الخطيب يعلن استقالته.. والائتلاف يرفضها

هيتو يزور حلب.. و«الجيش الحر» يرفض الاعتراف به رئيسا للحكومة المؤقتة > اجتماع العلويين يختتم بالدعوة للتخلي عن الأسد

صورة مأخوذة من موقع فيسبوك لرئيس الحكومة السورية المؤقتة غسان هيتو مع مسؤول محلي في حلب خلال زيارته المفاجئة إلى المدينة أمس («الشرق الأوسط»)
TT

في خطوة أربكت الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، أعلن معاذ الخطيب رئيس الائتلاف، استقالته، بسبب ما سماه بتجاوز «الخطوط الحمراء». ومما زاد من ارتباك المشهد أن إعلان الاستقالة جاء بالتزامن مع اجتماع وزراء الخارجية العرب في الدوحة، عشية القمة العربية، الذي كان يبحث شغل الائتلاف الوطني مقعد سوريا في اجتماعات الجامعة العربية. غير أن قيادات الائتلاف أعلنت في وقت متأخر من مساء أمس رفض استقالة الخطيب، ودعته إلى العودة إلى عمله رئيسا للائتلاف.

وقال بيان صدر بالإنجليزية، مساء أمس، عن الائتلاف الوطني، إن «المكتب الرئاسي في الائتلاف لم يقبل استقالة السيد معاذ الخطيب، وطلب من الهيئة العامة التقرير في هذا الشأن»، مضيفا أن أعضاء الهيئة «لم يقبلوا الاستقالة كذلك، وهم يطلبون من السيد الخطيب العودة إلى عمله كرئيس للائتلاف».

وختم البيان: «وبالتالي، سيستمر السيد الخطيب في إدارة الائتلاف في هذه المرحلة، بحسب اتفاق أعضاء الهيئة العامة»، حسبما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية. غير أنه من غير الواضح ما إذا كان الخطيب سيعود إلى ممارسة مهامه أم لا.

وجاء رفض الائتلاف استقالة الخطيب بالتزامن مع دعوة وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني للخطيب لإعادة النظر بقراره، وقال إنه «يأسف» لاستقالة زعيم الائتلاف الوطني السوري.

وأعلن الخطيب استقالته على صفحته على موقع «فيس بوك» للتواصل، وقال: «كنت قد وعدت أبناء شعبنا العظيم، وعاهدت الله أنني سأستقيل إن وصلت الأمور إلى بعض الخطوط الحمراء، وإنني أبر بوعدي اليوم، وأعلن استقالتي من الائتلاف الوطني، كي أستطيع العمل بحرية لا يمكن توفرها ضمن المؤسسات الرسمية».

وانتقد الخطيب الدول الداعمة للمعارضة، معتبرا أن «كل ما جرى للشعب السوري من تدمير في بنيته التحتية، واعتقال عشرات الألوف من أبنائه، وتهجير مئات الألوف، والمآسي الأخرى ليس كافيا كي يُتّخذ قرار دولي بالسماح للشعب بأن يدافع عن نفسه».

وتأتي الاستقالة في أعقاب انتخاب المعارض غسان هيتو، الثلاثاء الماضي، في إسطنبول، رئيسا لحكومة الائتلاف التي ستتولى إدارة المناطق الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة، في خطوة تلاها تعليق عدد من المعارضين البارزين عضويتهم في الائتلاف.

وقال مصدر سوري معارض في الدوحة إن «الخطيب لا يريد أن يشكل غطاء لسياسات دول تتدخل في شؤون المعارضة، وخاصة قطر»، مضيفا أن لديه «مآخذ على انتخاب هيتو القريب من (الإخوان)».

وكان برهان غليون رئيس المجلس الوطني وعضو الائتلاف السوري رجح في وقت سابق، أمس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن سبب استقالة الخطيب ترجع إلى «الضغوط الخارجية وعدم التزام المجتمع الدولي بالتزاماته التي وعد بها لتقوية صفوف القوى الثورية» السورية. واستبعد غليون أن يكون سبب استقالة الخطيب رفض الجيش السوري الحر شخصية غسان هيتو في منصب رئاسة الحكومة المؤقتة.

أما عقاب يحيى عضو الائتلاف، قال لـ«الشرق الأوسط» إننا «سنجتمع مع الخطيب غدا (اليوم، الاثنين) في مقر الائتلاف، ولم أتفاجأ بقرار الخطيب بسبب المشاكل والخلل الذي يكمن داخل الائتلاف»، مضيفا أن «الأسباب المباشرة وراء استقالة الخطيب هي آلية عمل الائتلاف كمؤسسة، والقوى الموجودة فيه، والضغوط التي يتعرض لها من أطراف خارجية، ومستوى الدعم الذي لم يصل، وطريقة اختيار وانتخاب رئيس الحكومة المؤقتة».

بينما اعتبر هيثم المالح المسؤول القانوني في المكتب السياسي للائتلاف أن استقالة الخطيب غير قانونية، لأنه لم يقدمها رسميا بعد إلى الائتلاف السوري في أول اجتماع له، مشيرا لـ«الشرق الأوسط» إلى أن إعلان الاستقالة على «فيس بوك» مجرد تعبير عن رأي وموقف ولا تعد استقالة قانونية إلا بعد تقديمها وقبول الائتلاف لها. وجاءت هذه التطورات بينما وصل هيتو إلى محافظة حلب في شمال سوريا، التي يسيطر المقاتلون المعارضون على أجزاء واسعة منها.

وأتت زيارة هيتو متزامنة مع إعلان الجيش السوري الحر رفضه الاعتراف به لعدم حصوله على توافق وسط أعضاء الائتلاف.

وجاء في الصفحة «عقد رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة السورية المؤقتة، الأستاذ غسان هيتو، اجتماعا استمر لمدة ساعتين مع وفد ضم أعضاء من المجلس المحلي لمحافظة حلب وممثلين عن مجلس القضاء الموسع»، وأضافت أن الاجتماع جرى «في محافظة حلب في أجواء إيجابية». وقال رئيس المجلس يحيى نعناع الذي شارك في اللقاء، إن «الزيارة كانت جيدة، ولدي انطباع بأن هيتو يريد فعلا أن يحاول مساعدتنا للحصول على الدعم الذي نحتاج إليه».

وأشار إلى أن «نائبة رئيس الائتلاف سهير الأتاسي رافقت هيتو في زيارته»، موضحا: «ناقشنا معهما الحاجات الإنسانية الطارئة في حلب. قالا إنه علينا تقديم مشاريع، وسيقومان بما في وسعهما». وأظهرت صور عرضتها الصفحة هيتو بعد عبوره برفقة عدد من الأشخاص المدنيين والمسلحين، معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا، الذي يسيطر عليه مقاتلو المعارضة. وبدا في الصورة عبد القادر صالح، قائد لواء التوحيد، أقوى المجموعات المقاتلة في حلب. وأوضحت الصفحة أن هيتو زار مقر قيادة اللواء.

إلى ذلك، اختتم، أمس، مؤتمر المعارضة العلوية، الذي بدأ أول من أمس (السبت)، في القاهرة.

وأصدرت المعارضة العلوية، أمس، بيانا سياسيا تضمن 12 بندا، أهمها دعوة لكل المؤيدين وعناصر الجيش السوري، على اختلاف انتماءاتهم، وخاصة العلويين، بالتوقف الفوري عن دعم الأسد.

واتفق المؤتمرون على أن «الدمج بين النظام الحاكم والطائفة العلوية هو خطأ سياسي وأخلاقي قاتل»، و«الثورة السورية هي ثورة الشعب بكل أطيافه». ولم تكتفِ المعارضة العلوية بالمطالبة بإسقاط النظام السوري فحسب، بل وتفكيك بنية النظام الشمولية التي أقامها، وبناء دولة مواطنة للجميع. وأكد البيان أن الشجاعة التاريخية تقتضي من العلويين الوقوف مع الشعب السوري، ورفض محاولة اختطافهم من قبل الأسد ورموزه.

واتفق أعضاء المعارضة العلوية أيضا على أنه «ليس من حق أحد إعطاء تطمينات إلا الشعب نفسه». وقال الأعضاء في بيانهم إن النظام السوري يكذب حين يقول إنه حامٍ للأقليات، ويحاول بها تخويف السوريين من التشدد الإسلامي المحتمل المقبل، على حد زعم النظام. ولم يتهاون العلويون، وفقا لبيانهم، عن الأخطاء التي ترتكب باسم الثورة من أي طرف كان. وقال وحيد صقر المعارض العلوي لحكم الأسد إن «المؤتمر عبارة عن صرخة أخيرة للعلويين في الوقت الميت، بعد سنتين من القمع الممنهج وقتل عشرات الآلاف، بالإضافة إلى دمار البنية التحتية لسوريا، وعلى العلويين وضباط الجيش السوري النأي بأنفسهم عن هذا النظام المتهالك».