متمردو أفريقيا الوسطى يسيطرون على العاصمة.. وفرار الرئيس بوزيزي

تشاد ستدرس منح اللجوء للرئيس الفار.. والكونغو تطلب من الأمم المتحدة نقل عائلته إليها وفرنسا تعزز قواته وتدعو المتمردين لضبط النفس

قوات من أفريقيا الجنوبية مع أحد سكان بيغوا، التي تبعد 17 كيلومترا عن العاصمة بينغوي، في صورة مأخوذة من تسجيل في البلد المضطرب أمس (رويترز)
TT

سيطر متمردو حركة سيليكا، أمس، على العاصمة بانغي بما فيها القصر الرئاسي إثر هجوم خاطف شنوه صباح أمس، للإطاحة بالرئيس فرنسوا بوزيزي الذي يحكم البلاد منذ عشر سنوات لاتهامه بعدم احترام اتفاقات السلام الموقعة بداية العام، لكنهم لم يعثروا على أثر له، في حين أشارت أنباء إلى مغادرته البلاد إلى جمهورية الكونغو المجاورة.

وقال مصدر في القوة المتعددة الجنسيات لدول وسط أفريقيا (فوماك) إن «المتمردين يسيطرون على المدينة». وقبل ذلك بقليل قال الكولونيل جوما نركويو أحد قادة حركة التمرد: «استولينا على القصر الرئاسي. بوزيزي لم يكن بداخله.. كنا نعلم أنه ليس هناك». وقال قائد عسكري كبير من أفريقيا الوسطى: «الأكيد أنهم سيطروا على المدينة»، لكنه رفض التعليق على الوضع.

وقال مسؤول بالأمم المتحدة، إن حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية طلبت من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أمس، المساعدة في نقل عائلة رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى فرنسوا بوزيز بعد أن فر من بلاده.

وأفاد مصدر مطلع لوكالة الصحافة الفرنسية، بأن الرئيس «غادر البلاد على متن مروحية» دون تحديد وجهته. ويكفي عبور نهر أوبانغي لدخول مدينة زونغو في جمهورية الكونغو. وفي كينشاسا صرح الناطق باسم الحكومة لمبير ميندي بأن «الرئيس بوزيزي لم يطلب الدخول إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية ولم يأت، ولم يشر إلى قدومه».

وفي برازافيل قال وزير الخارجية الكونغولي بازيل إيكويبي: «لا أنا ولا رئيس الجمهورية (ساسو نغيسو) تبلغنا خبر وصوله إلى الأراضي الكونغولية».

من جانبه، قال متحدث باسم تحالف المتمردين المعروف باسم سيليكا في جمهورية أفريقيا الوسطى، إن التحالف الذي يضم عددا من الأحزاب، يريد تنظيم عملية انتقالية تفضي إلى إجراء انتخابات ديمقراطية. وأضاف المتحدث نيلسون نجادر في بيان: «بالسيطرة على بانغي ورحيل بوزيزي تحقق الهدف الرئيسي لكفاحنا». وتابع: «ينبغي لأبناء أفريقيا الوسطى أن يلتقوا حول مائدة ليرسموا طريق مستقبلهم المشترك الذي يمر بالضرورة بإدارة توافقية لعملية انتقالية تفضي عند اكتمالها إلى تنظيم انتخابات ديمقراطية».

ومن باريس أكد إريك ماسي الناطق باسم حركة التمرد، أن المتمردين «بصدد الانتشار في كل أنحاء العاصمة لشن عمليات تضمن الأمن وتحول دون عمليات النهب». وأفاد عدة شهود بأن مسلحين وبعض السكان اغتنموا الفرصة لارتكاب أعمال نهب في المحلات التجارية والمطاعم والمنازل والسيارات.

وقال المتمردون قبل سقوط القصر الرئاسي، إن «أفريقيا الوسطى فتحت عهدا جديدا في تاريخها». غير أن غي سيمليس كوديغي الناطق باسم الجبهة الجمهورية من أجل التداول على السلطة والسلام وهو ائتلاف سياسي يجمع عدة أحزاب معارضة وجمعيات من المجتمع المدني أعلن من باريس أمس، أن «الاصعب يبدأ الآن»، مؤكدا: «أمامنا عمل كبير في إعادة الإعمار الوطني لا نريد انتقاما، بل نحن في حاجة إلى الجميع». واعتبر أن «رئيس المرحلة الانتقالية يجب أن يعينه مؤتمر وطني سيادي بالتوافق».

ولم يظهر الرئيس الذي يحكم البلاد منذ عشر سنوات، علنا منذ زيارة قصيرة قام بها الخميس إلى حليفه الجنوب أفريقي جاكوب زوما في بريتوريا. ودعت بدورها الحكومة التشادية أطراف النزاع في أفريقيا الوسطى العودة إلى طاولة المفاوضات وفق اتفاق السلام المبرم في يناير (كانون الثاني) الماضي، وتركت الباب مفتوحا أمام الرئيس الفار فرنسوا بوزيزي في حال لجوئه إلى أنجمينا بأنها يمكن أن تدرس ذلك. وكشف مسؤول كبير في الحكومة التشادية فضل حجب اسمه لـ«الشرق الأوسط» عن رئيس بلاده إدريس ديبي أجرى اتصالا هاتفيا مع رئيس أفريقيا الوسطى فرنسوا بوزيزي أول من أمس دعاه إلى الجلوس مع المتمردين للتوصل إلى حل سياسي يجنب بانغي التمزق والاقتتال.

وفي باريس أكد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، أن رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى فرنسوا بوزيزي غادر بانغي العاصمة التي وقعت بأيدي المتمردين، من دون أن يشير إلى وجهته. وقال فابيوس في بيان: «مع تأكد رحيل الرئيس بوزيزي من بانغي، أدعو الأطراف كل إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس»، مشيرا إلى أنه «تم تعزيز» القوات الفرنسية في بانغي لضمان أمن الفرنسيين هناك.

وشن المتمردون هجوما في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) على شمال البلاد وحققوا الانتصار تلو الانتصار على القوات الحكومية المربكة قبل وقف تقدمهم نزولا عن الضغط الدولي على مسافة 75 كلم شمال بانغي. وأدت اتفاقات السلام الموقعة في ليبرفيل في 11 يناير الماضي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم وزراء من فريقي بوزيزي والمعارضة والتمرد. لكن المتمردين استأنفوا عملياتهم المسلحة يوم الجمعة الماضي بمبرر عدم احترام فريق بوزيزي الاتفاقات وأعلنوا أنهم يريدون تشكيل حكومة انتقالية في حال سيطرتهم على بانغي.

* بوزيزي.. الرئيس الفار

* جاء إلى السلطة عام 2003 عبر تمرد قاده ضد الرئيس آنج فيليكس باتاسيه.

* انتخب 2005 وأعيد انتخابه في 2011 في اقتراع طعنت فيه المعارضة بشدة واعتبرته «مهزلة».

* ولد في دولة الغابون في 14 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1946.

* التحق بالكلية الحربية ببانغي وأصبح «ملازم ثان» عام 1969 وتمت ترقيته إلى نقيب في 1975، ثم إلى عميد من قبل الإمبراطور جان فيدل بوكاسا في 1978.

* أصبح وزيرا للدفاع بعد الإطاحة ببوكاسا.

* فر بوزيزي إلى شمال البلاد مع 100 جندي بعد تورطه في محاولة انقلاب فاشلة يقودها آنج فيليكس باتاسي في 3 مارس (آذار) 1982.

* اعتقل في كوتونو، بدولة بنين في يوليو (تموز) 1989، وسجن وتعرض للتعذيب، وتمت تبرئته في 24 سبتمبر (أيلول) 1991 وأفرج عنه من السجن في 1 ديسمبر، وغادر إلى فرنسا حيث طلب اللجوء وبقي هناك لمدة عامين.