عودة مشرف إلى باكستان على الرغم من تهديدات طالبان

إسلام آباد تختار قاضيا متقاعدا لشغل منصب رئيس الحكومة المؤقت

برويز مشرف لدى عودته إلى مطار كراتشي أمس (أ.ف.ب)
TT

اختارت سلطات الانتخابات الباكستانية، أمس، القاضي السابق مير هزار خان خوسو، لتولي رئاسة وزراء البلاد، في فترة الاستعداد لإجراء الانتخابات في 11 مايو (أيار) المقبل.

واختير مير خوسو رئيسا لحكومة تصريف الأعمال المؤقتة، التي ستشرف على الانتخابات البرلمانية المقبلة في البلاد. يبلغ خوسو من العمر 84 عاما، ويتمتع بسمعة جيدة، وسبق أن عمل حاكما لإقليم بلوشستان، وقد تقاعد من منصبه كقاضٍ في المحكمة العليا عام 1991. واتفقت لجنة الانتخابات الباكستانية في نهاية المطاف على اختيار خوسو ليكون رئيسا لحكومة تصريف الأعمال، بعدما فشلت اللجنة التي ضمت زعماء من الحكومة والمعارضة في الاتفاق على تحديد اسم رئيس الوزراء المؤقت.

وأبلغ رئيس لجنة الانتخابات في باكستان فخر الدين إبراهيم وسائل الإعلام في إسلام آباد أنه بعد يومين من التشاور داخل اللجنة: «ناقشنا الأسماء الأربعة المعروضة أمامنا بصراحة ووضوح، وتوصلنا في نهاية الأمر لقرار اختيار مير هزار خان خوسو».

وتجدر الإشارة إلى أنه بعد مضي أكثر من أسبوعين من المفاوضات بين الحكومة والمعارضة، فشل الجانبان في التوصل إلى اتفاق حول اسم رئيس الوزراء المؤقت، مما أدى بعد ذلك إلى إحالة الأمر برمته إلى لجنة الانتخابات في باكستان.

وأوضح رئيس الوزراء المؤقت أنه سيتم إجراء الانتخابات وفقا للجدول الزمني المقرر يوم 11 مايو، مشيرا إلى أن أولوياته القصوى هي إجراء انتخابات حرة ونزيهة. وتعهد القاضي خوسو، أمس، بتوفير الدعم لإجراء انتخابات شفافة في 11 مايو المقبل. وقال خوسو: «هذه المهمة تقع أساسا على عاتق رئيس لجنة الانتخابات و(لكننا) سوف نقدم كل ما يحتاجه منا من مساعدة». وأضاف: «إنني أحمل عبء ثقة المواطنين». إلى ذلك، أنهى الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف، أمس، أكثر من 4 سنوات أمضاها في المنفى بين لندن ودبي، وعاد «لينقذ» باكستان «مجازفا بحياته» متحديا مقاتلي طالبان، الذين توعدوه بالقتل لدى عودته.

وحطت الطائرة التي أقلعت من دبي، وعلى متنها الرئيس السابق الذي حكم البلاد منذ انقلاب 1999 حتى استقالته في 2008 في كراتشي. ووصل الرئيس الذي ارتدى للمناسبة قميصا طويلا أبيض تقليديا مع عشرات من أنصاره المقبلين من كندا والولايات المتحدة وبريطانيا والذين كانوا يرددون خلال الرحلة الجوية «العمر الطويل لمشرف». وقال مشرف: «عدت اليوم إلى بلدي, أين هم من قالوا إنني لن أرجع أبدا؟». وأعلنت حركة طالبان باكستان الموالية لتنظيم القاعدة، أول من أمس، أنها «أعدت وحدة من الانتحاريين خصيصا (لقتل) مشرف» لدى عودته.

وقد نجا مشرف عندما كان رئيس القوة النووية العسكرية الوحيدة في العالم الإسلامي, من 3 اعتداءات نفذتها ضده مجموعات إسلامية تحظى بدعم كبير في هذا البلد المضطرب الذي يبلغ عدد سكانه 180 مليون نسمة، والمجاور لأفغانستان.

وبسبب تلك التهديدات، نقل تجمع أنصاره الذي كان مقررا عند ضريح مؤسس باكستان محمد علي جناح, إلى المطار، وهو مكان أكثر أمانا. لكن التجمع ألغي ظهر أمس، بسبب تهديدات أمنية، مما أرغم الجنرال المتقاعد على ارتجال مؤتمر صحافي. وصرح مشرف: «قال لي شعبي أن أعود لإنقاذ باكستان، حتى ولو على حساب حياتي. أريد أن أقول للذين يطلقون التهديدات: إني مبارك من الله». وأضاف: «لا أخشى سوى الله, وبعودتي أعرض حياتي للخطر».

واعلنت حركة طالبان في باكستان أمس انها شكلت فريقا خاصا لاغتيال مشرف. وقال عدنان رشيد الذي هرب من السجن بعد إدانته بمحاولة اغتيال مشرف في التسجيل إن الحركة ستلاحق مشرف. وتعتبر حركة طالبان باكستان التي تندد بتحالف إسلام آباد مع الولايات المتحدة الذي بدأ في عهد مشرف، إثر اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، المسؤولة الرئيسية عن موجة اعتداءات غير مسبوقة, معظمها انتحارية، أسفرت عن سقوط أكثر من 5700 قتيل في كل أنحاء باكستان منذ 2007.

وأضاف: «أين باكستان التي تركتها قبل 5 سنوات؟ إن قلبي اليوم يعتصر ألما للفقر والبطالة والتضخم»، داعيا إلى إنهاء الأعمال العدائية في كراتشي، التي تشهد حرب عصابات على خلفية تنافس سياسي وإثني واقتصادي. ويطرح مشرف، الذي لم تتعرض إدارة حكومته للشؤون المدنية إلى الانتقادات نفسها التي وجهت الحكومة التي خلفته المتهمة بالفساد وعدم الكفاءة, نفسه «بديلا» للأحزاب التقليدية في انتخابات 11 مايو.

لكن تحالفه مع واشنطن، بعد 2001، الذي كان بداية عقد دامٍ, ما زال يثير انتقادات شديدة، ويرى كثير من المراقبين أنه فقد قاعدته الانتخابية، ولا يبدو قادرا على تغيير نتائج الاقتراع مع حزبه السياسي، الذي أسسه في 2010 في المنفى. ولم يخفِ مشرف (69 سنة) سروره بالعودة، ونشر على حسابه على «تويتر» و«فيس بوك» صورا التقطت لدى صعوده إلى الطائرة، وأخرى وهو جالس فيها.

وقال مشرف قبل الصعود إلى الطائرة في دبي: «لا أشعر بالتوتر، لكني قلق لبعض الأمور الغامضة» المرتبطة بـ«الإرهاب» و«التطرف» و«الإجراءات القضائية» (الجارية ضده) و«الانتخابات».

وصرح لمجلة «در شبيغل» الألمانية بأنه «ينوي (تحرير) باكستان من الإرهاب الذي يدميها منذ سنوات. لكنه مهدد بعودته لخطر الاعتداء, مما يثير توترا كبيرا لدى وصوله».

وقد أعلن مشرف مرارا عودته إلى البلاد قبل العدول عن ذلك، خشية اعتقاله لدى وصوله، لأنه صدرت بحقه 3 مذكرات توقيف. لكن القضاء الباكستاني أكد له، أول من أمس، أنه سيفرج عنه بكفالة، الأمر الذي أتاح له العودة.