلب من المالكي وقف شحنات الأسلحة إذا كان يريد للعراق دورا في حوار أوسع حول مستقبل سوريا بعد رحيل الأسد.

وأعلنت بغداد عن قيامها بتفتيش رحلتين في طريقها من إيران إلى سوريا في أكتوبر (تشرين الأول) 2012، ولكن مراسل لـ«نيويورك تايمز» ذكر في ديسمبر (كانون الأول) أنه يبدو أن إيران تلقت بلاغا من مسؤولين عراقيين حول توقيت عمليات التفتيش مما ساعد في تجنب كشف ما تقوم به.

بدوره، قال علي الموسوي، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «زيارة كيري إلى العراق في هذا الظرف وفي وقت تمر فيه المنطقة بسلسلة من الأزمات والمشكلات تحتل أهمية خاصة من أكثر من زاوية، وهو ما عكسته بالفعل المباحثات التي أجراها كيري مع رئيس الوزراء نوري المالكي». وأضاف الموسوي، أن «الزاوية الأولى التي يمكن النظر في ضوئها لهذه الزيارة هي أن جون كيري أكد استمرار دعم الولايات المتحدة الأميركية للعراق في ضوء اتفاقية الإطار الاستراتيجي التي وقعت بين البلدين عام 2008، أما الزاوية الثانية فإن هناك تفهما أميركيا واضحا لمواقف العراق من قضايا المنطقة، وبالذات الأزمة السورية». وبشأن ما تم تناوله على صعيد الموقف مما يجري في سوريا قال الموسوي، إن «المباحثات بين الجانبين اتسمت بالعمق في ما يتعلق بظروف المنطقة وأوضاعها، لا سيما أن لدى العراق وجهة نظر وموقفا معروفا من الأزمة السورية، وقد أثبتت الأحداث صواب هذا الموقف، وهو ما جرى تأكيده خلال المباحثات، حيث إن كيري أكد أهمية دور العراق»، مبينا أن «هناك قلقا مشتركا بين بغداد وواشنطن مما يجري في سوريا وتطورات الأحداث هناك». وأشار الموسوي إلى أن «المالكي أكد لكيري أن أحداث المنطقة مترابطة ولا يمكن عزل بعضها عن البعض الآخر، فما يجري في سوريا يؤثر على العراق وبالعكس». وبشأن الاتهامات التي توجهها الإدارة الأميركية للعراق لجهة عدم إخضاع الطائرات المتوجهة من إيران إلى سوريا عبر العراق قال الموسوي: «هذه الاتهامات لم يتمكن أحد من تقديم أي دليل على صحتها، فضلا عن أن العراق ظل يعبر عن موقف واحد ومعلن من الأزمة السورية من دون لف أو دوران».

وينفى المسؤولون العراقيون السماح بنقل أسلحة من إيران إلى سوريا عبر المجال الجوي العراقي. وقال عباس البياتي، عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية: «نحن قمنا بواجبنا بتفتيش عشوائي لعدد من الطائرات الإيرانية ولم نجد سلاحا مسربا أو مهربا عبر العراق». وأضاف قائلا: «إذا كانت أميركا في هذا الصدد حريصة على هذا الأمر (إجراء المزيد من عمليات التفتيش) فعليها أن تزودنا بالمعلومات التي لديها».

وإضافة إلى إيران، تناولت مباحثات كيري مع المالكي احتجاجات المحافظات السنية، وحسب مسؤولين أميركيين كان منتظرا أن يحث رئيس الوزراء العراقي على التعامل بشكل أفضل مع مطالب المتظاهرين وعلى إعادة النظر بقرار تأجيل انتخابات مجالس المحافظات، المقرر إجراؤها في 20 أبريل (نيسان) ، في محافظتي نينوى والأنبار، وهو القرار الذي وصفه مسؤول في الخارجية الأميركية بأنه «نكسة خطيرة».

والتقى كيري أيضا أسامة النجيفي، رئيس البرلمان العراقي والقيادي في القائمة العراقية التي انسحب وزراؤها من حكومة المالكي، وحسب المسؤول الأميركي كان كيري سيحث على عودة وزراء القائمة إلى الحكومة. كما أجرى كيري محادثة هاتفية مع مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق الذي تمضي حكومته قدما في خطط لإنشاء خط أنابيب نفطي إلى تركيا تخشى واشنطن من أن يؤدي إلى تقسيم العراق. وحسب نفس المسؤول الأميركي فإن كيري كان «سيشدد على أهمية الحفاظ على وحدة العراق وإن الجمهورية الكردية لن يكتب لها البقاء ماليا من دون دعم بغداد».