كيري يسعى لاستئناف مفاوضات السلام «خلال شهرين أو ثلاثة»

يطلب من الإسرائيليين والفلسطينيين بوادر حسن نية.. ويزور المنطقة خلال الشهرين المقبلين

جون كيري
TT

أكدت مصادر أميركية في تل أبيب، أمس، أن وزير الخارجية الأميركية، جون كيري، بدأ مشاورات مع الإسرائيليين والفلسطينيين، وكذلك مع أطراف عربية في المنطقة، من أجل استئناف المفاوضات للتسوية في غضون شهرين أو ثلاثة، وأنه يسعى إلى توسيع نطاق هذه المحادثات لتتم تحت غطاء عربي، وأنه سيأتي إلى المنطقة مرات عدة، خلال هذه الفترة، ليقنع الإسرائيليين والفلسطينيين بضرورة القيام بمبادرات لإظهار حسن النية.

وقالت هذه المصادر لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية إن كيري «سيحاول استثمار النتائج الإيجابية لزيارة الرئيس باراك أوباما للمنطقة، ومحادثاته الناجعة مع قادتها، من أجل تحريك عجلات عملية السلام المعطلة».

وكان كيري قد اجتمع في عمان مع الرئيس محمود عباس، أول من أمس، وانتقل إلى إسرائيل والتقى مع رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو. وقد حرص على ألا يصدر أي بيان عن لقاءاته. وفي اجتماعه مع نتنياهو شارك كل من وزيرة القضاء تسيبي لفني المكلفة بملف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية في الحكومة الإسرائيلية الجديدة، والمحامي يتسحاق مولخو المبعوث الخاص لنتنياهو، والجنرال يعقوب عامي درور رئيس مجلس الأمن القومي. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية إن كيري ينوي «مواصلة الحوارات التي بدأت مع الرئيس أوباما». ونقلت صحيفة «هآرتس» أن كيري يعطي لنفسه مهلة بضعة أشهر لتهيئة الأرضية لاستئناف المفاوضات، وأن الجانب الأميركي سيطلب من الدول العربية الفاعلة في المنطقة تحريك مبادرة السلام العربية، وتوفير غطاء للفلسطينيين لاستئناف المفاوضات. وأضافت أن كيري يطلب من الدول العربية أن تتخذ قرارات مشجعة لإسرائيل حتى تتقدم في طريق المفاوضات السلمية. وهو يضع جدولا زمنيا واضحا لمشروعه، حيث سيعود إلى المنطقة خلال الشهر المقبل، وكذلك في شهر مايو (أيار) الذي يليه. ويريد أن يتم استئناف المفاوضات بعد 4 - 6 شهور على الأكثر.

وأشارت الصحيفة إلى أن الأميركيين طلبوا أن تتركز المفاوضات حال استئنافها على الحدود والترتيبات الأمنية، وهو الأمر الذي يطلبه أيضا الفلسطينيون. وهم يطالبون الفلسطينيين بالتنازل عن شرطهم المسبق بوقف الاستيطان، وفي الوقت نفسه يطالب الأميركيون إسرائيل بأن تمتنع عن استفزاز الفلسطينيين بأي نشاطات استيطانية، خصوصا في المنطقة «إي 1» شمال شرقي القدس. وفي حين طلب كيري من السلطة الفلسطينية أن تمتنع عن اتخاذ خطوات أحادية الجانب، مثل التوجه إلى المحكمة الدولية لجرائم الحرب ضد الممارسات الإسرائيلية، وعن استكمال إجراءات الحصول على دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، ومكافحة التحريض على إسرائيل في وسائل الإعلام الفلسطينية الرسمية، فإنه يطالب إسرائيل بتقديم بوادر حسن نية، والتجاوب مع طلب السلطة الفلسطينية الإفراج عن الأسرى الذين اعتقلوا قبل توقيع اتفاقيات أوسلو والبالغ عددهم 120 أسيرا، ومجموعات من الأسرى الآخرين، والسماح لها بالبناء في المنطقة «سي» في الضفة الغربية، علما بأن هذه المنطقة تشكل ما يعادل 60 في المائة من مساحة الضفة، وتقع تحت السيطرة الإسرائيلية إداريا وأمنيا، وغيرها من المطالب التي تتعلق بإزالة حواجز عسكرية، والامتناع عن عرقلة الحياة الاقتصادية للمواطنين، وعمل كل ما يمكن عمله لتقوية السلطة الفلسطينية.

وقال عضو الكنيست عن حزب العمل المعارض، ايتسيك شمولي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أمس، إنه يشك في أن تتعامل حكومة نتنياهو بإيجابية وصدق مع المبادرة الأميركية. ودعا نواب المعارضة الكبيرة في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، الذين يؤلفون 52 من مجموع 120 نائبا، أن يستجيبوا لدعوة الرئيس أوباما ويحضوا الناس على الخروج إلى الشوارع بمئات الألوف، كما فعلوا خلال هبة الاحتجاج على القضايا الاجتماعية والاقتصادية في صيف 2011، لممارسة الضغوط على الحكومة. وأضاف شمولي أن أوباما لم يطرح توصية على الشباب الإسرائيلي، بل طرح طلبا واضحا، وقال إن القادة السياسيين لا يجرؤون على اتخاذ قرارات ذات مخاطرة، إلا إذا رأوا أن هذا مطلب الشارع، وعلى المعارضة الإسرائيلية العاقلة أن تباشر العمل من أجل هذا الضغط.

وأضاف شمولي «أوباما توجه إلينا بهذا المطلب، الذي قد يبدو فظا لأول وهلة، لكنني أعرف وأثق تماما في أن الهدف الحقيقي هو مصلحة إسرائيل». وتابع «الرجل يقول لنا بوضوح: أنتم دولة قوية ومعكم أقوى دولة في العالم، وهذا هو الوقت لأن تتصرفوا كدولة قوية وتصنعوا السلام. وعلينا أن ندرك ما وراء أقواله ونتجاوب معها كما يجب».